في منتدى بن شامخ
جمال شراء هكذا ودونما سابق إشعار أو مهلة ننالها في منتدانا الصغير مساحة الواسع أفقاً ووداً - لكي نهيء ديكوراته وتوزيع إضاءته ومخارج الصوت في أركانه وزواياه. هكذا انبرى ضيف منتدانا الكبير اسماً والعملاق تاريخاً كبير مخرجي الدراما - البرامج - السهرات - الاحتفالات - المباريات.. الخ.الأستاذ "محمد محمود سلامي" انبرى طالباً الحديث للحضور المميّز وجلّه من أعضاء جمعية تنمية الموروث الشعبي ورئيسها وجمع آخر من المداومين الفاعلين. فأشاع المكان بشخوصه بشراً وتهليلاً وترحيباً ولبّى أماني الكل، ليقينهم أن هذا الطود الإعلامي الكبير يختزن ذكرى وشجناً آن له أن يحط رحاله بين يدي محبيه حضوراً وقراء..[c1]موعد مع.. قمة [/c]محمد محمود سلامي وللتعريف تقول هويته الشخصية بأنه :من مواليد قرية »المجحفة« محافظة لحج عام 1947متربّى في أسرة ميسورة ونال قسطاً طيباً من التعليم الذي جمع معه مهنة الفلاحة في الأرض المملوكة لوالده منذ بواكير عمره مما أكسبه الجلد والمثابرة وهما الصفتان اللتان لازمتاه طوال عمره.بدأ العمل كإعلامي أيضاً وهو غض الآهاب يساير طموحه بنشاط ملحوظ وذلك عام 67م والبداية كانت في إذاعة عدن بعد نيل البلاد حق الاستقلال مباشرة ورأت عيون الخبرة الإدارية للإذاعة حينها فيه شخصية المذيع الشاب الطموح فأستقر »أبو محمود« أمام »الميكروفون« باثاً على موجات الأثير أحرف إبداعاته الأولى عبر برامج خفيفة يصاحبها فقرات الربط من آن إلى آخر وسط مجموعة من أساتذته وزملائه أمثال : محمد مدي - ناصر سعيد هيثم - عبد القادر سعيد هادي - بدر الحماطي - عبد الرحمن بلجون - جمال الخطيب.. وغيرهم.. وبالنظر إلى هذه الأسماء يدرك المرء تماماًَ مدى استفادة »السلامي« من هذه القامات الإعلامية غير أن اسماً مثل »علوي السقاف« أستاذ المجال الأول »رحمه الله« كان صاحب الفضل الأول في تشجيع وشد أزر »السلامي« وراعيه الأوفى منذ بداياته وطوال فترة الزمالة التي جمعتهما.. أعطى السلامي بداياته كمذيع جهداً وإجتهاداً وكان اجتهاده وظهور شخصيته الإبداعية المستقلة في برنامج كان يبث حينها تحت اسم »مع المهاجرين« أضاف له تنويعات موسيقية نالت إعجاب المتابعين له.. غير أنه وجد ذاته تماماًَ في برنامج »قرأت لك« الثقافي الذي كان يتسنى له مسألة الاختيار والتلخيص لعدد »100« كتاب منوع من نتاج المكتبة العربية.. وهي المرحلة التي أزدادت فيها ثقافة »السلامي« وتنامت إليه آفاق المعرفة. مما حدى بالإدارة حينها إلى إرساله في بعثة إلى جمهورية مصر أواخر عام 1968م في دورة تأهيلية نظمتها إذاعة »صوت العرب«.وهناك وجد نفسه بعد أيام مشاركاًَ في بث مفتوح »على الهواء مباشرة« لإحدى حفلات سيدة الغناء العربي »أم كلثوم«. حيث أعد للمناسبة فقرته الخاصة وقرأها مع جملة من زملاء المهنة مصريين وعرب.. فكان ذلك حسب قوله شطحة لم أكن لأحلم بها.. حقاً أنه لموعد قمة مع قمة الفن العربي.[c1]السلامي.. والعمل الدرامي [/c]مواعيد »السلامي« مع الدراما الإذاعية ومن ثم التلفزيونية لاحقاً كانت خطوات مدروسة أسهم في اغنائها أساتذة مرحلة البداية »السقاف - والمدي« بالذات وكعادة الإذاعات المنتظمة والملتزمة وجدت هناك فئة كانت عملية رفد الإذاعة ومكتبتها بالأعمال الدرامية شغلها الشاغل وكانت البداية مع برنامج موسوم بـ»قصة قصيرة« وكان يقدمه الأستاذ »علوي السقاف« أسبوعياً حيث تأتى للسقاف تقديم عدد منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وانقطع بداعي السفر فجأة فأوكلت العملية برمتها إلى »السلامي« فأحسن وأجاد وأضاف رؤاه على ذلك البرنامج الذي تخلله مقاطع حية وحوارات من هذه القصة أو تلك ونجح ذلك البرنامج نجاحاً منقطع النظير فأنطلق »أبو محمود« إلى آفاق الدراما بخبرة مبكرة لكنها واثقة فتتالت الأعمال الدرامية عليه بعدها.