من وقائع الفعالية
متابعة/ عبدالله الضراسي :دشن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع محافظة لحج برنامجه الثقافي الرمضاني بهذا الشهر الفضيل بفعالية القراءة الأدبية والنقدية للمشهد الشعري الغنائي للشاعر الغنائي الكبير الراحل مهدي علي حمدون مساء يوم الإثنين الماضي السادس عشر من شهر أغسطس الجاري بمقر فرع الاتحاد بحوطة لحج، حيث قدمت مداخلات أدبية ونقدية في الفعالية لكل من الأخوة الأدباء والنقاد هاني محمد سعيد جرادة وعياش الشاطري وعلي محلتي وبحضور قيادة سكرتارية فرع لحج وعلى رأسهم الأديب علي حسن القاضي رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين والشاعر فؤاد داؤود نائب رئيس الفرع والباحث عادل يحيى إبراهيم السكرتير الثقافي والإعلامي للفرع وبحضور الأخ عادل سالم مبروك مدير عام إذاعة محافظة لحج والشاعر مشبح وعدد من مثقفي وأدباء المحافظ..أفتتح وأدار الفعالية الأديب الشاعر فؤاد داؤود نائب رئيس الفرع حيث تحدث في مستهل الفعالية قائلاً: “على هامش أولى فعاليات برنامجنا الثقافي الرمضاني للفرع، يسرنا أن نتذكر وفي مثل هذه الأيام المباركة “نخبة” من أدبائنا الذين خلفوا لنا ثراءً أدبياً ستظل تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل بحكم تركهم “بصمات” ثقافية أدبية خالدة جعلت من محافظة لحج ذات خصائص ثقافية متميزة من بين بقية محافظات الوطن اليمني، عكست سمو مكانة ذلكم الرعيل الثقافي الجليل من أدباء لحج، وبهذا الصدد لا يسعنا إلا أن نترحم على قامة أدبية لحجية/عربية/ عملاقة توفاها الله انطلقت من المحروسة لحج إلى الفضاءات العربية الثقافية عامة ودولة الكويت خاصة.. الأديب الكبير أحمد السقاف ونقرأ على روحه الطاهرة الفاتحة..ويسرنا أن تكون أولى فعاليات برنامجنا الثقافي الرمضاني مكرسة لقراءات أدبية ونقدية لتجربة الشاعر الغنائي الكبير الراحل “مهدي على حمدون”.[c1]كلمة رئيس الفرع[/c]بعد ذلك ألقى الأخ علي حسن القاضي رئيس فرع اتحاد الأدباء بلحج كلمة جاء فيها :((وشهر كريم يسرنا أن نرحب بالإخوة الأدباء المشاركين بالفعالية وبالحضور الكريم، وأحب أن الفت إلى أن اختيارنا في أولى الفعاليات الثقافية الرمضانية للشاعر الغنائي الكبير الراحل مهدي على حمدون إنما هو اختيار لأحد عناوين النهضة الفنية اللحجية التي أمتدت فضاءاتها الإبداعية لفترات زمنية طويلة عكست عقوداً من الزمن الإبداعي اللحجي من زمن القمندان مروراً بأجيال أدبية وفنية لحجية عملاقة إلى زمن الجيل الإبداعي اللحجي الثالث الذي مثل مشهده الشاعر الغنائي الكبير الراحل “مهدي علي حمدون” حيث “جايله” الشاعر محمود السلامي أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية وكذا الشعراء أحمد سيف ثابت وسالم علي حجيري رحمهما الله ومثل أولئك المبدعون دفعة إبداعية لمشهد الغناء اللحجي الأصيل بحيث فاح شذاها حالة وجدانية طربية وصارت مفرداتها أرق الكلمات ذات الإيحاءات والمعالم من دفتر الغناء اليمني وتمثل معادلة فنية كان طرفاها الرقة والعذوبة اللحجية المتميزة، ولهذا مثل هؤلاء العمالقة “دولاب وتخت الطرب اللحجي” كنتاج قرائح مفردات المشهد الغنائي اللحجي...وقد تحدث شاعر غنائي عدني كبير أطال الله في عمره هو شاعرنا الغنائي المهاجر الكبير “الشاعر مصطفى خضر” شقيق الصحافي الفني الكبير الراحل عبدالقادر خضر في لحظة صفاء شعري شفاف في فعالية تكريمية إحتفائية جرت له في مقر فرع اتحاد عدن منذ عدة سنوات بمناسبة زيارته عدن بعد غيبة طويلة بالكويت قائلاً :”لا تفاجؤوا إذا ما قلت أمامكم بأنني رغم رحلتي الشعرية الغنائية العدنية الطويلة وتجربتي لأكثر من نصف قرن، فإنني وبكل صدق أحب أن “أشعر” غنائياً وباللهجة اللحجية المحببة ذات النكهة والمفردات الخاصة والسبب أن “الاشتغال” بالشعر الغنائي على الطريقة اللحجية يعطيك فضاءات تعكس دفعة العاطفة والعطاء الجمالي لرقة مفرداتها العذبة”.[c1]مداخلة هاني جرادة [/c]وفي بداية إلقاء المداخلات الأدبية والنقدية عن الشاعر الغنائي الكبير الراحل “مهدي حمدون” تحدث الشاعر والناقد هاني جرادة في مداخلته الأدبية والنقدية، حيث قال: بداية وقبيل قراءة مداخلتي أود أن أشكر صديقي الأديب المعروف علي محلتي على تشجيعي بهذا الصدد.وأود أن أطرح بأنني لم أعرف غير ديوان “ضناني الشوق” وبالتالي “ملاحطاتي” النقدية لن تكون على أية قصائد خارج هذا الديوان وملاحظاتي النقدية هي وجهة نظر شخصية ربما يتفق أو يختلف معي الآخرون وخلال “مطالعة” ديوان “ضناني الشوق” سوف نجد شاعرنا الغنائي الكبير الراحل “يميل” في كل “قصائده” الغنائية إلى الخضوع أمام المرأة وتنتابه حالات من الضعف من فراق “محبوبته” كما ورد في بعض قصائد الديوان المجسدة لهذا الانطباع “باستثناء” قصيدة واحدة أظنها دخيلة على ديوانه.وهي كما “أشار” لي المتواجدون بالفعالية للشاعر “حسن علي حسن” وكذلك نلاحظ ما ورد من شعره في مخاطبة “العواذل” وما يثيرون له من إشكاليات من سفر مشهده الغنائي مع محبوبته..هو الذي كان قانعاً بكل ما يلقاه من محبوبته وراضياً به أثخنته بالجراح كما قال في قصيدة “يكفي بس وامبتلي”: [c1]ياقلبي المعذب كفاك - حتى الطب عجز من دواك جرحــك في الهوى داخلي لي مــــدة ونا فهمك - إن الحـــــــــب با يهرمــــــك با تهرم وأنته سلي كم من قلب مثلك تعب - لما في المحبة حنـــــــــب من نار الهوى كم صلي شوف الآه ماشي تفيد - والمحبوب قلبه حديــــــــــدوأنت لا متــــى مبتلي [/c]وهي امتداد للحالة الشعرية للشاعر العربي “ابن زريق البغدادي وحبيبته ولادة” .. ويصيب الشاعر الغنائي “حمدون” “كبد الحقيقة” بقوله أنه رغم كل ما يلاقيه من كلام “العواذل” إلا أنه سيفتدي محبوبته بروحه حتى ترضى عنه وهي عكست ما لاقاه الشاعر المحب من محبوبته فهو مطيع لها مهما كفله الأمر حتى لو أو صدت عليه الأبواب حفاظاً على مسيرة حبهما ونكاية بالعواذل لأن حبه لمحبوبته ظل في قلبه كما جاءت مشابهة لغنائية أمير الشعراء أحمد شوقي التي غنتها السيدة أم كلثوم.إن نماذج حمدون الغنائية أكدت خضوعه وضعفه أمام أهوال محبوبته حفاظاً على العهد، ومع هذا وردت في ديوان “ضناني الشوق” قصائد “غريبة” على شعر حمدون الغنائي أي جاءت عكس “خطة” الغنائي السابق وهي ذات نفس “منهاجي” شعري غريب ولقد ساعدني بهذا الصدد “الأديب علي محلتي” وآزرني لأنني لم أعرف الشاعر حمدون شخصياً، وحتى أستاذنا عمر الجاوي “رحمه الله لا حظ هذا الشيء أثناء مراجعة الديوان قبيل الطبع، لأن منهج شعر حمدون الغنائي اتسم - كما قلنا آنفاً - بمحاور منها القبول والخضوع والقناعة بكل ما يلقاه من صنوف الهجر والعذاب من محبوبته. فهنا يكف الشاعر الغنائي حمدون المحب عن “الصراخ” ويسعى ويترفق وجاءت مواقفه الشعرية عكس مفارقاته الشعرية السابقة كما في غنائيته “يا فؤادي ليه تبكي”[c1]يا فـــؤاد ليه تــــــبكي - لأجل من دي دمعتــــــك فـــي الهوى ضيعت عمرك - بس أرحم حالـــــتك ليه تمسي في نـــــــواحطول ليلتك للصبـــــــاح والــــــــذي تهــــــواه - ما هولك ولا من قسمتـــك[/c]وأما المحور الثاني فجاء متأثراً بشاعري لحج “الحسي والجمالي” كما جاء في نهج الشاعر صالح نصيب عندما خاطب المحبوبة “زوجته” وكما جاء عند الشاعر عبدالله هادي سبيت “الآلي الذاتي” وكما جاء عند الشاعر سالم حجيري ذا بعد سياسي أكثر من الغزلي.وقصيدة “بديع الحسن” كان يمكن أن تكون من أفضل قصائد الوجدانية ومن أجمل ما في شعر الغزل [c1]بديع الحسن له نغمة - وفتنة تدهش الأمـــــــة يبهذل ألـــــف في ألفين حوى ورد الريا خده - ومثل الخيزران قـــــــــــده وعينــه جردت سيفين[/c]وامتداد لمذهب “صالح نصيب” في غنائيته “فاتني قبل الوداع”.وأخيراً قال الشاعر والناقد هاني محمد سعيد جرادة إن مقارنة مطلع “قهري على عمري وفي ذمته” هي خلاصة الشاعر مهدي علي حمدون”:[c1]قهري على عمري يوم ضيعته - بعد الذي من شأنه لقيت المر قلبي المولع ما طاع يتقنع - ودمع عيني ليلي وهو يمطر من غاب لازم يذكر محبينه - وصاحبي لا يذكر ولا يفـكرقولوا لخلي شيء عاد يتراجع - على حبيبه وإلا عليه ينظر[/c][c1]مداخلة عياش الشاطري[/c]وبعد ذلك تحدث الباحث والناقد عياش الشاطري كما جاء في كتابه الأخير “شعراء أحببتهم، الذي كرس فيه خمسين صفحة للشاعر الغنائي الكبير الراحل “مهدي علي حمدون” وبقية صفحات الكتاب الـ “150” للشعراء القمندان وعبدالله هادي سبيت ومسرور مبروك وصالح نصيب وعلي عبدالعزيز نصر وأحمد علي النصري ومهدي حمدون.وكرست دارسته عن مهدي حمدون سبعة محاور أدبية وهنا في هذه الفعالية تطرق إلى محور المرأة في شعر حمدون قائلاً: ديوان “ضناني الشوق” للشاعر الغنائي الكبير مهدي علي حمدون أحتوى على “96” قصيدة منها “66” قصيدة هي إمراة جميلة، امرأة معشوقة، أفتتن في تصويرها وتحسين مفاتنها والصيام بها كشاعر ملهم أحرقه الضنى.وأذاب جسمه الهيام والهجر والصد والبين وقد رمته سهام المقل فعانى كثيراً حتى ذاب شوقاً والتياعاً وكان نصيبه الحرمان وكل قصيدة من قصائده صورة جميلة ولوحة مكتملة الأبعاد والسمات غنية بالعواطف الجياشة والشعور الصادق وهي لوحات مختلفة الألوان ومتعددة النكهات لكنها في الأخير إمراة واحدة نذر جزءاً من حياته الشعرية الغنائية للتغني بها وكذا استعطافها واستفسارها ورجاؤها وتذكرها..