إنقاذاً لمدرسة (أبناء السلاطين) التاريخية والأثرية
عملية التكسير في أطراف مدرسة السلاطين
تحقيق وتصوير / أثمار هاشم :مثلما توجد للإنسان ثوابت يؤمن بها وخصوصية يرفض أن يتم انتهاكها من قبل أي شخص فإن للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية خطوطا حمراء ينبغي عدم تجاوزها أو المساس بها بأي شكل من الأشكال كونها تمثل شاهداً على أعمال من سبقونا ما يجعلها أمانة في أعناقنا تستلزم منا المحافظة عليها وصيانتها إلا أن ما يحدث في مدينة عدن من تشويه وطمس لمعالم أثرية وتاريخية فيها يدفعنا إلى أن نتكاتف جميعا لوقف ما تتعرض له هذه المواقع من عبث ولذلك وضعنا هذا الهم العام أمام عدد من المختصين والمهتمين لتحديد الأضرار التي ستنجم عن ذلك حاضرا ومستقبلا.
مدرسة أبناء السلاطين
[c1]الآثار قيمة وطنية[/c]* الأخ / محمد محسن محمد / مهندس معماري في تخطيط المدن ونائب رئيس هيئة المعماريين اليمنيين – عدن تحدث إلينا قائلا:إن مشكلتنا الحقيقية تتمثل في أن الجهزة القائمة على هذا الموضوع أو المعنية بحماية الآثار وحماية القوانين هي التي تجهل أهميتها فمدينة عدن لها مخطط توجيهي عام يحتوي على تصنيف للمساحات والفراغات التي يفترض وجودها منها عملية التحزيم للمواقع الأثرية بمعنى أن أي موقع أثري يجب أن يمتلك مجالا لايسمح بالاقتراب منه أكان ذلك الاقتراب من خلال البناء بجواره أم تكسير المنطقة المحيطة به لذا فان عملية التكسير التي تتم الآن بالقرب من المواقع الأثرية ستعمل على خلخلة أساساتها وهذه من الامور غير المسموح بها (بناء على التحزيم) لذلك على الجهات الرسمية ممثلة بالأخ المحافظ والاخوة في المجلس المحلي أن يقوموا بواجبهم تجاه تلك الأمور فعلى عاتقهم تقع حماية هذه المواقع الأثرية وعدم إعطاء تراخيص بناء في مثل هذه المواقع بلا رؤية تخطيطية لأن هذه الجبال تعتبر موروثا طبيعيا ومدينة عدن تتميز بشيئين هما الجبل والبحر فان قضمنا الجبل وكبسنا البحر فما الذي سيتبقى لعدن؟!
د . هشام السقاف :
الجانب الآخر لسنا مضطرين لتكسير الجبال في الوقت الذي لدينا مساحات خالية كثيرة فلماذا لاتصرف فيها التراخيص بدلا من صرفها في أماكن حرجة وبالقرب من مواقع أثرية؟! فحجب رؤية تلك المعالم الأثرية أمر خطير على مستقبل السياحة في عدن خصوصا وفي اليمن عموما إذ أن حجب هذه المعالم الأثرية يعني القضاء على عناصر الجذب السياحي، وكان الواجب الاهتمام بها، فعلى سبيل المثال مدرسة (أبناء السلاطين) الواقعة في قمة جبل حديد كان يجب علينا أن نقوم بازاحة بعض الصخور والعوائق البصرية لإظهارها للعيان أن نقوم بإضافة مبان أمامها وحجبها عن الآنظار ولكن المشكلة أن الإخوة في الادارات ذات العلاقة لايضعون اعتبارا للجانب البصري فكثير من الأثار في مدينة عدن قد لاتكون تضررت بشكل مباشر لكنها حجبت مثل مسجد العيدروس إضافة إلى ذلك فإن عملية التكسير المستمرة للجبال من شأنها أن تؤدي إلى حدوث انفصال للكتل الصخرية مما يجعلها عرضة للانهيار في أي لحظة كما أن من يقومون بالبناء في وسط الجبال يحشرون أنفسهم في تلك المنطقة التي قد تكون معرضة للانهيارات الصخرية وبالتالي تصبح حياتهم مهددة بالخطر. ونحن كمنظمات غير حكومية كانت لنا آراء في هذا الشأن إلا أنها لم تلق ىآذاناً صاغية من الجهات ذات العلاقة لتقوم بواجبها وإن كنا نتمنى أن يكون ما نقوم به من تحرك كمهتمين يحظى بتجاوب المسئولين في هذه المحافظة وأن ينظر لما هو حاصل الآن من زاوية مختلفة وليس على أنها أمر واقع فهناك أشياء يجب ألا تمس واعتبارها من الأمن القومي وموروثاً لايقدر بثمن ويكفي ما يحدث من إعادة تأهيل عشوائية للسلالم الأثرية لقلعة صيرة وبطريقة لاتمت بصلة لصيانة الآثار.وإذا كان هناك من كلمة يجب قولها فهي أن يعاد الاعتبار لآثار عدن التي تضررت كثيرا جراء العبث وعدم فهم بعضهم لقيمة الآثار.