ولعل الذاكرة لا تتجاوز عملاً درامياً عظيماً مثل »أحمد فضل القمندان« وقبله برنامج »شهر وثلاثون مشكلة« الاجتماعي الدرامي. ثم "نشوانط " و "على فكرة" و "الراعية" والمسلسل الكوميدي الهادف "شروة" والذي بث "باللهجة اللحجية" من بنات أفكار »السلامي« ذاته تقف مؤلفة الفنان الفقيد »محمد عبد المنان" على إسقاط الفكرة وواقعها على الورق ومن ثم تقديمها بالقالب الفكاهي الذي كان بحق فكرة وعمل رائد لافت. والجدير ذكره هنا أن المؤلف الفنان »محمد عبد المنان« رحمه الله توفاه الأجل ولم يكمل من العمل غير (22) حلقة وكون المسلسل رمضاني كان لابد من إكمال الحلقات حتى نهاية الشهر الكريم فكلف السلامي ذاته لإتمام العمل وكان له ذلك دون أن يخل بسياق الفكرة والهدف بل أنه تعامل بمهنية راقية وأبدع كاتباً كما هو مخرجاً.[c1]نقل الفنون..إلى أروقة التلفزيون [/c]أصداء النجاحات هذه أرسلت مخرجنا الكبير إلى أروقة التلفاز المجاور للإذاعة حينها ومن المعروف أن العلاقة واحدة كانت بين الجهازين بل والإدارة واحدة. ولم يكن هناك أية صعوبات واجهت "السلامي" في العمل في التلفزيون بل أظهر احترافاً مشهوداً فبدأ طوداً كما كانت بداياته إذاعياً ومن منا لا يتذكر البرنامج الثقافي والمنوع "نادي التلفزيون" من تقديم المذيع الشاب الطموح حينها "أحمد ناصر الحماطي" وكيف تغفل الذاكرة برنامج »مجلة التلفزيون« الشامل ومن ثم برنامج مثل »محطات على الطريق« مع الإعلامي الكبير الفقيد "أحمد سعيد الحاج" كلها وغيرها برامج تشهد "للسلامي" بالمهنية الراقية والقوالب الفنية الشائقة.ولا عجب أن خطى "السلامي" الناجحة التي أصابها في استديوهات الإذاعة أن يعيد تكرارها في استديوهات التلفزيون سوى ذلك على مستوى البرامج أو الدراما. فنالت مسلسلات عدة أخرجها السلامي لللشاشة الصغيرة شهرة طيبة وقبولاً لافتاً لدى المشاهدين وليس أدل على ذلك أعمالاً مثل "حنتوش" و "يوميات نعمان".قبل الختام حرى بنا أن نتحدث عن الصدق والوفاء الذي لمسناه في لغة "محمد محمود السلامي" الإعلامي المخرج الناجح وهو يتحدث عن اساتذته »علي السقاف« والفنان الكبير الراحل "أحمد بن أحمد قاسم" لمساندتهما له وتشجيعهما وخص بكلمات الوفاء بالذات الفنان الكبير أحمد قاسم مستذكراً مساهمته الرائعة في وضع اللحن المناسب لمقدمة برنامج المسابقات الإذاعي الشهير »رسوم على الهواء" إعدادالزميل الأستاذ »علوي محمد يحيى" في الوقت الذي أمتنع كثير من الملحنين المرتبطين حينها بالإذاعة رسمياً وكيف كان تعاون الفنان أحمد قاسم في أقصى صورة عاكساً صفاء ونقاء سريرة هذا الفنان العظيم كوقف سجله السلامي ولم يختزل تفاصيله منوهاً أن هذه التفاصيل المرتبطة بهذه الحادثة وغيرها إنما يمليها واجب العرفان بالجميل لكل من أسهم في نجاح مسيرته الثرية عمله الناجح ثم شكر زملائه الذين رافقوه بالسراء والضراء متمنياً للقوافل العاملة حالياً مزيداً من النجاح وهو يرى في زميله الشاب المخرج "جميل علي عبيد" الأمل في حمل الراية التي تركها حينما ودع مبنى ذكرياته وإبداعاته »مبنى الإذاعة والتلفزيون« مخلداً إلى الراحة مشفوعاً بقانون الإحالة إلى المعاش.. نتمنى للأستاذ والزميل المذيع والمؤلف والمخرج الكبير "محمد محمود السلامي" عيشاً سعيداً وعمراً مديداً.. ونقول له كفيت وما خليت وجزاك الله عنا خيراً.