غضون
* من المؤكد أن دور الخبراء عظيم الشأن.. أكان هؤلاء الخبراء سياسيين مجربين أو مفكرين أو مستشارين أو أكاديميين ضليعين في تخصصاتهم.. لكن ليس صحيحاً أن يعتمد رئيس أو وزير أو مدير أو أي شخص معني بإدارة شؤون المجتمع على الخبراء أو «النخبة» ويشكل من خلالهم دائرة تعزله عن الجمهور أو عامة الناس, ذلك لأن الجمهور لديه نصف الآراء والأفكار والحلول, وتكون «العامة» عادة هي مصدر أخصب التجارب.* لذلك لا ينبغي تحويل الخبراء وأهل التخصص إلى آلهة تشرع وتفكر للناس نيابة عنهم, ففي حالات كثيرة تعتمد السلطات على آراء واستشارات الخبراء لكي تتخذ قراراً ما أو تقرر مشروعاً ما يتعلق بالعامة أو الجمهور, وتكتشف إنها عندما تمنح هؤلاء العامة فرصة التعبير عن احتياجاتهم وقراراتهم تحصل منهم على آراء وأفكار أفضل من تلك التي حصلت عليها من الخبراء, بل ومختلفة عنها تماماً لأن الناس هم الأخبر بشؤونهم وظروف بيئتهم.* في ورشة عمل جاء إليها عشرات المتدربين جلست أتابع ما يجري داخل قاعة التدريب التي تديرها امرأة مجربة في ميدان التدريب على التفكير.. هي لم تقدم لهم معارف ولم تقترح عليهم أن يفعلوا كذا أو كذا ولم تنقل لهم خبرات ومهارات جاهزة.. كل ما فعلته أنها شجعتهم على المناقشة ونظمت الحوار وكانت تسجل ما يقولونه على السبورة.. دعتهم إلى طرح مشكلة محددة وواقعية ثم طلبت منهم أن يقوموا هم بتقديم آرائهم حول أسباب المشكلة وآثارها وكيف يمكن حلها وماذا تتطلبه عملية الوصول إلى الحل..؟* استخرجت منهم أفكاراً حول كل تلك القضايا, وقالت لهم هذه آراؤكم وأفكاركم وأنا أؤكد أنها صحيحة.. ثم مالت نحوي وقالت لي: خطأ كبير أن نفترض أن الناس جهلة.. ولاحظ أن هؤلاء استطاعوا من خلال المشاركة التعبير عن المشكلة بصورة صحيحة وهم الذين وضعوا حلاً لها وهم الذين يثقون الآن أنهم سيصلون لذلك الحل..!