الشاعر الراحل : “عبدالله هادي سبيت”
إسكندر عبده قاسمشاعرنا من حوطة لحج ولد فيها وترعرع.وتعلم في مدرستها المحسنية تم أصبح مدرساً فيها حقبة من الزمن.ثم أصبح وكيلاً للمعارف اللحجية سنة 1948م.[c1]كيف بدأ الشعر؟[/c]لذلك قصة بسيطة.أن المرحوم الأمير أحمد مهدي بن علي كانت له جلسات وسمرات في خلوته وكان ذلك حوالي 1936م وفي تلك الأيام كان الأمير عبدالله بن عثمان سلطان الفضلي- نازلاً ضيفاً عليه في لحج.وكان المجلس يضم دائماً الشاعرين الأستاذ المربي المرحوم حسن أفندي والشاعر مسرور مبروك.وكانت تثار بينهما مساجلات شعرية.وكان والد شاعرنا يحضر هذه الجلسات ويصطحب معه ابنه الذي كان فضولياً إذ كثيراً ما أراد أن يجاري الشاعرين فيسكته والده.ومن ذلك الحين أحس الشاعر بقوة عنيفة تدفعه لأن يقول الشعر.وقد كان.وبدأ الشعر الحميني القومي بحسب مجالسته لشعراء لحج.ثم دفعته الأعياد والمناسبات لأن يجرب الشعر العربي وقد أجاد[c1]شخصيته؟![/c]*الشاعر عبدالله هادي شخصية عجيبة يحار الكثيرون في فهمها وإدراكها لأنها شخصية عجيبة مثالية في زمن يكفر أهله بالمثل العليا والمثاليين ولد فنانا والفنان شديد الحساسية يتأثر بالهواء والكلمة العابرة وبالفكرة الغامضة.أما محصوله الثقافي فمتوسط إذا لم يتلف علومه في الجامعات.وإن أخذ النصيب المطلوب من الاطلاع وبيئته جاهلة متزمتة كل هذه العوامل خلقت من عبدالله هادي شخصية حائرة مكبوتة.بلاده وبيئته تشقى بالجهل.وتشقى بحكامها وهو شخص حساس يرى الظلم.ويسمع الأنين.فيمسك القلم ويترجم به شعور أمته في قصيدة ثم ينصح ما وسعه النصح ويرجع آخر الأمر فيرى كلامه قد ذهب هباء فيتألم ويحترق.ولكن روحه قوية بالرغم من ضعفه.ومعنوياته عالية ومتجدده بالرغم من شكاته وما أحجامه وحيرته وشكاته إلا إذكاء لروح المقاومة الجبارة.وما احتراقه إلا كاحتراق الحديد يزيده ذلك قوة ومتانه ومنعه.لذلك ترىفي شعره مسحة من الحزن والألم لا تفارق معظم قصائده والمتأمل في قصيدته آمال فآلام يرىصورة حية صادقة عن شخصية عبدالله هادي.حياته جلها حزن وألم وأسى.حزن على الحالة الاجتماعية.وألم من الحياة السياسية وأسى على اضطراب المعيشة والمحيط العائلي.ثم هناك حزن في قلبه لا نستطيع أن نصوره إلا بعد الإمعان الشديد في قصائده الماضية وقصائده المقبلة.والمتعمق في دراسة شخصيه الشاعر سيرى بعد التمحيص إن شعر ابن هادي وشخصيته تتركز في كلمة واحدة الوطن فهو يحب هذه البلاد ويحب كل من يسعى لخير البلاد فإن أفتخر أفتخر ببلاده وأمته وأن نصح نصح لبلاده وأمته وهو آخر الأمر أن تغزل فإنما يتغزل في بلاده.فنفسه قد أشربت حب هذا الوطن وحب أمته.ولكن هذا الحب كلفه غالياً.كلفه راحته وسلواه كلفه الحب أن يحرق شبابه على مذبح الوطنية دون أن يجد لما يقول صدى.[c1]هناك على حقات أصبحت مزنهتذاب ولكن في هشيم من الناس [/c]والذي يقرأ قصيدته في عيد رأس السنة الهجرية 1369 والتي يقول في مطلعها[c1]امل يترجمه الشعور قصيداومني يرددها الفؤاد نشيدا[/c]يراه يقول..[c1]وجعلت من وطني حبيباً حبهيملي الشقاء فيكتب التخليدا ما أن شقيت به وذبت صبابةألا طلبت من الشقاء مزيداً [/c]إذاً فشاعرنا يفهم أن حبه لهذا الوطن سيجلب له الشقاء وهو راضي بهذا الشقاءبل يطلب منه مزيداً.ولكن من هو سبب هذا الشقاء؟يجيبك الشاعر فيقول:[c1]في أمه أحييتها في خافقيأملاً وعشت بحبها مصفودا ما أن بعثت بصيحتي في سمعها ألا ولاقت جفوة وجحودا [/c]ولكنه بالرغم من ذلك كله يستمر يخاطبها فيقول:[c1]يا أمه الوطن الحد الخصيب تيقظي قد فاز من قطع الحياة جهودايا أمه الوطن الأغر تجلديأن الحياة لمن يعيش صمودا يا قوم من قطع الحياة منظماًأمسى على جيد الزمان نضيدا[/c][c1]المرأة والشاعر[/c]ويقول الأستاذ عبدالله علي الجفري في ديوان الدموع الضاحكة والذي صدر عام 1953م للشاعر عبدالله هادي سبيت عندما كنت في جدة وأرسل الشاعر قصيدته اعتراف والتي يقول في مطلعها[c1]نظرة من مقلتيها تسلم الروح إليها[/c]فعرضت القصيدة على أحد شعراء الحجاز.فما أن أتم قراءتها حتى قال “إذا كانت له حبيبة فإنها تصد عنه بسرعة”فقلت له “أصبت لأنه يتطلب شيئاً فريداً يطلب من المرأة فوق طاقتها”والمرأة وليدة المجتمع فإذا كان هذا المجتمع أغلبيته كبيرة ممن يحملون آراء الشاعر فإن المرأة ستكون عند حسن ظنهم بها.أما والمرأة في بلادنا بل وفي بلدان أخرى تعيش في مجتمع مادي وجاهل فالعكس يكون.ويكون الشاعر أو الرجل مغال ومكابر عندما يطلب من المرأة أن تلعب دوراً آخر لا تعرفه ولا تفهمه ولا تعتقده وهي ليست متعلمة.بل أنها إذا كانت متعلمة فإنها ستفهمه ولكنها لا تستطيع أن تقاوم تيار المجتمع الجاهل المادي بأي حال من الأحوال.إلا أنني أؤكد أن الشاعر أو أي رجل يستطيع أن يجد في مجتمعنا امرأة مخلصة فقط.ولا يطلب منها أكثر من ذلك. وهذا قليل بالطبع.وهذا ما يطمع فيه رجل مفكر يفهم أنه إذا أراد من المرأة أكثر من ذلك لا ا فسدها.وأفسد طبيعتها لأنها لا يسعها إلا التقليد الأعمى المبني على الجهالة والعياذ بالله.والقارئ إذا تصفح قصيدة “حواء” فسيرى اعتراف الشاعر أن ما يصبو إليه من جمال المرأة المادي والروحي إنما هو خيال في خيال“أنا لن ألقاك إلا في خيالاتي وحدسي؟!”