ناقشها نادي القصة بالقاهرة
[c1]* الكاتب شوقي بدر: قصة(ست الحسن) رمز للمثقف المتهور المطاردمن السلطة في كل زمان و مكان داخل الوطن العربي الكبير[/c]القاهرة/14اكتوبر/ نهال قاسم: ناقشت ندوة عقدت بنادي القصة بالقاهرة مؤخراً المجموعة القصصية “امرأة وألف وجه” للكاتب محمد عبدالله الهادي والصادرة عن سلسلة قبول أدبية 2006،حضرها عدد من الكتاب والمبدعين والذين أجمعوا على أن اختيار الكاتب لجزء من الجسد وهو الوجه تحديداً كأحد المداخل الأساسية لتفسير العالم وحقيقة الأشياء في شتى صور الفكر والحياة هو أسلوب جديد ومبتكر وقد جاء هذا الاختيار لتوجيه الوعي الجمالي والمعرفي منذ بداية القصة إلى حقيقة تقلبات الوجوه ومكنوناتها خاصة أن الوجه في حضارتنا الإسلامية يلعب دوراً كبيراً باعتباره مناط الشرف والكبرياء والكرامة لدى الإنسان، لقد أكدت هذه المجموعة على إيمان الكاتب بأن القصة القصيرة رسالة تهدف إلى الارتقاء بوعي القاريء ومشاعره وأحاسيسه وقيمة الأخلاقية مما يؤكد انتماءه الوطني وأصالته دون الوقوع في غواية الألاعيب الشكلية وافتعالات الحداثة أو الانكفاء على هموم الذات الفردية أو الدوران حول الاستجابات الحسية للجسد·وأكد الناقد د· محمد عبدالحليم غنيم على مقدرة الكاتب الفائقة في امتلاك أدواته الفنية التي استخدمها في إعادة تشكيل الريف المصري تشكيلاً معمارياً، والتوحد معه ومع كل شخصياته القصصية والتعبير عن انفعالاتها وهمومها ومخاوفها وأزماتها في كفاءة واقتدار، وإقدامه علي مغامرات أسلوبية بليغة تعلن عن روح متحررة من الجمود والتقليد والتكرار لرتابة الحياة اليومية في الريف المصري وشخصياتها رغم واقعيتها فيها فهي مسحة خيالية وأسطورية داخل النصوص التى تحمل الخوف والرهبة والحرص المبالغ فيه على أن تظل طبقات المجتمع ومفاهيمه القديمة راسخة لا تمس، وأن المياه لا تصعد إلي الأعلى هذه المقولات القديمة التى تتجدد عبر الأحداث وتشى بنوع من الاتفاق الضمني على العلاقات المتجذرة منذ زمن بعيد في أرض الواقع، والتى أصبحت بمثابة قانوناً وعرفا اجتماعيا سائداً داخل القرية المصرية أكثر منه نزوعاً أخلاقيا، وأن السمات العامة للنصوص تؤكد امتلاك الكاتب الرؤية المتسعة وتمكنه من لغته العربية الفصيحة والبليغة في السرد الذي ينتقل من الحاضر إلى الماضي لترسم لنا صورة الفلاح البسيط الذي لا تشغله متاعب الحياة عن تلمس حكمة الكون والوقوف بعمق إيماني أمام المكابدات اليومية مهما كانت موجعة للذات الإنسانية، وأن الفقر والعوز المادي لم يؤد بهم إلى الانحطاط الروحي وإنما على العكس أكسبهم قدرة فائقة متناغمة مع القسمة والنصيب، وتتراوح النصوص ما بين ثنائية الخير والشر إلا أن ذلك لم يمنعه من مغامرة التجريب الفني المقصود والناجح في قصته “صباح جديد”·وقد تناول الكاتب شوقي بدر المسيرة الإبداعية للكاتب والتي بدأت منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي حيث صدرت له ثلاث مجموعات قصصية “عيون الدهشة والحيرة عام 1989، الحكاية وما فيها عام 1995، حلقة ذكر 2002”، كما صدرت له ثلاث روايات “أنشودة الأيام الآتية عام 1990، الأحلام تتداعي عام 1997، عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي عام 2003”، كما كتب أيضاً عدة مسرحيات وقصص الأطفال ومقالات في الأدب والنقد حصد عنها العديد من الجوائز من نادي القصة بالقاهرة والإسكندرية والمجلس الأعلي للثقافة، والشباب بالإضافة إلى مجموعته الأخيرة التي نحن بصدد مناقشتها·علاقات متشابكة!