[c1]عدن .. أقدم مدن التاريخ[/c]* أما الدكتور هشام محسن السقاف - رئيس جمعية التاريخ والآثار – عدن قال : إن ما يحدث الآن من تكسير في جبل حديد يطال مدرسة أبناء السلاطين التاريخية ويزعزع بنيانها وأساساتها عن طريق الحفارات والشيولات مرفوض من قبلنا كنظمة من منظمات المجتمع المدني التي لاتتبع الدولة ونطالب بوقف العبث بأي معلم من معالم عدن بما في ذلك المنازل ذات البنيان العدني المتميز التي يصل عمرها إلى أكثر من مائة عام ويتم هدمها الآن وإقامة عمارات اسمنتية لاتمت بصلة لهذه المدينة لذا نحن نرفض هذا العمل العبثي الكبير الذي يتم في جبل حديد والدروب السبعة والمدرسة التي بنيت في مرحلة تاريخية معينة بتبرعات من أهل الخير ونطالب السلطة المحلية خصوصا المنتخبين من أبناء هذه المدينة أن يكون لديهم نفس الحس الذي يتحلى به أعضاء جمعية التاريخ والآثار اليمنية وغيرهم من منظمات المجتمع المدني للمحافظة على مدينة عدن فربما الأخ المحافظة لايستوعب كثيرا من الأشياء المتعلقة بالجوانب التاريخية والأثرية ولكن عليه العودة إلى منظمات المجتمع المدني مثل منظمتنا وإشراكها في أي عمل من هذه الأعمال ونحن لانطالبه بتوظيفنا أو الشعور بالخوف من عملنا فكل ما نريده أن يكون لنا رأي استشاري في مثل هذه المواضيع حتى نوضح له بعض المعالم العدنية
د . أسمهان العلس :
والآثار الموجودة فيها واعتبارها خطا أحمر لايجوز اقتراب منها إلا بمواصفات راقية جدا ومع هذا فالحل ليس بأيدينا وإن كنا كجمعية للتايخ والآثار وجهنا الدعوة إلى جميع منظمات المجتمع المدني والمجلس المحلي وحضر أمينه العام ونادينا بضرورة أن تكون عدن محمية أثرية يجب المحافظة علي معالمها وقدمنا كتيباً صغيراً يشير إلى معالم عدن وآثارها إلا أنه للأسف الشديد أصبحت أصوات المتنفذين والعابثين أقوى من المجلس المحلي الذي يجب عليه أن يعترض على مثل تلك الأعمال التي تعبث بمعالم وآثار هذه المدينة خاصة أنهم من أبناء هذه المحافظة المنتخبين وبالتالي عليهم أن يرفعوا أصواتهم للدفاع عنها، فمن خلال لقاءاتنا مع قيادة المحافظة أستطيع القول إنه بالإمكان إحداث شيء إيجابي في هذا الشأن خاصة إذا ارتفعت أصوات منظمات المجتمع المدني المطالبة بالحافظ على آثار عدن ومعالمها حتى اضطرنا الأمر للجلوس تحت الشمس إلى أن تتوقف الجرافات عن هذا العمل القبيح الذي تقوم به في جبل حديد.وأضاف قائلا : يكفي أن معلماً مثل المجلس التشريعي سابقا اختفى الان وراء عمارات اسمنتية طويل جدا بنيت حديثا في مدخل عدن غطت هذا المعلم التاريخي لأن القائمين على أمر هذه المدينة لايدركون فحوى هذا المعلم ولاتاريخيته ولا إلى ماذا يرمز؟! ويفترض ألا يتم التخطيط فوق جبال عدن التي لها ميزة حماية هذه المدينة فإذا تعرضت لهذا التكسير والنحت اليومي فربما تحدث بعد ذلك مآس كارتفاع الموج.