البشرة السوداء قد تلعب دوراً في جذب الناخبين في الولايات الجنوبية
الانتخابات الامريكية
واشنطن/وكالات:كشفت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة آليات ناخبة وطامحة لإيصال مرشح معين من أحد الحزبين إلى السباق النهائي تستند على محاور رئيسة أبرزها الدين والحاجة للتغيير والموقف من الحرب على العراق .ويتجلى هذا المحور بشكل واضح بالسيناتور الديمقراطي باراك أوباما الذي قد يكون أول أسود يصل إلى البيت الأبيض. فقد أوضح استطلاع للرأي في ولاية أيوا (ذات الأغلبية البيضاء الساحقة) أن أكثر من 57% من الناخبين ممن تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما صوتوا لصالح أوباما ليقدموا له نصرا كبيرا على زميليه في الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وجون إدواردز.وليس هذا وحسب بل أشارت استطلاعات الرأي إلى أن أوباما فاز بأربعة أصوات من أصل كل عشرة ناخبين يشاركون في الانتخاب لأول مرة والذين مثلوا بحسب استطلاع الرأي نفسه أكثر من 50% ممن توجهوا إلى مراكز الاقتراع في أيوا، بعكس كلينتون التي جمعت أصواتها من الناخبين كبار السن.وفي نفس الإطار، لم تشكل البشرة السوداء للمرشح الديمقراطي أوباما أي غضاضة بالنسبة للناخبين البيض وهو ما يدل على أن هذه الشريحة من الشباب لم تلتفت إلى هذه الناحية بقدر ما رأت فيه صوتا جديدا يشذ على الألحان التقليدية المعروفة في الصوت الجمهوري مثل كلينتون وإدواردز (المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية عام 2004).ومن هنا يرى المستشار الانتخابي الديمقراطي جمال سيمونز أن فوز أوباما بولاية أيوا يثبت أن «أميركا تتغير في حال كان الأمر يتعلق بالعرق أو السياسة».وكما كان اللون الأسود أمرا ثانويا لدى فئة كبيرة من الشباب البيض في ولاية أيوا، يرى المراقبون أن البشرة السوداء قد تلعب دورا في جذب الناخبين في الولايات الجنوبية إذا ما استمر أوباما في تقدمه على منافسيه في الحزب الديمقراطي.وفي الواقع أن أوباما نفسه أشار إلى هذه النقطة بوضوح في تصريحات سابقة عندما قال «أنا أضمن لكم تحول الناخبين السود لصالحي في الولايات التي لم يسبق لأحد تغييرها منذ ليندون برينز جونسون». ومن باب التعريف يعتبر ليندون جونسون المرشح الذي خاض الانتخابات الأميركية الرئاسية عام 1964 أول ديمقراطي يفوز بأغلبية كبيرة في الولايات الجنوبية المعروفة بتعاطفها مع الجمهوريين.يضاف إلى ذلك كله عامل آخر، ربما لا يساهم بنفس القدر من التأثير على الناخب خلال هذه المرحلة على الأقل، ألا وهو الحرب على العراق.فالسيناتور أوباما كان ولا يزال واحدا من أشد المعارضين للحرب على العراق وتعهد بأن يكون الرئيس الذي يعيد جنوده إلى بلادهم على عكس ما جرى مع منافسيه.أما هيلاري كلينتون الطامحة لتغيير لقب السيدة الأولى سابقا إلى لقب السيدة الرئيس لاحقا، تراجعت إلى المركز الثالث في اللائحة الديمقراطية حسب نتائج انتخابات ولاية أيوا بعد أوباما وإدواردز.وعن هذا يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيرجينيا لاري ساباتو أن اللافت للنظر في نتائج أيوا أن 70%من الديمقراطيين صوتوا ضد كلينتون ليشكل هذا الرقم إنذرا حقيقيا للسيدة كلينتون التي حضرت حملتها وبشكل أوحى بأنها ماضية إلى البيت الأبيض دون منازع.وفي معرض تعليقه على هذه النتيجة يرى بيتر براون مساعد مدير معهد استطلاعات الرأي كويني بياك أن ناخبي أيوا وتحديدا الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي لم يغفروا لكلينتون وقوفها في الوسط وتصويتها لصالح الحرب على العراق.ولا يخفي الجمهوريون الذين يعلنون ارتباطهم بالكنيسة الإنجيلية التي تتبع المذهب البروتستانتي أنهم يرون في مرشحهم مايك هوكابي ممثلا للكنيسة والقيم الدينية في الانتخابات الرئاسية.ولعل المرحلة الثانية من الانتخابات التمهيدية التي ستجرى الأسبوع المقبل في نيوهامبشير -المعروفة بميولها العلمانية- ستكون اختبارا حقيقيا لهوكابي في مباراة معادة مع منافسه ميت رومني من الطائفة المورمونية (غير المعترف بها من قبل الكنيسة الإنجيلية) والذي يسعى جاهدا لتغيير الصورة التي ظهر عليها في انتخابات أيوا.وأوضحت استطلاعات الرأي أن ستة من أصل كل عشرة ناخبين في أيوا اختاروا هوكابي «كونه يعتبر شريكا لهم في القيم»، وأن ثلثي الناخبين الذين اقترعوا لصالحه قالوا إنهم قاموا بذلك لأنه يشاركهم نفس المذهب أو العقيدة الدينية. وأشارت الاستطلاعات إلى أن ثلث الناخبين الذين قالوا نعم لهوكابي هم من أبناء المحافظين، وأن 50% من هذه الأصوات جاءت من أتباع الكنيسة الإنجيلية.غريغ ميللير أحد مخططي الإستراتيجية الانتخابية في الحزب الجمهوري -الذي ترأس الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري بات بوكانن في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1992 - وصف نجاح هوكابي بصوت الجمهوريين في ولاية أيوا بأنه نصر للقيم، وهو التعبير الذي كان يستخدمه المحافظون في عباراتهم الانتقادية للرئيس السابق بيل كلينتون.وبات معروفا أن هوكابي القس وحاكم ولاية أركنساس السابق وضع معتقداته الدينية ومواقفه الصلبة من مسائل مثل الإجهاض والزواج المثلي ورخص السلاح ركنا أساسيا في حملته الانتخابية.