جهود حكومية للتغلب على تحدياتها
صنعاء/سبأنت:تبذل الحكومة اليمنية جهودا كبيرة للتغلب على مشكلة شحة المياه وندرتها التي بدأت مؤشراتها تلوح في الافق في عدد من الاحواض المائية كحوض صنعاء وتعز وصعدة وإب.ولعل توجيهات فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في خطابه عشية الاحتفال بالعيد الوطني السادس عشر للجمهورية اليمنية، للحكومة بانشاء محطتي تحلية في المخا والحديدة لحل أزمة المياه في محافظتي تعز وصنعاء، تعكس التوجه الجاد للحكومة للتغلب على هذه التحديات.ويمثل اختلال التوازن بين المتاح في المخزون الجوفي من المياه والتغذية السنوية له من جهة والطلب المتزايد في ظل تزايد السكان بمعدل سنوي قدره 2ر3 بالمائه بموجب التعداد السكاني الاخير، من جهة اخرى يشكل جانباَ مهماَ من جوهر مشكلة شحةالمياه وندرتها التي زادت من تعميقها خلال السنوات الاخيرة عمليات الاستنزاف العشوائي خاصة في زراعة القات التي تستحوذ على 90 بالمئه من اجمالي المياه المستخدمة في الزراعة، الى جانب الحفر العشوائي للابار، وتناقص منسوب معدلات الامطار الساقطة سنويا، الى جانب انجراف تربة الوديان والمدرجات الجبلية مما يجعل مياه الامطار تذهب دون استفادة الخزانات الجوفية منها.وبحسب الدراسات فان معدل التغذية للاحواض الجوفية لا تتجاوز سنويا 250 مليار متر مكعب، والاستهلاك السنوي من المخزون يتجاوز 350 مليار متر مكعب، وتقدرالعجر السنوي بحوالي 900 مليار متر مكعب.وأدت مشكلة شحة المياه في اليمن التي ولدها وقوع اليمن في منطقة جافة لاتوجد فيها أي أنهار دائمة الى تدني حصة الفرد السنوية من المياه الى 125 متراً مكعباً في السنة, اي ما يعادل10 من كمية المياه التي يحصل عليه الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والمقدرة بـ 1250مترا مكعبا, و2 من المعدل العالمي لحصة الفرد والبالغة 7500 مترا مكعبا، وهو ما دفع المنظمات الدولية الى تصنيف اليمن ضمن عشر دول من افقر بلدان العالم بالمياه.ومثل التدهور الحاد في الموارد المائية تحديا كبيراَ أمام الدولة، وفرض على الحكومات المتعاقبة خلال الـ 16 عاماالماضية تبني سياسات مائية فاعلة لمواجهة هذا التحدي بدأت بتدشين اصلاحات جزئية في قطاع المياه منتصف التسعينات، تضمنت انشاء الهيئة العامة للموارد المائية واعتماد برنامج إصلاح ناجح للمياه والصرف الصحي في الحضر, الى جانب استحداث صندوق لتشجيع الانتاج الزراعي والسمكي لرفع الانتاجية في الريف وتمويل منشآت عديدة من سدود وحواجز مائية لتوفير مزيد من المياه للمزارعين وتحسين الانتاجية من خلال ترشيد استخدام المياه في الري الزراعي.وارتفعت الاهتمامات بقضايا المياه في اجندة الحكومة بتخصيص حقيبة وزارة للمياه والبيئة عام2003م، وذلك ادراكا للترابط الشديد بين توفير المياه من جهة والصحة العامة والبطالة والفقر وتعليم الفتيات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية عموما ًمن جهة اخرى، حيث سعت الوزارة اولا الى وضع رؤية واضحة لأولويات عملها والمعالجات المطلوبة لمشكلات المياه والبيئة على ضوء تقييم موضوعي لأوضاع القطاع بمختلف تفرعاته من موارد مائية ومياه حضر ومياه ريف ومياه ري وبيئة.وتمكنت الوزارة احداث اصلاحات في الجوانب التشريعية وتقوية البناء المؤسسي للادارة المتكاملة للمياه والصرف الصحي وتنمية الكوادرالعاملة في قطاع المياه والصرف الصحي، الى جانب رفع الوعي الجمعي باهمية ترشيد استخدام المياه، والبحث عن حلول وبدائل للتغلب على مشكلة شحة وندرة المياه كعمل خزانات لحصاد مياه الامطار وغيرها.ومن الانجازات التي ينبغي الاشارة اليها في الجانب التشريعي اصدار قانون المياه والبيئة الذي ينظم عملية استهلاك المياه ويحد من الحفر العشوائي للابار،ويضع قيودا وشروطا لدخول الحفارات الى البلاد وتحركاتها.وفي المجال المؤسسي لاصلاح قطاع المياه تم إنشاء مؤسسات محلية للمياه والصرف الصحي في كل محافظة تتمتع بالصلاحيات الكافية وفقا للتوجهات اللامركزية،اضافة الى التنسيق مع السلطات المحلية والمجالس المحلية للمساعدة في ضبط عمليات الحفر العشوائي للابار والتنقل غير القانونية للحفارات.كمااستطاعت وزارة المياه والبيئيه ايجاد استراتيجية وطنية لقطاع المياه وبرنامج استثماري للاعوام 2005-2009م، والتي حددت خمسة أهداف رئيسية لإدارة الموارد المائية شملت تأمين أقصى درجة ممكنة من الإستدامة, إيلاء الأولوية للأحتياجات المنزلية لسكان الريف والحضر, تحسين تحصيص المياه مع مراعاة العدالة والاعراف الإجتماعية وتلبية الإحتياجات المنزلية وتحقيق أكبر مردود اقتصادي ممكن, وخلق رؤية واقعية وشاملة لدى المجتمع حول المياه والإسهام في التخفيف من الفقر عن طريق تشجيع الإستخدام الكفوء للمياه والعدالة في تحصيصها.وحددت الاستراتيجية الاستثمارات المطلوبة خلال السنوات الخمس بحوالي 5ر1 بليون دولار, فيما قدرت الفجوة التمويلية بحوالي 560 مليون دولار. وحددت الاستراتيجية اولويات للعمل في قطاع المياه تحقق الاهداف الاجتماعية والاقتصادية لقطاع المياه وذلك لتجاوز الازمة المائية ابرزها تغطية الاحتياجات المنزلية الأساسية, وتسهيل استخدام المياه في القطاعات الاقتصادية كالصناعة والسياحة, الى جانب العمل على تحقيق أقصى عائد ممكن لكل متر مكعب من المياه المستخدمة في الزراعة, وحماية البيئة واستدامة الموارد من خلال حماية المياه من التلوث وتفادي نضوب الخزانات الجوفية.وأفردت الاستراتيجية مساحة واسعة لشراكة القطاع الخاص لانجاح جهود الادارة المتكاملة للموارد المائية من خلال تشجيع القطاع الخاص للعب دور هام في تمويل جزء مهم من احتياجات قطاع المياه الاستثمارية مثل خدمات توصيل المياه بالناقلات وشبكات المياه الاهلية والإمداد بالمياه المعبأة.. الى جانب عمل الحكومة على ترشيد الاستثمارات الممولة من المساعدات الدولية بما يكفل استغلال الجزء الأكبر منها والعمل على ان يرتفع تدريجياً بمرور الوقت ما يخصص من هذه المساعدات للإستثمار في البنى التحتية المتضمنة خطط إدارة الموارد المائية للأحواض المستهدفة.