ويضيف بدر : أن هذه المجموعة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام القسم الأول يضم ست قصص، القسم الثاني يضم خمسة عشرة قصة قصيرة ويبدو فيه نوعاً من التباين الشديد في بعض القصص التي تدور حول الأكف والتي قام الكاتب بالتركيز فيها على الفكرة أكثر من تركيزة علي العمل الفني ، أما القسم الثالث ويضم قصتين والتي يمكن أن تصبح نماذج لكتابة القصة المصرية القصيرة.و انتقد بدر بعض قصص القسم الأول ومنها “خارج عن الخدمة” والتي تدور حول مدير أوشك الخروج على المعاش وعلاقاته بزميلاته في العمل وأحاديثهن عن علاقتهن شديدة الخصوصية مع أزواجهن مما كان يثير غرائزة ثم اندفاعه إلى البوح لعاملة البوفية الكسيحة باشتهائه لها، وقال “إنه علي الرغم من كونه موقفاً إنسانيا وارد الحديث لكننا كأبناء في مجتمع الجهاز الإداري والبيروقراطي الراسخ منذ أيام مينا فإنه ينفي إمكانية حدوث هذا الموقف في العمل مؤكداً أن هناك العديد من المواقف الواقعية التي إذا ما حاول الكاتب نقلها فنياً فإنها تبدو غير قابلة للتصديق وشديدة الزيف والإدعاء ،إلا أنه أشاد بقصة “جولدن فنجرز” التي قامت علي المفارقة ما بين زمن الانتماء لبيت الأسرة وفصل المدرسة وملعب الشارع ودكاكين الحي، والعلاقات الدافئة الودودة بين الأرقاب والجيران وبين هواء المدينة والمحال التجارية فيها ومطاعم التيك آواي ومكاتب تسفير العمالة والعلاقات الشاحبة ما بين أفرادها وانكفاء كل منهم على ذاته وهمومه الفردية وسيادة العلاقات ذات الطابع النفعي الاستغلالي·حق المقاومةأما القسم الثالث والأخيرة والذي يضم قصتين الأولى قصة “صندوق الدنيا” والتي استخدم فيها السرد المسرحي الذي يقوم على المشهد أو الحوار الذي قد يكون من خلال صوت الراوي أو صوت العجوز التي تسرد الأحداث وهناك راوي ثالث يكون خلف هذه الأحداث ثم المتلقي الداخلي من أهل السوق، والمتلقي الرابع الذي يتمثل في القاريء، حيث يستغل الكاتب قصة ست الحسن والجمال ويجعلها تأخذ اتجاها مغايراً لما اعتدناه في قصص الحب ما بين فتاة فقيرة وابن الملك، فأن ست الحسن في هذه القصة يطاردها رجال السلطة بعد أن قام الملك بقتل أبيها وحبس أسرتها في السجن قد ورث ابنه الملك والسلطة وتنتهي القصة بتحول ست الحسن إلى طائر يحلق بعيداً صوب السماء بينما يظل أهل السوق يتابعونها حتي صارت نقطة صغيرة سرعان ما اختفت عن أعينهم كأنهم كانوا في حلم، أفاقوا منه بغتة على حقيقة وجود جند الملك بينهم فانحنوا تلقائيا يلتقطون كل ما تطوله أيديهم من حجارة أو ثمار عفنة وراحوا يقذفون الجند بغل وانتقام حقيقيين، بينما قائد الجند يأمر جنوده بالانسحاب الفوري، وتبقي ست الحسن كرمز للمثقف المتهور المطارد من السلطة في كل زمان مكان داخل الوطن العربي الكبير· وقال الكاتب محمود عبدا لوهاب إن عنوان المجموعة قد أوقع الكاتب في مأزق فهو يستدعي وجود المرأة في كل قصصه وحتى الإهداء الذي وجهه إلى كل النساء في حياته أمه، وإخوته البنات وزوجته وابنته، وأشار إلى أن هذه المجموعة كانت ضمن مسابقة عن المرأة وقد فاز فيها بجائزة ويبدو فيها انتماء الكاتب إلي أرضه وتراثه ومجتمعه وقيامه برصد تفاصيل الحياة الواقعية عن عالم يعرفه حق المعرفة في قري الدلتا وعلاقة الفلاح بأرضه ودواره وماشيته والسوق والمسجد والجبانة والضريح والدراويش، وعلاقته بكبار ملاك الأراضي الذين يتناوبون فيما بينهم منصب العمدة وعضوية الحزب الوطني ومقعد الدائرة في البرلمان·
