حدث وحديث
تراوحت وجهات نظر الباحثين عند تحديدهم لمفهوم الصحافة المتخصصة واختلفت هذه المفاهيم وفقا لوجهات نظرهم وأرائهم واتجاهاتهم وطريقة ممارستهم لها.ويرتبط مفهوم الصحافة المتخصصة بالتخصص المعرفي ارتباطا وثيقا وفقا لطبيعة الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية والتكنولوجية في عصرنا هذا حيث التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتية يسود العالم ويؤثر على جوانبه.ويعني التخصص بالدرجة الأولى تحديد مجالات العمل التي يعمل فيها الشخص المعني الحائز على معرفة اختصاصية كبرى نتيجة ممارسته لها وانشغاله بها باستمرار كما يعني التمكن من تطوير كفاءات اختصاصية مطلوبة باستمرار والتخصص ليس سمة مميزة للصحافة فقط وإنما هي سمة تميز التطور البشري في عصر الإعلام، فالواقع الذي يكتب فيه الصحفي يتغير ويصبح متعدد الفئات ويزداد تعقيداً ويتطلب المساهمة الواعية في صياغة العمليات الاجتماعية وفهماً عميقاً للناس وعلى ذلك فإن مدار البحث في الصحافة التقليدية والصحافة التجارية والمدنية لن يكون إيجاد حقيقة علمية جديدة في عالم الصحافة بل ستكون غايته الجمع بين فروع المعرفة ليبين لنا الصورة الكاملة للمعرفة كلها كهدف أساسي يسعى إليه الإعلام بوسائله وفنونه المختلفة.علماً بأن التطور الحديث الذي شهدته وسائل الاتصال أثر بشكل مباشر على ارتفاع المستوى الثقافي في المجتمعات ما أدى إلى الزيادة والمطالبة بإصدار الصحف والمجلات المتخصصة بل وظهور الإعلام المتخصص المرئي والمسموع.ومن الطبيعي أن تتعدد وتتنوع المواد التحريرية التي تقدمها الصحف المتخصصة وما يلحق بذلك من الصفحات المتخصصة في بعض الصحف العامة مثل الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية وذلك بتعدد وتنوع مجالات التخصص والتي تنصب على كافة فروع المعرفة في جوانب الحياة واهتمامات الأفراد وأوجه أنشطتهم المختلفة.وتكمن أهمية الصحافة المتخصصة في كونها أكثر من مجرد نقل المعلومات إذ تهيئ منبرا للمناقشة ولنشر الأفكار والمبتكرات ولتبادل الخبرات والتجارب وقد تسعى مثل هذه الدوريات إلى التأثير على متخذي القرارات أو تعزيز القدرات الإبداعية في كثير من المجالات وبصفة عامة يمكن التوصل إلى أن الواقع يشهد تزايداً ملحوظاً في الاهتمام بالصحافة المتخصصة لاسيما في المجالات ذات الاهتمام الجماهيري الواسع، وإمعاناً في الإيضاح ننوه بالمناسبة لم يعد يكفي مثلا وجود صحافة متخصصة في الإعلام وإنما صارت هناك حاجة ماسة إلى صحافة متخصصة في علوم وفنون الصحافة وأخرى في الإذاعة والتلفزيون إضافة إلى تخصصات العلاقات العامة والسينما والمسرح وغيرها وحيث يتولي تحريرها صحفيون تخصصوا في تلك المجالات وهذا يتطلب بذل المزيد من الجهد في تدريب وتأهيل العاملين بالمجالات الإعلامية واحتكاكهم بالباحثين والخبراء في المجالات المتخصصة وذلك من خلال إعداد الدراسات والبحوث والمؤتمرات والندوات وحلقات النقاش التي تجمع فيها الإعلاميين والباحثين والمهتمين في مختلف المجالات وكذلك الاهتمام بتحديث برامج التدريس في الكليات والأقسام والمعاهد الإعلامية ومواكبة عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال.