تمويل الصناعات الصغيرة .. ماذا أنتج؟
لقاء/ أثمار هاشم :بات من الأمور المسلم بها الاعتراف بالدور الذي تلعبه الصناعات الصغيرة في عملية التنمية الاقتصادية ليس للبلدان النامية فحسب وإنما للبلدان المتقدمة كذلك، نظراً لدوره الكبير في خلق فرص عمل للحد من البطالة والتخفيف من الفقر.اليمن واحدة من هذه البلدان فقد أدركت أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الصناعات الصغيرة في دعم الاقتصاد الوطني، فأنشأت صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة في عدد من المحافظات، وقد أشار أحد البيانات الرسمية اليمنية إلى أن الصناعات الصغيرة تشكل ما نسبته «8و95%» من إجمالي عدد المنشآت الصغيرة ويعمل فيها «42%» من أجمالي عدد المشتغلين في القطاع الصناعي.ولمزيد من التفاصيل التقت صحيفة «14أكتوبر» الأخ/ عدنان حفيظ مدير صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة ـ فرع عدن وأجرت معه الحوار التالي:[c1]إنشاء الصندوق[/c]في البدء سألنا الأخ/ عدنان حفيظ ـ مدير فرع صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة في محافظة عدن عن إنشاء الصندوق، فقال:أنشئ الصندوق بقرار جمهوري برقم «39» لعام «2002م» متمتعاً باستقلال مادي وإداري بعد أن آلت إليه جميع ممتلكات وحدة تنمية الصناعات الصغيرة التي تأسست عام 91م ليكون أحد أهم وأبرز مكونات شبكة الأمان الاجتماعي والغاية المثلى لتمويل المشروعات الصغيرة في الجمهورية اليمنية باعتباره الجهاز المتخصص بتقديم الخدمات الائتمانية لصغار المستثمرين وتوفير الخدمات المالية والفنية لقطاع المنشآت الصغيرة في كافة المجالات: «الصناعية، التجارية، الخدمية» مما يعني أن الصندوق يمارس نشاطه على أسس اقتصادية تمكنه من التطور والاستدامة خاصة أن الفئات المستهدفة من هذا الصندوق قد تزايدت أعدادها بشكل كبير.فمثلاً في عام «98م» بلغ عدد العملاء المقترضين «61» شخصاً «24» رجلاً و»37» امرأة. فيما إجمالي فرص العمل التي وفرها في ذلك العام بلغت «101» فرصة عمل «65» للرجال و»36» للنساء في عام «2007م» فقد وصل إجمالي عدد العملاء المقترضين من الصتدوق إلى «194» شخصاً، «163» رجلاً و»31» امرأة، أما إجمالي فرص العمل التي تم توفيرها ذلك العام فهي «683» فرصة عمل منها «652» للرجال و»31» للنساء.[c1]أهداف الصندوق[/c]وعند سؤاله عن أهداف الصندوق أجاب:يهدف صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة إلى تطوير الاقتصاد الوطني عن طريق توفير الخدمات المالية والفنية لإقامة المشاريع الصغيرة بكافة مجالاتها لزيادة حصة القطاع الخاص في الناتج القومي الإجمالي من خلال تعبئة الموارد المالية والفنية من المصادر الداخلية والخارجية ليتم استخدامها في تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة لتساهم برفع مستوى الدخل الوطني وتحسين مستوى الدخل للأسر الفقيرة في المجتمع وكذا استكشاف فرص الاستثمار الممكنة في هذا القطاع وتقديم المشورة الفنية لها لمساعدتها على تنمية قدراتها ورفع طاقاتها الانتاجية.[c1]شروط المشروع والقرض[/c]وعندما سألناه عن الشروط الواجب توافرها في المشروع المراد تمويله وشروط منح القرض رد قائلاً:هناك عدد من الشروط التي يجب أن تتوفر في المشروع المراد تمويله منها: أن تكون له إدارة صغيرة ثابتة ومنظمة وأن يكون ذا كفاءة وله جدوى اقتصادية أي بمعنى آخر لديه سوق لتصريف منتجاته وخدماته وله القدرة على تغطية نفقاته وتحقيق أرباح تمكنه من الاستمرار والتوسع. إضافة إلى أنه يجب أن يكون المقترض متفرغاً للعمل في مشروعه ولديه خبرة في مجال عمله.أما اجراءات طلب القرض فتتمثل بتقديم المقترض طلباً كتابياً إلى قسم المشروعات في الصندوق مرفقاً معه صورة من عقد إيجار المحل ورخصة مزاولة المهنة لصاحب المشروع وصور من البطاقة الشخصية والسجل التجاري للضامن ثم نقوم بعدها بزيارة لموقع المشروع الذي يفترض بصاحبه اعداد دراسة جدوى مصغرة لتحديد مدى احتياج المشروع من مبلغ القرض المطلوب بما يتوافق مع طبيعته بعد ذلك نقوم بعمل عقود تمويل له تختم في المحكمة التجارية ويصرف القرض إلى موردي الآلات أو المواد بموجب عروض الأسعار التي يحضرها المقترض وبحضوره.