[c1]توثيق الآثار[/c]* وفيما يتعلق بالجانب الآثاري لمدينة عدن حدثتنا الأخت / هيفاء عبدالقادر مكاوي – مدرسة آثار إسلامية قسم الآثار – كلية الآداب عن ذلك قائلة:تطلق تسمية جبل حديد على الجبل الموجود في المنطقة ابتداء من باب عدن حتى نهايتها عند المدرسة وهو عبارة عن درب يمتد لأكثر من (100) متر وينتهي ببوابة متكسرة وبعد ذلك تبدأ سلسلة من الدروب تعرف باسم دروب الجوهري وتنتهي بمدرسة أبناء السلاطين التي كانت عبارة عن ثكنة عسكرية قبل أن يدخل الآنجليز إلى عدن إلى جانب ذلك ذلك يوجد في المنطقة نفسها ما يعرف باسم (درب حوش) الذي تم استغلاله في الفترة الأخيرة كونه يحتوي على خزان يغذي منطقة عدن وخورمكسر وعليه فإن عملية النحت والتكسير الجارية الآن في جبل حديد وبالقرب من مدرسة أبناء السلاطين يمكن أن تتسبب في تخلخل المواد الرابطة للمدرسة وبالتالي إلى انهيارها كلياً أو جزئياً فالمدرسة قديمة ويعود عمرها إلى حوالي (200) عام وهي الآن في حالة تستدعي الترميم، أضف إلى ذلك فإن المسألة لاتتعلق فقط بهذه المدرسة بل يجب علينا المحافظة على الآثار الموجودة في عدن التي اصبحت محصورة في أذهان كثير من الناس ببعض المواقع فقط مثل
فيصل ثعلبي :
الصهاريج وقلعة صيرة ومسجد العيدروس ولايتم التطرق مطلقا للدروب والأسوار والقلاع الموجودة ابتداء من باب عدن إلى جبل حديد ومنها إلى جبل الخضراء والقلاع والحصون الموجودة في تلك المنطقة ومنطقة معسكر جبل حديد التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الآثار لذا وقبل كل شيء يجب المحافظة على هذه النوعية من الآثار وترميمها بشكل صحيح ومن ثم فتحها أمام السياح وبذلك ستدر دخلا كبيرا على المحافظة، أما الاستمرار في عملية تكسير جبل حديد فانه سيترتب عليها فقدان جزء من آثار عدن التي توجد فيها آثار لم توثق حتى الان ولانعرف تاريخها وبالتالي فإنه يمكن وقف الضرر الحاصل الآن بإعلان تلك المناطق، محميات أثرية تاريخية وعمل حزام حولها حتى لايطالها أحد واستطيع القول ان هناك تفاعلا حاصلا الآن من خلال تواصلنا مع قيادة المحافظة فنحن نسعى لإيصال رسالة مهمة متمنية أن يتم تعويض الشخص الذي يقوم بالتكسير حاليا في جبل حديد بمكان آخر ويكفي أنه تم طمس مسجد أبان الذي لاتعرف عن تاريخه سوى أنه أول مسجد بني في مدينة عدن، وبوصفنا مهتمين بهذا الشأن فاننا نفكر بالتوعية الأثرية عن طريق إقامة الدورات والكتابة عبر الصحف وعمل زيارات ميدانية لطلاب المدارس إلى تلك المواقع الأثرية فكثير من الناس يجهلون وجود حصون على قمم جبال المنصوري وحديد بالاضافة إلى الطرقات والأبواب والأبراج المتواجدة فيها التي أصبحت مناطق آيلة للسقوط يمكن أن تزول بفعل الأمطار القوية لذا أتمنى أن تقوم السلطات المختصة بمحافظة عدن بإبداء اهتمام أكبر بآثار عدن.[c1]من دون ترخيص ![/c]* كما كان للجيولوجيين رأي حول عملية تكسير الجبال أوضحها لنا الأخ المهندس عمر خميس – رئيس قسم الجيولوجيا البيئية في هيئة المسوحات الجيولوجية والثروات المعدنية بالقول :أود أن أشير إلى أنه بحسب قانون المحاجر والكسارات فإن إدارة المساحة الجيولوجية هي الجهة المخولة بمسألة صرف التراخيص المتعلقة بتكسير الجبال. وفيما يتعلق بالأعمال التي تتم الآن في جبل حديدة فإنه لم يتم إصدار أي ترخيص لها من قبلنا فيجب على كل شخص يقوم بتكسير الجبال أن يعي بأن هذا الكون خلق
محسن بازرعة :
باتزان معين ولايجب المساس به لأنه في حال تم ذلك فسيؤدي إلى حدوث انزلاقات كما أن تلك المنشآت التي شيدت إنما بنيت على مسارب وفي حال نزول الأمطار فانها ستدخل إلى البيوت مما سيؤدي إلى غرقها وعليه فان مهمتنا تستند إلى تبنيه الإخوة المعنيين بالمحافظة بالأضرار التي قد تنجم عن تلك الأعمال كما سبق وعملنا أمام مشروع إعادة ترميم سلالم قلعة صيرة التي يمكن وصفها بالتخريب لذلك الموقع الأثري الهام وقد التقينا الأخوين مدير عام مديرية صيرة وكذا محافظ عدن في وقت لاحق وأبلغناهم بالأضرار التي تتعرض لها تلك المنطقة الأثرية فترميم مثل تلك المواقع ينبغي ان يتم بطرق علمية صحيحة.وفي هذا الاتجاه أود أن أوضح أنه أصبح لدى الدولة اهتمام كبير بمعالجة أضرار الانهيارات الصخرية التي تحدث لمسببات عدة منها نوعية الصخور والنشاطات البشرية وغيرها وهذا الاهتمام جاء بعد كارثة جبل الظفير عام 2006م لأن حدوث أي انهيار صخري لابد أن يقدم فيه تقرير جيولوجي توضح فيه المعالجات وهذه الاشياء لاتتم إلا بعد تعبئة استمارات خاصة.[c1]ضرورة دراسة الأثر البيئي[/c]* كذلك التقينا الأخ فيصل ثعلبي مدير عام الهيئة العامة لحماية البيئة – عدن لمعرفة رأي البيئيين في هذا الشأن، فتحدث قائلا:قبل الشروع في إنشاء أي منشأة فانه يفترض عمل دراسة تقييم الأثر البيئي الذي يمكن أن يحدثه أي نشاط عمراني عن طريق إعطاء رؤية مستقبلية لكيفية المحافظة على البيئة فأي عمل في محافظة عدن يجب أن يخضع لخطة إدارة المنطقة الساحلية الذي صدر عام 2005م بناء على قرار مجلس الوزراء الذي للأسف الشديد لم يفعل حتى الآن بشكل كبير، أما فيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية فإنها تعرض علينا عن طريق الهيئة العامة للاستثمار (عدن) التي ترفع إلينا رسالة تتعلق بالمشروع على أن يكون رد الهيئة العامة لحماية البيئة خلال (15) يوما إلى جانب ذلك ترفق لنا رسالة المستثمر متضمنة المواد التي يحتاج إليها لتنفيذ مشروعه ودور الهيئة يكون بفحص هذه المواد ومراجعتها لمعرفة ما إذا كانت مناسبة أو ممنوعة) هي المواد التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية الخاصة بمنع بعض المواد الكيماوية التي وردت في اتفاقيات استوكهولم ونوتردام وبازل وغيرها من الاتفاقيات التي وقعت عليها اليمن) وبعد مراجعة هذه المواد نطلب من المستثمر تحديد موقع المنشأة وفي ضوئه نحدد مدى حاجة المشروع للدراسة. أما المشاريع التي لاتمر عبر الهيئة العامة للاستثمار فيقوم الأخ المحافظ بالاتصال بنا للنزول مع المستثمر للموقع وإبداء الرأي ومن أمثلة ذلك مشروع الأبراج المزمع بناؤها في المنطقة الواقعة بين فندق ميركيور وعدن مول وقد طلبنا من الأخ المستثمر إعطاءنا تفاصيل كاملة عن المشروع ليتسنى لنا وضع جدول المهام و الشروط لعمل دراسة تقييم الأثر البيئي.
هيفاء مكاوي
أما فيما يخص نحت وتكسير الجبال فإن خطة الإدارة المتكاملة للمنطقة الساحلية قد منعت نحت حواف الجبال إلا إذا كان لمصلحة متعلقة بالأمن القومي وفي هذا الصدد فإنه قبل قيام أي مشروع في هذه المناطق يجب التواصل مع الجهات المختصة في مصلحة الجيولوجيا والآثار ونحن في الهيئة العام لحماية البيئة لدينا قسم في صنعاء يسمى الرصد البيئي نقوم بالتواصل معهم عبر الانترنت لإبداء الرأي وعليه فإنه يمنع بناء أي منشأة إلا بعد دراسة الأثر البيئي ولايجب تجاوز الهيئة العامة لحماية البيئة بوصفها الجهة المخولة للحفاظ على البيئة. أما تلك المنشآت التي أقيمت بدون دراسة للأثر البيئي فإنها تحتاج إلى مراجعة بيئية.[c1]استهتار بالمعالم [/c]* الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار – الدكتورة أسمهان عقلان العلس أبدت رأيها قائلة :الحديث عن محافظة عدن والمعالم التي فيها ليس بجديد فقد بدأت جمعيتنا منذ عام 2005م بالدعوة إلى المحافظة على هذه المعالم وإعلان عدن مدينة تاريخية كونها ترتكز على ماتحتويه هذه المدينة من آثار ومعالم لم تختزنها مدينة يمنية أو عربية أخرى كالصهاريج مثلا. إضافة إلى تميز عدن بميراثها المعماري المتنوع مقارنة بباقي المدن اليمنية التي أعلنت محميات تاريخية وبالتالي فإن صمت المسئولين عن هذا الموروث يعد اجحافا بحق عدن وتاريخها، على الجانب الآخر فإن أعمال الهدم وإعادة البناء والتغيير في معالم عدن أفقدت هذه المدينة تميزها التاريخي الذي اشتهرت به عبر العصور وهنا أود أن أوجه سؤالا لذوي القرار وهو: لماذا لاتعلن عدن محمية تاريخية أسوة بمحمية الهجرين وشبام وزبيد؟ فاستمرار هؤلاء في صمتهم عن الرد أمر لايعطي حلاً على العكس مازالت أعمال الهدم مستمرة لمعالم هذه المدينة كما يحدث الآن في جبل حديد وجبل صيرة، كما أن الشروع في هدم موقع البريد لن يمحوه من على وجه الأرض فقط بل سيمحو أول مصلحة للبريد على مستوى الجزيرة العربية وسيقضي على منارة عدن الإسلامية، هذا الاستهتار بمعالم عدن يجري في الوقت الذي تخصص مؤسسة السعيد الثقافية جائزتها لعام 2008م لمساجد القرن الأول الهجري في اليمن.إن المحافظة على المعالم هي من أجل التاريخ نفسه وعندما تسطر اقلام الباحثين جهودهم العلمية فلن يكون في عدن معالم على أرضها بل أن أجيال هذه المدينة سيصحون على واقع لايتصل بالتاريخ فمنذ أكثر من شهر ونحن نسعى هنا وهناك لوقف أعمال التجديد في صيرة والتي لاتمت بصلة لطبيعتها ووظيفتها التاريخية حتى نفاجأ بأن آلة التدمير قد امتدت إلى القرب من مدرسة أبناء السلاطين في جبل حديد غير مكترثة بأصوات الاستنكار التي تدعو إلى وقف الهدم لكل المعالم التاريخية لذا فانني من خلال هذه الصحيفة أوجه دعوة لكل أبناء عدن ولمن أحبتهم عدن وآوتهم واحتضنتهم أن يقفوا معنا رافضين أعمال الهدم والصرف للأراضي على مقربة من المعالم التاريخية ورفع اليد العابثة عن كل ما يسيئ لمعالم عدن.