ً القاهرة/14اكتوبر/ حسن صالح: يزداد انتشار الشيشة بين المصريين بشكل مطرد ،حيث تؤكد أحدث الدراسات أن أربع أشخاص يدخنونها من بين كل 10 مصريين،و رغم أن تدخينها قديماً كان مقصوراً علي علية القوم من الأتراك والأغنياء في باديء الأمر منذ أكثر من 50 سنة إلا أنها تحولت إلي كيف الفقراء في الستينيات قبل أن تصبح مصدراً للتسلية في أوقات الفراغ للجميع بداية من الشباب إلي الفتيات والسيدات والرجال في جميع الطبقات.رصدنا أسرار العلاقة الحميمة بين المصريين والشيشة ، وحقيقة الاعتقاد القائل بأنها أقل ضرراً من السجائر رغم أن الأطباء يؤكدون أنها أشد خطرا وأن حجر الشيشة الواحد يعادل تدخين 10 سجائر.[c1]اعترافات[/c]يقول محمد علي - 25 سنة: بدأت تدخين الشيشة منذ عشر سنوات فهي أصبحت بالنسبة لي مثل المأكل والمشرب لدرجة أنني قبل الذهاب لعملي أذهب للمقهي لتدخين الشيشة وأثناء عملي أعاود تدخين الشيشة عدة مرات في اليوم، فهي بالنسبة لي أصبحت عادة يومية وأنا لا أستطيع الآن الامتناع عن تدخين الشيشة فهي عشرة عمر بالنسبة لي.وقال بسام محمود- طالب جامعي: للشيشة قصة معي فقد بدأت تدخينها منذ دخولي الجامعة ولكن قبل الجامعة كنت أدخن السجائر وذلك نظراً لأن الشيشة تتطلب الذهاب لمقهي أو كوفي شوب ولا أستطيع تدخينها في المنزل ونحن في بعض الأحيان نترك المحاضرات ونذهب لتدخين الشيشة.ويروي شريف وجيه 23 سنة موقفاً غريباً حدث له أثناء الجامعة كاد يتسبب في رسوبه عاما كاملاً بسبب الشيشة فيقول: أنا أدخن السجائر منذ أيام الثانوي وحتي بعد دخولي الجامعة وحتي الآن ففي العام الدراسي الثاني لي في الجامعة، كنت قد قررت عدم التدخين واستمر ذلك لمدة 8 شهور إلا أنني في هذه الفترة كنت أقوم بتدخين الشيشة وفي أحد الأيام كان لدي امتحان التيرم، وذهبت لأحد الكافيهات لتدخين حجر شيشة واحد فقط حتي أستطيع اللحاق بالامتحان وسرقني الوقت واكتشفت أنني قمت بتدخين أكثر من حجر أضاع من وقت الامتحان نصف ساعة.
ويقول محمد أبوذكري 22 سنة أولي كلية حقوق: أدخن الشيشة منذ حوالي 4 سنوات وبداية تدخيني الشيشة كانت من باب التجربة وحب الاستطلاع ثم مرة بعد أخري، أدمنت تدخين الشيشة ولم أستطع الاستغناء عنها أو الامتناع عن تدخينها، ويرجع ذلك لطبيعية البيئة المحيطة حيث إن غالبية المحيطين بي من المدخنين سواء الأهل أو الأصدقاء.يقول د . عبدالمنعم الجميعي أمين عام الجمعية المصرية للدراسات التاريخية دخلت الشيشة إلي مصر مع العثمانيين منذ أكثر من خمسمائة عام ، وكانت مقصورة علي علية القوم من الأتراك والأغنياء وغير متاحة للفقراء والطبقات الدنيا من الشعب في ذلك الوقت.وتقول د·عزيم كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن الشيشة بالذات حدثت بها تغييرات كثيرة ففي الستينيات ارتبطت بالصفة العمالية، ومدخنوها كانوا ينتمون للفئات الاجتماعية الأقل قدرة وكانت الشيشة غير متداولة بأي مكان إلا في القهاوي بالأحياء الشعبية لكن مع توافد العمالة المصرية علي دول الخليج في منتصف السبعينيات وأوائل الثمانينيات تحول المجتمع المصري لمجتمع مفتوح علي هذه الدول التي كانت تتميز بانتشار عادة تدخين الشيشة بها وبين كل الفئات من النساء والرجال حتي وصلت للمنازل فانتشرت في المجتمع المصري بشكلين أولهما: التدخين العابر، وثانيهما: استغلالها من الناحية التجارية، مما أدي لانتشارها بالفنادق والمولات كطريقة لجذب العرب والسائحين وأصبح تجارها يتفنون بخلق جو وديكورات مغرية لجذب المارة ومحبي هذه العادة ولم تعد بشكلها التقليدي بل أصبحت لها ألوان وأنواع وتطورت أدواتها كالفم البلاستيكي الخاص بها “المبسم” اعتقاداً منهم بأنها تجنبهم الأمراض خاصة وقد انتشرت عادة الاشتراك في تدخين شيشة واحدة بين 3 أو 4 أفراد وأصبحت مصدراً للتسلية في وقت الفراغ وكأنها علاقة حميمة بينها وبين مدخنيها.