تحقيق/ شذى العليمي :طفولة مشردة, وحزن يخيم على تلك الوجوه البريئة التي بدأ وحش الهموم يفترس ملامحهم الطفولية, وجعلهم فوق سنهم تماما.تجوال في شوارع المدن ليل نهار؛ ليعرضوا على المارين في الشوارع بضاعتهم والبعض يفضل أن يفترش مواقع ثابتة, بحثا عن لقمة العيش التي صارت هي الأساس في بيئة ملأها الفقر المدقع.ما يقارب «400ألف» طفل عامل في اليمن, غالبيتهم تركوا تعليمهم بحثا عن رمق الحياة حيث حمِّلوا على عاتقهم مسئولية إعالة أسرهم والتي تكون في الأغلب كبيرة العدد.أطفال نسوا معنى الطفولة ليدخلوا عالم الكبار قبل الأوان ولو رأيتهم لهزتك نظراتهم البائسة وهم يتوسلون إليك أن تشتري منهم بضاعتهم بأسعار زهيدة جدا.وخلال قيامي بجولة استطلاعية بغرض عمل هذا التحقيق عن عمالة الأطفال في عدن, وجدتُ الكثير, البعض منهم أبى التحدث إليَّ ورفض أن يتصور خجلا, لا يعلمون أن الخجل ليس عليهم, ولكن على مجتمع هشم معنى الطفولة وحقوق الأطفال, وكانت البداية مع الطفل «عبد الله...» ثلاثة عشر عاما, بائع ألعاب للأطفال, يقول:«تركت دراستي وفضلتُ أن أهاجر من الريف إلى المدينة (عدن)؛ لأعمل هنا» وبحسب قوله أن «المعيشة في الريف متعبة للغاية لعدم وجود المال وعدد الأسرة كبير جدا (أحد عشر فردا) وأبي دون عمل, فقررتُ أن أعمل لأعيل أسرتي»[c1]قرر أن يتحمل المسئولية[/c]الطفل «م م» أربعة عشر عاما, بائع أدوات منزلية, كان يدرس في الريف وعندما سافر إلى مدينة عدن لم يكمل دراسته, قال أن الدافع الأساسي للعمل في سن مبكرة وتجواله في أزقة شوارع المدينة وسط حرارة شمسها هو ظروفهم الصعبة والتي ازدادت بعد وفاة والده, وبحكم أنه الأكبر بين أختين قرر أن يعمل ليتحمل مسئولية أختيه ووالدته.[c1]رغم العمل سأكمل دراستي[/c]«فتحي.....» طفل في العاشرة من عمره, بائع كبدة دجاج, يدرس في الصف الرابع ويحاول قدر الإمكان أن يوفق بين العمل ودراسته والذي دفعه إلى العمل, حسبما أفاد, هو والده الذي قال له «اتعلم الشغل» مع العلم أن والده يعمل ولديه تسعة إخوان هو الكبر بينهم.يضيف فتحي «لكنني لن أيأس فأنا متأكد من أنني سأتغلب على كل الصعوبات وسأكمل دراستي»[c1]الدافع للعمل ظروف صعبة[/c]«محمد أحمد ع» ذو الستة عشر عاما, يعمل في كبينة اتصالات, يقول «قررت أن أترك الدراسة لأعمل وذلك بسبب ظروفنا الصعبة جدا التي أبعدتني عن دراستي حيث لا أملك أبسط الأشياء, لكن الحمد لله تحصلت على هذا العمل بمبلغ لا بأس به (ثمانية آلاف ريالا/40دولارا تقريبا) واشتغل في الصباح والمساء, وأبعث بنصف المبلغ إلى أسرتي المكونة من ثمانية أفراد في الريف»تركتُ الدراسة لأتعلم مهنة والدي«يوسف ....» أربعة عشر عاما, (خائط أحذية), «درست إلى غاية الصف الثالث الابتدائي, وذلك لأجل أن أتعلم مهنة والدي الذي علمني إياها لنكسب بعدها ما يسد جوعنا, وأنا الابن الأصغر من خمسة إخوان ولا يوجد أي دخل لنا سوى هذه المهنة, رغم أنني أخجل أحيانا من مهنتنا لكن هذا مقدر في واقعنا».