[c1]الضمانات المطلوبة[/c]قبل أي شيء أود أن أوضح أن الصندوق يمنح قروضاً تترواح بين «150» ألف ريال كأدنى قرض و»4» ملايين ريال كاقصى قرض وبالتالي تختلف الضمانات المطلوبة من قبلنا باختلاف مبلغ القرض، فالمشاريع الصغيرة التي تصل قروضها إلى ما بين «300 ـ 400» ألف ريال يكتفي الصندوق بأخذ ضمانات بسيطة عليها مثل ضمانات موظف حكومي «راتب عمله» أو ضمانات معاش تقاعدي أو عقار. فيما المشاريع التي تصل قروضها إلى مليون ريال أو أكثر فإننا نطالب بضمانات تجارية، بنكية أو عقارية.[c1]نوعان من القروض[/c]وحول نوعية القروض التي يقدمها صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة قال الأخ/ عدنان حفيظ:يقدم الصندوق نوعين من القروض النوع الأول يُمنح للمشروعات الصغيرة وهو الأوسع انتشاراً ويضم قاعدة من العملاء سواء اولئك الذين يرغبون بإقامة مشاريع جديدة حيث يتم دعمهم بحوالي «50%» من إجمالي التكاليف الاستثماريللمشروع على أن لا تزيد قيمته على مليوني ريال أولئك الذين يرغبون بتوسعة وتطوير مشاريعهم ليتم دعمهم بـ «70%» من إجمالي التكاليف الاستثمارية للمشروع على أن لاتزيد قيمتها على «4» ملايين ريال، أما النوع الثاني من القروض التي يقدمها الصندوق فتمنح للمشاريع البالغة الصغر وقد بدأ تمويل هذا النوع من المشروعات في منتصف عام «96م» لمساعدة الأسر الفقيرة على تحسين دخلها عن طريق دعم الأنشطة والمشروعات المدرة للدخل.[c1]النساء والصندوق[/c]لوحظ أن هناك تفاوتاً كبيراً بين أعداد النساء والرجال المقترضين من الصندوق فما السبب ؟في السنوات السابقة كانت أعداد النساء اللواتي يقترضن من الصندوق كبيرة جداً ولكن أعدادهن بدأت تقل نتيجة توجه اتخذه الصندوق لأننا وجدنا مشاكل في عملية استرداد المبالغ من المشاريع النسائية فهناك مشاريع تقام داخل البيوت مثل التجارة المنزلية، الكوافير وغيرها وللأسف الشديد هناك نساء أصبحن يأخذن قروضاً ويقمن باستخدامها لأغراض الزواج أو البناء وفي بعض الأحيان لانجد لمشاريعهن أي وجود وهكذا واجهنا مشاكل في التحصيل.[c1]استشارة فنية[/c]وفيما يخص الاستشارات الفنية التي يقدمها الصندوق والتي هي من ضمن أهدافه أوضح قائلاً:من واقع الخبرة ومعرفة السوق إذا رأينا أنه تقدم لنا صاحب مشروع نتعرف على المنافسين له في هذا المجال وعلى ضوء ذلك نعطيه نصيحة وإذا أصر العميل على المضي في مشروعه في الوقت الذي نرى فيه نحن أن ذلك المشروع سيكون خاسراً فإننا نرفض اعطاءه القرض، أما إذا أخذ بنصيحتنا فإننا نقوم بتمويله.كذلك من ضمن الاستشارات التي نقدمها هي كيفية تعامل العميل مع البنك فالمشاريع التي يكون قرضها أكثر من «300» ألف ريال نطلب فيها من العميل أن يفتح حساباً في أقرب بنك ونعوده على كيفية التعامل مع البنوك بعد أن نكون قد أعطيناه دورات في حساب الإيراد وعدم الخلط بين المصروفات الشخصية ومصروفات المشروع وكيفية حجز مبلغ يومي حتى في نهاية الشهر إلى مبلغ الذي يفترض به أن يسدده للقرض. وأضاف قائلاً: علاقتنا بالعملاء لا تنتهي بمجرد سداد القرض فإذا استمروا بالتواصل معنا فإننا نقوم بإعطائهم النصائح التي يحتاجون إليها كما نشركهم في الدورات التسويقية المقدمة من المشروع الألماني أو الصندوق الاجتماعي للعمل.[c1]لا يوجد تعريف محدد[/c]وحينما سألناه: كيف يسمون انفسهم صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة فيما قروضكم تصل إلى «4» ملايين ريال؟ أجاب بالقول:لم يصل خبراء الاقتصاد إلى وضع تعريف محدد للصناعات الصغيرة، بعضهم حددها بعدد العمالة التي تترواح ما بين «4 ـ 7» أشخاص فيما آخرون حدودها برأس المال الذي يترواح ما بين «4 ـ 5» ملايين ريال، صحيح أن الصندوق في حالات نادرة يعطي قروضاً تصل إلى «6 ـ 8» ملايين ريال للعملاء الذين رأسمالهم كبير وسبق له التعامل معهم وبشكل عام يمكن القول إن أي مشروع يصل إلى حدود «30» ألف دولار يكون مشروعاً وكلما زاد المبلغ تغيرت التسمية إلى مشروع متوسط أو كبير.