فضاء
التربية المدنية من المفاهيم التي جاءت بها مرحلة ما بعد الحرب الباردة اقتضتها ظروف دولية وضرورات إنسانية ،ويمكن توضيح مفهوم التربية المدنية أو التربية المواطنية في سعي المدرسة إلى اعداد الطالب والطالبة للمواطنة الفاعلة وتعريفه بحقوق وواجباته ، واكسابه المعلومات والقيم والمهارات التي تمكنه من ادراك هذه الحقوق والواجبات ، بحيث تصبح معياراً يتصرف على اساسه.كما تهتم هذه التربية باكساب الطلاب القدرة على التفكير في القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تفكير ناقداً ولضمان ذلك يقتضي العمل على تحقيق الهدف التربوي بجوانبه الثلاثة المعرفي والوجداني والسلوكي.فليس كافياً ان يقدم المعلم المادة المعرفية للطالب فحسب ، ولكن عليه ايجاد جو وجداني لتقبل ما يقدمه وعندها يمكن ترجمة المعرفة إلى سلوك مدني متحضر .والتربية المدنية وفق هذا المفهوم تعبر عن منظومة من القيم الحضارية الجديدة التي تتعارض وتتقاطع مع الموروث والجديد من القيم الثقافية المكرسة للاستبداد ورفض الآخر ، وادعاء امتلاك الحقيقة ، وتمجيد القوة وشيوع العصبية بتعدد اشكالها واختلاف الوانها غير الزاهية ، ولما يمكن ان تكتسبه التربية المدنية من طابع انساني عام ، تساعد على خلق علاقات ارقى على الصعيد الدولي قائمة على التفاهم والتعاون والالتفات إلى القضايا الاكثر الحاحاً في العالم مثل قضايا الحروب والنزاعات المسلحة والفقر والصحة والبيئة .ان سيادة البنى التقليدية في مجتمع يزيد من أهمية التربية المدنية وتربية النشء على روح المواطنة بما يضمن تعزز مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ، ولخلق علاقات انسانية رفيعة تنتصر للحياة يقول " جون هايل" ان التربية المدنية قد تكون في الواقع أكثر أهمية في الديمقراطيات الناشئة منها في الديمقراطيات الراسخة كالولايات المتحدة ويضيف " مع أن هناك آليات ديمقراطية معتمدة في العديد من البلدان النامية في مختلف ارجاء العالم إلا ان مواطني هذه البلدان يفتقرون في معظمهم إلى ما يلزم من معرفة ومهارات ومواقف للمشاركة بصورة واعية في اعمال الحكم، وان المربين من بلدان لاوجود فيها للثقافة الديمقراطية يقدرون دائماً خبرة ومشورة المربين من بلدان لديها تقاليد ديمقراطية راسخة ولكنه يشدد على أن عناصر التربية المدنية يجب ان تنمو محلياً .