وأضاف ولقد أكسب “حمدون” تجربة الحب أعماقاً جديدة وملامح وسمات وعبر عنها أصدق وأفضل تعبير إنه ينظر إلى المرأة المحبوبة نظرة إلى كائن إنساني يموج بالمشاعر والعواطف والأحاسيس. ويبين (حمدون) في قصائده خلاصة لوعته وحرمانه وعشقه السامي ومعاناته الدائمة ولم يهنأ بلذة اللقاء ولم يطعم لذة الوصال وهو ليس نهماً على (اللذة) بل عفيف ويكفيه من محبوبته أن تشاطره عواطفه الجياشة وأحاسيسه الرقيقة ويكفيه أيضاً أن تجلس قبالته ليرى ما أبدع الله من خلق وحباها إياها.[c1]مداخلة الأديب علي محلتي[/c]وتطرق الأديب علي محلتي في مداخلته إلى جوانب من تجربته الاجتماعية مع الشاعر حمدون كونهما تجمعهما قرابة حيث أماط اللثام عن أدواره الوطنية والنضالية وإسهاماته الإعلامية خلال مرحلة الكفاح المسلح وعودته إلى مسقط رأسه (خالي الوفاض) لأنه عفيف النفس ذو كبرياء أدى أدواره الوطنية والنضالية بدون ضجيج أو اعتلاء وعاش بعد ذلك حياة صعبة حتى رحل،وكانت حياته حلقات من الفقر والحزن والقسوة وكانت غنائيته (يا فؤادي ليه تبكي) خير تجسيد لحياته وهي الأغنية التي غناها فنان لحج الكبير الراحل (فيصل علوي رحمه الله).وأضاف:ومع هذا لم يكن حمدون المناضل من أجل الاستقلال يريد (كرسياً) بل كان يفضل العودة إلى عمله السابق (الطبشور والسبورة) ولم يشفع له تاريخه لأن يعطى ذلك الحق.[c1]تعقيبات الحضور[/c]وبعد ذلك تحدث عدد من الحاضرين الذين شكلت إفاداتهم استكمالاً لفضاءات الفعالية خاصة ملاحظتي الأديب علي حسن القاضي الإعلامي فؤاد ماطر،حيث قال الأديب القاضي إن غنائية الشاعر الكبير الراحل حمدون (يا فؤادي ليه تبكي) شكلت (معادلاً موضوعياً) للشاعر وحياته و حالة توأمة وهي ما وجده عليه (الأخ علي محلتي) من حالة صعبة عندما زاره في منزله).يعد تلحين أغنية (يا فؤادي ليه تبكي) أجمل عمل تلحيني غنائي للفنان الكبير الراحل فيصل علوي إن لم يكن الأجمل على الإطلاق وتكاد تشكل حسب رأي أستاذنا علي حسن القاضي مفارقته الغنائية واللحنية على الإطلاق..أما ملاحظة الإعلامي فؤاد ماطر للأخ هاني جرادة فكانت (كبد الحقيقة) لأن مشكلة هاني ليست في حضوره الأدبي والنقدي.كما أشار (فؤاد ماطر) وهو الموضوع الملح والذي يطرحه عليه (الأديب علي محلتي) مراراً وتكراراً من كسل هاني جرادة عن طبع أبحاثه النقدية في كتب.بالإضافة إلى ما قدمه سكرتير الفرع الإعلامي والثقافي عادل يحيى إبراهيم من ملاحظات نقدية بنيوية حادة وأحمد سعيد الباشا وآخرون كما قرأ الشاعر مشبح قصيدة من وحي عدن ولحج للشاعر حمدون.[c1]خاتمة[/c]كانت الفعالية الأدبية والنقدية أولى فعاليات برنامج فرع اتحاد أدباء لحج الرمضانية راقية وناجحة وأحاطت بموضوع فضاءات بن حمدون الغنائية والوقوف أمام دروبها الإبداعية لمفرد (ضناني الشوق) التي تغنى بها فنان العرب محمد عبده (أبو نورة) كشهادة فنية للشاعر بن حمدون.الجدير بالذكر أن فعالية الاتحاد يوم الاثنين القادم ستكون عن تجربة الإذاعي الكبير عادل سالم مبروك مدير عام إذاعة لحج.وكذلك قيام فعالية فنية غنائية ثالث أيام عيد الفطر المبارك بمقر الاتحاد.