صـباح الخـير
الانتخابات الأخيرة التي شهدتها بلادنا هذا العام تمثل خطوة على طريق الألف ميل كما يقولون، وبصرف النظر عن من فاز فيها أو فشل، فقد اكتسبت منحى نوعياً جديداً في تعميق وترسيخ الممارسة الديمقراطية الوطنية.والجديد في هذه الانتخابات هو طبيعة الخطاب السياسي والإعلامي الذي بدأ يظهر ما بعد الانتخابات ويومئ إلى طبيعة الإجراءات والتدابير والقرارات الضرورية والملحة الواجب اتخاذها عملياً في مواجهة الفساد وفي تفعيل الإدارة وتحسين آليات عملها والاستفادة من الكوادر المهملة والمركونة منذ زمان ليس بالقليل.والإعلان عن السماح بوجود قنوات فضائية خاصة، ورفع سقف الحريات الإعلامية في اليمن مؤشر جديد على الاستجابة لروح التطوير والتجديد في أساليب عملنا الديمقراطي، وحري بنا في هذا السياق أن نبدأفي تحويل تلفزيون عدن إلى قناة فضائية ثانية للجمهورية اليمنية الآن، لنستعد في منافسة القنوات الخاصة المزمع ظهورها في قادم الأيام، كما أن إحداث نهوض اقتصادي شامل في البلاد تفضي مضاعفة مشاريع البنية التحتية، بتوفير الماء والكهرباء والطرقات والاتصالات والمجاري في كل أنحاء البلاد، وتحسين مجالات الاستثمارات لثرواتنا النفطية والغازية والمعادن والثروة السمكية والزراعية، والصناعات على أختلافها.ولن يتأتى ذلك كله إلا بتنمية القوى البشرية ومحو الأمية الأبجدية والسياسية وتنمية وعي المواطن ومداركه، لاستيعاب المهام الملحة وتفاعله معها بجدية واقتدار، وأن نحسن أساليب التخطيط والتنظيم في كل جوانب ومجالات نشاطنا الاجتماعي، وتعميق الثقافة القانونية عند كل مواطن ليعرف حقوقه وواجباته، ليكون أكثر إيجابية في مجال عمله وألا يسمح بتجاوز المنطق واللوائح المنظمة لنشاط الهيئة أو المؤسسة أو الجهاز الذي يعمل فيه، وأن يسهم مع الآخرين في مراقبة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين يسرقون حقوق الآخرين.ولو مارس كل مواطن دوره في الرقابة والمحاسبة وساهم في مواجهة الأخطاء والسلبيات في مجال عمله وحيثما يكون في الباص وفي السوق، وداخل حزبه أو منظمته الاجتماعية ونقابته، لما كان للفساد وجود، ولما كانت الفوارق قائمة في بيئتنا الاجتماعية، ولما كان هناك انحسار للقيم الإنسانية والأخلاقية في مجتمعنا.إن فترة ما بعد الانتخابات هو العمل على التجسيد العملي لخياراتنا في إعادة بناء الإنسان اليمني الجديد المتحرر من الفقر والعوز والحاجة، والجهل والمرض، المتحرر من كل الموروثات التي تعيق تحقيق ذاته وتعزيز كرامته كانسان وكمواطن فعال اجتماعياً، وهذا هو مغزى وجودنا وكينونتنا كيمنيين أحرار نسعى إلى صنع حياتنا ومستقبلنا المشرق وذاك هو ملمح توجهاتنا الجديدة ما بعد الانتخابات وكل انتخابات اليوم وغداً، فالتطبيق والتنفيذ والإنجاز هو المعيار الأول والأخير للانتخابات .