[c1]مشروعات خاصة[/c]وحول المشروعات التي حققت أرباحاً تحدث قائلاً:هناك بالفعل مشاريع حققت نجاحات كبيرة وأكثرها مشاريع تجارية أخذ أصحابها قروضا بالملايين وهذا النوع من المشاريع يأخذ سيولة أكثر مما يدخل على الجانب الآخر فإن الاشخاص الذين أخذوا قروضاً أقل والتي وصلت بعضها إلى «300» ألف ريال فإن مشاريعهم قابلة للتوسع والنمو وهناك تجارب كثيرة ناجحة في هذا المجال فنجد الواحد منهم بعد ان ينجح مشروعه الأول يبدأ بفتح فروع أخرى ولكن مشكلة هذه المشاريع أنها لم تنتظم لتصبح قطاعاً واحداً أو مؤسسة واحدة والتي قد يكون من أسبابها البيئة الاستثمارية، نقص الخدمات أو أن البنية التحتية لاتساعدهم على ذلك.[c1]القضاء على البطالة[/c]وفيما يختص بالدور الذي يمكن أن تلعبه المشروعات الصغيرة في القضاء على البطالة قال مدير الصندوق:كما أشرت سابقاً فإن كثيراً من أصحاب القروض اتجهوا للجانب التجاري الذي لا يحتاج فيه إلى توظيف عمال ولذا استمر الحال كذلك فإن البلد لن يتطور لأننا سنظل معتمدين دائماً على الاستيراد ولم نحافظ على صناعتنا الوطنية التي من شأنها أن تسهم في إنتاج سيولة وتوظف عمالاً ويمكن القول أن هناك إحجاماً من قبل العملاء على الخوض في المشاريع الإنتاجية لأن تلك الموجودة في السوق تواجه معوقات منها عدم قدرتها على منافسة المنتج الخارجي الذي يكون أرخص بكثير من المنتج المحلي، وكذا ارتفاع أسعار المواد الأولية لمنتجاتهم وعدم وجود مساعدات أو امتيازات لهم في ظل غياب الحماية للمشاريع الإنتاجية المحلية.[c1] مسؤولية الحماية[/c]وفي رده على سؤالنا من هو المسؤول عن حماية المنتجات المحلية؟قال: لا أستطيع أن أحدد جهة معينة وإنما هو دور يجب أن تلعبه جهات الاستثمار والغرفة التجارية وإدارة التنمية في المحافظة، فالغرفة التجارية والصناعية هي التي تقدم الدعم والمشورة والدراسات للمستثمرين فيما الغرفة التجارية تقدم المساعدة للتجار أما إدارة التنمية فإنها تتبع المحافظة بما يخص الاقتصاد وللأسف الشديد هناك الكثير من الصناعات الصغيرة تعمل دون أن يكون هناك أي تنظيم لها، وإنما وفقاً لرؤية معينة لدى أصحابها وهؤلاء نجد صعوبة في التواصل معهم في الوقت الذي هناك أصحاب مشاريع صغيرة وهم قلة استطاعوا أن يقوموا بتشكيل جمعيات خاصة بهم فيها نوع من التنسيق ومن خلالها نستطيع أن نوصل إلى جميع الأعضاء الذين هم بحاجة لدورات تسويقية أو غيره.[c1]الصعوبات[/c]من أبرز الصعوبات التي تواجه عمل صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة كيفية الوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين من أصحاب الصناعات الصغيرة فنحن نقوم بالتواصل مع الناس بطرق ذاتية عبر النزول الميداني، الالتقاء بالغرفة التجارية أو عن طريق بعض العملاء فمثلاً الميزانية المرصودة لنا هذا العام بلغت «265» مليون ريال ينبغي أن يستفيد منها «400» عميل في محافظات عدن، لحج، أبين، الضالع وهي المحافظات المسؤول عنها الصندوق وفي هذا الصدد فقد تمت الاستعانة بخبير ألماني في توحيد لون الشعار وعمل ملصقات دعائية، لوحات إعلانية وكتيبات نتوقع أن تكون جاهزة بعد حوالي شهر ونصف لتساعدنا في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين لايعرفون شيئاً عن الدور الذي يمكن أن يقدمه الصندوق لهم.[c1]الرؤية المستقبلية للصندوق[/c]أصبح لدى الصندوق برنامج طموح يهدف إلى توسعة خط الإنتاج وافتتاح فروع أخرى على مستوى المحافظات تساعده على الوصول إلى المنشآت الصغيرة التي تعمل في كافة المجالات «التجارية، الإنتاجية، الخدمية» كما يخطط الصندوق لإدخال منتجات جديدة منها منتج المرافق التجارية، منتج القروض الموسمية، منتج القروض الشخصية ومنتج التأجير التمويلي إلى جانب ذلك كله فإن لدى الصندوق توجهاً لافتتاح إدارة خاصة للتسويق بشكل عام في جميع الفروع.