[c1]أوقات غير ملائمة للتكسير[/c]* وعن ماشكل الساكنين بالقرب من جبل حديد حدثنا الأخ محسن أحمد عبدالرحمن بازرعة – باحث زراعي في مركز الكود محافظة أبين قائلا: أنا أحد الساكنين في حي عبدالواسع منطقة الدكة في جبل حديد بجوار الموقع الذي تتم فيه أعمال التكسير حاليا فعندما صرفت هذه البقعة لأحد الأشخاص عام 2003م كان الاتفاق أن يتم إجراء العمل الإنشائي في الموقع حسب الأنظمة والقوانين المعمول بها ولكننا وجدنا الأخ صاحب الأرضية قد استجلب آلة بوكلين (نقار) من فرع وزارة الإسكان والتخطيط الحضري في المحافظة واستمرت هذه الآلة بالعمل لمدة عام إلى أن تعطلت وبعد ذلك تم استبدالها بآلة أخرى لعدة أيام وبعد ذلك تنقلت ملكية هذه الأرضية بين عدد من الأشخاص إلى أن علمنا أنها اصبحت ملكا لمستثمرين اثنين حيث بدآ في الأيام الأخيرة باستجلاب آلات ثقيلة والتوسع في عملية الكسر إلى المنطقة الأثرية الموجودة أعلى الموقع المصروف للمالك الأول لهذه الأرضية وجزء من عملية التكسير هذه امتدت باتجاه المدرسة التاريخية الموجودة في جبل حديد وقد حاولنا قدر المستطاع الاتصال بعدد من الجمعيات التي أكدت أن المسألة أصبحت خطرة وأن عملية التكسير التي تتم الآن لايمكن تعويضها إذا ما استمر التكسير بالوتيرة نفسها فمن الواضح أن المساحة اصبحت تتوسع يوما بعد آخر ولانعرف إلى أي مدى يمكن أن يصل تكسير الجبل الذي اقترب كثيرا من اسفل المدرسة التاريخية واعتقد أن خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية تمنع مثل هذا التوسع وبالذات عندما تكون الأضرار في مناطق معروفة تاريخيا اضافة إلى أنها تعتبر من المناطق الاحتياطية لحماية المدن الساحلية.
عمر خميس
أما بالنسبة لمعاناتنا مع التكسير فهو يتم من الصباح الباكر وحتى الحادية عشرة والنصف ظهرا لتستأنف ثانية من الواحدة وحتى الثامنة مساء وقبل عدة أيام استمر عمل الكسارات ونقل الحجارة إلى حوالى الخامسة من صباح اليوم التالي فعملية التكسير تتم بشكل عشوائي من حيث مواقيتها، كما أن كميات كبيرة من الأتربة والغبار تدخل منازلنا وتتسبب في تعطيل أدواتنا الكهربائية وفي كثير من الأحيان نضطر إلى إغلاق الأبواب والنوافذ لمنع أكبر كمية من الأتربة والغبار من الدخول إلى منازلنا ونحاول قدر المستطاع أن نعمل احتياطاتنا لتجنب الإصابة بالأمراض من تلك الأتربة، كما أن أحد الجيران ابنته مصابة بالربو ودائما ما يأخذها للعلاج بسبب هذه الأتربة وقد حاولنا جميعا إخبارهم بضرورة تغيير الأوقات التي تتم فيها أعمال التكسير لكننا جوبهنا برفض تام من قبلهم حتى أن أحد الجيران أضطر إلى إبلاغ الشرطة لوقف عملية التكسير.[c1]كلمة المحررة[/c]حتى اللحظة الأخيرة من اجرائنا تحقيقنا هذا كانت الحفارات لاتزال تعمل طرقا وتكسيرا في جبل حديد غير مبالية بكل الآصوات التي ارتفعت معارضة هذا الامر كما تقف الجهات الرسمية المعنية في المحافظة صاحبة الكلمة الفصل في هذا الأمر متفرجة فقط .. لماذا ؟! من له مصلحة في هذا التكسير؟! وما الهدف الحقيقي منه؟! حتماً إنه ليس بناء مسكن ولامنشأة تجارية بل شيء لايعلمه إلا... ؟!!! عدن ليست مدينة أهلها وساكنيها فقط .. عدن مدينة يمنية ابنها يمني وحفيدها يمني فارحموها.