[c1]تفاقم مستمر[/c]أخيرا إلى رئيسة جمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال في محافظة عدن/ فاطمة محمد يسلم.. تقول «عملنا ولا زلنا للحد من هذه الظاهرة والتي هي في تفاقم مستمر»وتشير يسلم إلى أن عدن «باتت حاضنة للأطفال العاملين من مختلف المحافظات, والعاملين في مختلف المهن, فعلى سبيل المثال هناك أطفال يعملون في مهنة الاصطياد وهم يأتون من الحديدة, ومهنة السمكرة والباعة المتجولين وفي اللحام والبوفيات, وأغلبهم من محافظاتي تعز وإب, إضافة إلى أن هناك أطفال يعملون في الاصطياد من مديرية البريقة, ونقم وعمران والخيسة»[c1]البطالة وانعدام الوعي[/c]وتبين رئيسة جمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال في محافظة عدن أن محافظة عدن كانت خالية تماما من عمالة الأطفال في إحصائيات 1994م, حسب قولها, وتضيف متحدثة عن أهم الأسباب التي دفعت الأطفال إلى ذلك ومنها «انتشار البطالة وعدم استقطاب الأيادي العاملة الكبيرة وكذا رخص الأيدي العاملة الصغيرة ونقص الراتب, وخلوا العمالة الصغيرة من الحماية نظرا لانعدام الوعي لدى أسر الأطفال والأطفال أنفسهم»[c1]من جملة أسباب.. يقف الفقر أولا[/c]وبالتأكيد فإن الدافع الأول هو الفقر, إلا أن هناك - والحديث لـ»يسلم»- بعض العادات السيئة التي أعتاد عليها الأطفال مثل مضغ الزردة, والشمَّة, والقات, والسيجارة, ويلعب التفكك الأسري دور في ذلك, إضافة إلى عدم تفعيل قوانين العمل الخاصة بحماية حقوق الطفل أو ساعات العمل وهذا يتطلب متابعة من قبل مفتشي العمل في وحدات مكافحة عمل الأطفال, وتكثيف الوعي لدى المجتمع وأرباب العمل والأطفال وذويهم بحقوق الطفل والمخاطر المترتبة وأن تكون هناك حملات مكثفة في الأماكن التي ينتشر فيها عمل الأطفال, وأن تكون البرامج متزامنة مع آلية واضحة لتحقيق الاستقرار من قبل منظمات المجتمع المدني بالشراكة مع الحكومة والفرق والتجار واتحاد النقابات للوصول إلى الهدف المشترك وهو حماية الطفل العامل .[c1]لغة الإحصائيات[/c]وتختم رئيسة جمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال في محافظة عدن بلغة الإحصائيات, حيث تؤكد آخر الإحصائيات بالنسبة للأطفال العاملين على مستوى الجمهورية بـ»326,608 طفل 48,3% منهم من الإناث».يشار إلى أن الجمعية التي ترأسها فاطمة يسلم تتمثل أهم أهدافها في «الحد من تفشي عمل الأطفال ونشر الوعي القانوني بقانون حقوق الطفل والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطفولة, وكذا تحقيق الحماية والرعاية للأطفال من خلال توفير فرص عمل لديهم سواء كان بالتنسيق مع الجمعيات أو من خلال الجمعية عبر مشروعهما المشترك, نساء عدن المنتجات» حسب ما أفادت رئيسة الجمعية.[email protected]
|
اتجاهات
أطفال في عدن.. معاناة وضياع حقوق
أخبار متعلقة