تدافع المئات من الشباب الغزي الذين قدموا من مختلف مدن القطاع أمام البوابة الرئيسية للموقع العسكري الخاص بكتائب شهداء الاقصى بغية الانخراط في صفوف القوة التنفيذية المساندة للشرطة الفلسطينية والتي أعلن عن تشكيلها وزير الداخلية والامن الوطني سعيد صيام . لم يجد هؤلاء الشباب الذين ينتمون الى مختلف الاطياف السياسية سبيلا اخرا سوى الالتحاق بهذه القوة الجديدة والتي على ما يبدو بدأت تثير المياه الراكدة والتي كانت فيما سبق الحل الامثل لذر الرماد في العيون.[c1]مؤسستان للأمن في غزة[/c]أكثر من ألف وخمسمائة شاب تجمعوا في باحة الموقع العسكري واملهم الوحيد للخروج من الوضع المزري الذي يلم بهم هو العمل ضمن صفوف الشرطة الفلسطينية .فبعد حالة الركود الاقتصادي الذي عاشه قطاع غزة على مدار السنوات الست الماضية جاء تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل الاحتلال الاسرائيلي وبدعم من الادارة الاميركية ليزيد الامور تعقيد ويضيق الخناق على الشعب الفلسطيني.وعلى ما يبدو لن يكون طريق هؤلاء الشبان البسطاء سهلا وميسورا، بل سيكون على الارجح محفوفا بالمخاطر .فوظيفتهم المنشودة يتربصها الموت في كل لحظة خصوصا وان هذه القوة الجديدة ما زالت تصنف كتعدي على القانون ومرفوضة من قبل المعارضة ( فتح والمنظمة ).وتتخذ صورة "الامنيات " في غزة والاراضي الفلسطينة الشكل التالي ، قوة تابعة للرئيس الفلسطيني وهي الاكثر عددا وعتادا واخرى تابعة لرئاسة الوزارء والتي تم انتخابها من فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلاف توجهاتها. وبين هذه القوة وتلك تبرز الصدامات والمشاحنات المسلحة بين الفصيلين والتي يذهب فيها غالبا عشرات القتلى والجرحى . اذن هو صراع بين قوة الرئيس وقوة الوزير وبينهما يقع الشعب الفلسطيني الذي لم يعد يميز بين الرصاص الفلسطيني والرصاص الاسرائيلي .. فخاتمة اي من النوعين واحدة .. الموت . [c1]شروط الاختيار[/c]وللوهلة الاولى قد يخيل للشباب الفلسطيني ان الانخراط في صفوف القوة الجديدة بالامر السهل ، لكن الواقع عكس ذلك . فالشروط التي وضعها القائمون على هذه القوة لا تنطبق على جميع من تقدموا بطلبات الالتحاق ، بل لا يوفي الشروط المطلوبة سوى قلة قليلة لا ترتقي الى العدد المطلوب اذا ما جمعنا كافة الفصائل.ومن الشروط التي وضعت كمعيار اساسي حسن السير والسلوك اضافة الى شهادة ممن يعرف الشخص المعني بدماثة اخلاقه وحسنها، كما على الشخص المعني ان يكون محسوبا على التيار الاسلامي في البلاد المتمثل بجماعة الاخوان المسلمين في فلسطين والتي تمثلها حركة حماس، كما يجب الا يكون قد ضمر في يوم من الايام كرهاً او عدوانية للمقاومة الفلسطينية بشكل عام وان يكون مستعدا للذود عنها وعن بلاده بكل ما أوتي من قوة.وتأتي الثقافة الاسلامية من جملة الشروط المفروضة اضافة الى حصول الشخص المتقدم بطلب الالتحاق على مستوى معين من التعليم يلعب دورا حاسما .لاختيار الكفاءات العلمية للعمل في هذه القوة, وهو ما دأبت عليه حركة المقاومة الاسلامية حماس خلال مراحل تأسيسها , لاختيار أعضاء جناحها العسكري (كتائب القسام).ويرى المسؤولون في وزارة الداخلية والامن الوطني، بأن هؤلاء الشباب-عناصر القوة التنفيذية- والبالغ عددهم 3الالاف مقاتل، سوف يعملون كمتطوعين لمدة تتراوح بين الشهرين والثلاثة اشهر حتى يتم اقرار الاعتماد المالي الخاص بهم . اما لباسهم الرسمي فسيكون زي الشرطة الفلسطينية وسيتم اخضاعهم لمدير الشرطة الفلسطينية ولامرة وزير الداخلية والامن الوطني الفلسطيني.وفي لقاء مع هؤلاء الشبان المبادرين للالتحاق في هذه القوة الجديدة خرجنا من الاراء. [c1]من اجل الراتب[/c]يقول الشاب سائد العطار (24 عاما- ممرض عاطل عن العمل) " جئنا للانخراط في القوة من اجل الحصول على قوت اليوم بعد ثلاثة اعوام من البطالة ، فمنذ تخرجي وانا ابحث عن عمل دون جدوى . اما الان وبانخراطي في القوة الجديدة سأطوي فصلا من فصول البحث اليومي عن وظيفة ". ويضيف العطار " نحن نعلم مخاطر عملنا في هذه القوة في حال وقع الاختيار علينا فهذا سيجعلنا متأهبين لاستقبال حتفنا في كل لحظة".ويتابع : " لا زال اهلي غير راضين عن عملي هذا وهو ما كان مصدر قلق لهم حين يسمعون بحوادث اطلاق النار بالقرب من الموقع التدريبي لنا في مدينة غزة. ولكني ما زلت مصرا على المضي بهذا الامر ".[c1]طريق آخر للمقاومة[/c]من جهته يقول محمود نوفل (27 عاما _عاطل عن العمل) المنتمي الى نشطاء ألوية الناصر صلاح الدين "نحن مستعدون للتضحية بارواحنا وانفسنا واموالنا عن وطننا ضد الخونة والعملاء الذين يعملون مع اسرائيل، ستصل اليهم ايادينا قبل ان يصلوا الينا".يواصل نوفل والمكنى بأبو مجاهد حديثه بحماسة " لم نأت من اجل المال او السلطة جئنا لاستكمال مسيرة جهادنا ، فكما قارعنا الاحتلال في ميادين المعركة سنقارع الخونة لتطهير الارض منهم".ويتابع الشابان تدريباتهم العسكرية في مركز تدريبي في مدينة غزة استعدادا للانخراط في القوة التنفيذية في وقت قريب ريثما يتم استكمال كافة الاجراءات المتعلقة بهذه القوة.محمد زغرة( 22 عاما _ ناشط من نشطاء حماس ) لا يختلف رأيه عن نوفل يقول " هذا الطريق المعبد بالدماء سنواصله ولن نكف يوما عن مواصلة درب من سبقونا من الشهداء والاسرى والله تعالى سوف يباركه ويدعمنا فيه". [c1]الجندي يسلح الجيش[/c]خلافا لزملائه _ المستقبليين _ بدا الناشط في حركة الجهاد الاسلامي الشاب ايهاب المجذوب (27 عاما _عاطل عن العمل أيضا) اقل حماسة للانخراط في هذه القوة " ويقول : الامور لا تسير كما يجب ويريد البعض لهذه القوة ان تتسبب بالفتنة الداخلية وكافة الاستعدادات والتدريبات التي تراها هي مجرد شكليات..هدفها تثقيف الشبان عسكريا "ويؤكد المجذوب" غالبية من تراهم قد جاءوا من أجل الراتب الذي سوف يتقاضونه ، وقلة منهم دفعهم حسهم الوطني والاسلامي. فالوضع الاقتصادي الذي نعيشه اجبرنا على الانجرار خلف مثل هذه الدعوات من اجل الحصول على مدخول من اجل اطفالنا نساءنا ".يبدي المجذوب بعض الضيق من الشروط التفصيلية التي وضعها القائمون على تشكيل القوة ومنها اعطاء الاولوية لمن يمتلك سلاحا خاصا به الامر الذي قلص حظوظ عدد كبير من المتقدمين لهذه " الوظيفة " اذ ان معظمهم لا يملكون سلاحا شخصيا .البعض حاول التحايل على هذا الشرط بشراء سلاح والبعض الاخر شرع بالتخطيط لبيع حلى زوجاتهم من اجل توفير المال الكافي لشراء السلاح . ماجد سالم (35 عاما- ميكانيكي سيارات) يفضل التريث قبل القيام بتلك الخطوة، " سانتظر قليلا قبل بيع حلى زوجتي لاتمكن من اقتناء سلاح شخصي حينها سيكون لي الاولوية في الانخراط بالقوة " ويضيف سالم " صحيح انه امر مضحك ان يكون الجندي هو من يشتري سلاح للدولة , لكنا سعداء بذلك ".ويشاطره بالرأي شقيقه عرفات والذي عبر عن رغبته ببيع سيارته من اجل الحصول على السلاح. حال الشقيقين هو حال عشرات الشبان الذين يحاولون الالتحاق بالقوة باسرع وقت ممكن ، فمنهم من استعار سلاح والده الشخصي ومنهم من استأجر سلاحا يمكنه من المضي بفترة التدريب بانتظار حصوله على سلاح خاص من وزارة الداخلية.عبد الرحمن زقوت (23 عاما- من نشطاء كتائب شهداء الاقصى _كتيبة بيت المقدس) لا يتمنى الحرب ولكنه ما زال عازما على الانضمام " لا نأمل ان نجد حربا بين قوة الوزير وقوة الرئيس ابو مازن, فيجب ان يتكاتف الجميع من اجل حماية البلد من المارقين والمندسين".ويقول زقوت الذي تخلت عنه حركة فتح مع رفاقه الذين سينخرطون بالقوة التنفيذية" قد يعتقد البعض اننا فقدنا شرعيتنا الان ولكن وجدنا عائلة كبيرة تحتضننا وهي القوة التنفيذية".ويجمع هؤلاء الشباب على خطورة العمل الذي يقدمون عليه ولكن كما يقول البعض منهم" سنقطع لقمة عيشنا من فك الاسد" ولا احد يتمنى ان يرى الدماء تسيل في شوارع غزة . ولا احد منهم يرغب باندلاع حرب يذهب ضحيتها شبان في ريعان شبابهم من المفترض ان يكونوا هم عماد لبناء الوطن المدمر ويرفعون من شأنه ليكون بلدا صالحا يواكب دول العالم التي تحررت من نير الاحتلال والاستعمار.
شباب فلسطيني يمتهن الموت
أخبار متعلقة