[c1]سر الانتشار[/c]ويفسر د. إلهامي عبدالعزيز أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس العلاقة الحميمة بين المصريين والشيشة بأنها تعبر عن المؤانسة والألفة والتقارب بدلاً من المساندة في وقت الأزمات بل أصبحت الآن أحد الأشكال الرئيسية للتقارب بين البنين والبنات.بينما يرجع د.وائل منصور أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان في مصر إلي عدة عوامل من أهمها التقليد الأعمي لكل ما هو غريب فأي تقليعة غريبة علي العين جاذبة للاهتمام، حتي أصبح الجميع الآن يدخنونها صغاراً وكباراً متعلمين ومثقفين وحتي أطباء دون تفريق كذلك هناك قطاع كبير من الشباب يعمل في المجال السياحي يقلدون الأجانب الذين لا يفرقون بين الشاب والفتاة في ممارسة التدخين.وتري د.نهلة عبدالله إمام أستاذة العادات والتقاليد بمعهد الفنون الشعبية بأن الشيشة كظاهرة ليست جديدة وإنما حدث حراك لها من المقاهي الشعبية إلي الفنادق والكافيهات والمولات بالمناطق الراقية وهي ليست ظاهرة أصيلة إنما ستأخذ وقتها وتنتهي وبدأت بكل البيوت الخليجية التي تتسم بالجلسات العربية الواسعة، وانتقلت إلينا نتيجة احتكاك ثقافي متزايد.
[c1]اعتقاد خاطيء[/c]ويقول د.مختار مدكو أستاذ الأمراض الصدرية والرعاية المركزة بطب عين شمس : تتراوح نسبة المدخنين في مصر ما بين 30 إلي %40 من مجموعة المواطنين ويصل حجم استهلاكنا من التبغ المستخدم في الشيشة لأكثر من 20 طنا سنويا بمعدل زيادة سنوية %25 ويتضاعف حجم الاستهلاك كل 7 سنوات، ويبلغ حجم الانفاق علي التدخين في مصر 8.5 مليار جنيه سنويا فإنفاق رب الأسرة علي التدخين تصل نسبته إلي %15 من دخل الأسرة.وقد حددت منظمة الصحة العالمية 27 مرضا ترتبط ارتباطا وثيقاً بالتدخين تتصدرها النزلات الشعبية المزمنة وانتفاخ الرئة والذبحة الصدرية والسدة الرئوية، والخطير أن هذه الأمراض بدأت تنتشر بين المدخنين من الشباب وليس المتقدمين في العمر فقط حيث إن هناك ما يزيد علي نصف مليون مدخن أقل من 13 سنة وبدأت نسبة التعرض للإصابة بهذه الأمراض تزداد بالنسبة للنساء، بعدما انتشر التدخين بين الفتيات والسيدات، والمدخن لا يشعر بالأعراض الجانبية للتدخين في الحال بل بعد سنوات عديدة تتراوح ما بين 15 إلي 20 سنة، وهذه الأعراض قد تبدأ بسعال بسيط ونهجان وعدم القدرة علي القيام بمجهود ومع مرور الوقت تأخذ هذه الأعراض في الشدة حيث لا يتمكن المدخن من القيام بالجهد العادي ومزاولة عمله والمنافسة مع أقرانه فقد أثبتت الإحصائيات أن نسبة المترددين من المدخنين علي عيادات الصدرية وعلاج الدرن تترواح ما بين %60 و%80 من جموع المترددين.والاعتقاد السائد لدي بعض المدخنين بأن تدخين الشيشة أقل ضرراً من تدخين السجائر اعتقاد خاطيء وغير صحيح أن مرور دخان الشيشة علي الماء ينقي وطهر الدخان فهذا اعتقاد كاذب يجعل المدخنين يشعرون بأمان صحي زائف، فقد ثبت أن معدل استهلاك مدخني الشيشة من التبغ أكثر كثيراً من معدل استهلاك مدخني السجائر حيث إن حجر الشيشة يعادل تدخين 10 سجائر ويختلف هذا المعدل من حجر لآخر، وذلك حسب طريقة التدخين وأيضاً حسب معدل استهلاكه والمبسم أو الفلتر ليس عنصر أمان لأن انتقال الأمراض من شخص لآخر تأتي عن طريق الميكروبات الموجودة بالخرطوم الخاص بالشيشة فمن السهولة انتقال الأمراض من شخص مريض لآخر، كما أن هناك أكثر من 200 مادة تنتج عن تحلل التبغ بينها علي الأقل 20 مادة مسرطنة.