الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم إلى يوم الدين .- فمن آداب الدعاء : استحباب استقبال القبلة عند الدعاء . فأشرف جهات الأرض ما كان ناحية بيت الله الحرام ، فإليها يتجه المصلون بصلواتهم ومنهم من يستقبلها إذا أراد دعاءً ، ولهم في ذلك سلف ، هو خير سلف ، رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يستقبل القبلة في بعض دعائه ، فمن ذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم على كفار قريش . فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه قال : استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة فدعا على نفر من قريش ، على شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأبي جهل بن هشام ، فأشهد الله لقد رأيتهم صرعى قد غيرتهم الشمس وكان يوماً حاراً.ومن دعائه صلى الله عليه وسلم ما كان يوم بدر . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلاً فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف لربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني ... الحديث .-ومن آداب الدعاء: استحباب رفع الأيدي عند الدعاء .ويستفاد من حديث عمر بن الخطاب - السابق - استحباب رفع الأيدي في الدعاء لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه « ثم مد يديه . وكذا فعل ابن عمر رضي الله عنهما ، فإنه كان يرفع يديه مستقبل القبلة بعد رمي الجمرة الوسطى والصغرى ، وكان يرمي جمرة العقبة ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول : « هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله » . -ومن آداب الدعاء: استحباب إخفاء الدعاء . قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) الأعراف[ 55] .فأمر الله سبحانه ، عباده أن يجتهدوا في دعائه مع إسرارهم وإخفائه وعدم رفع الصوت به . وفي إخفاء الدعاء أدب وإخلاص بالغان ، يقربان من إجابة دعاء الداعي . قال ابن تيمية : ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، أي ما كانت إلا همساً بينهم وبين ربهم عز وجل يقول : (ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) الأعراف[55] وأنه ذكر عبداً صالحاً ورضي بفعله ، فقال : ( إذ نادى ربه نداء خفيا) مريم[3] . اسود : في إخفاء الدعاء فوائد عديدة : ذكر شيخ الإسلام جملة منها نذكر ملخصها : أحدها : أنه أعظم إيماناً ، لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي . وثانيها : أنه أعظم في الأدب والتعظيم ، لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم ، ومن رفع صوته لديهم مقتوه ، ولله المثل الأعلي ، فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به . وثالثها : أنه أبلغ في التضرع والخشوع . ورابعها : أنه أبلغ في الإخلاص . وخامسها : أنه أبلغ في جمع القلب على الذلة في الدعاء ، فإن رفع الصوت يفرقه . وسادسها : وهو من النكت البديعة جداً - أنه دال على قرب صاحبه للقريب ، لا مسألة نداء البعيد للبعيد ، ولهذا أثني الله على عبده زكريا بقوله عز وجل : ( إذ نادى ربه نداء خفيا) مريم[3] . وسابعها : أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل ، والجوارح لا تتعب ، بخلاف ما إذا رفع صوته، فإنه قد يمل اللسان ، وتضعف قواه . وثامنها : أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات . وتاسعها : أن أعظم النعم الإقبال والتعبد ، ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت ، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة . وعاشرها : أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه وتعالى ، متضمن للطلب والثناء عليه بأوصافه وأسمائه ، فهو ذكر وزيادة . اهـ . -ومن آداب الدعاء : حضور القلب وهو من أسباب قبول الدعاء . فحضور قلب الداعي ، من الأسباب التي تقرب من إجابة دعائه ، وعموم النصوص تدل على ذلك ، كقوله تعالى: ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) الأعراف [ 55] . وقوله : ( وادعوه خوفا وطمعا ) ] الأعراف 56[ . فإن الدعاء بتضرع وخفية وخوف وطمع يستلزم - ولابد - حضور قلب الداعي، وهو ظاهر وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه » . -ومن آداب الدعاء : استحباب تكرير الدعاء والإلحاح فيه. فالإلحاح في الدعاء (عين العبودية ) لله سبحانه وتعالى ، وإذا كان الداعي مكرراً وملحاً في دعائه مظهراً ذله وفاقته وفقره لربه ، فإنه يقرب من إجابة الله له ، ومن أكثر طرق الباب يوشك أن يفتح له . فعن عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف لربه اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم أن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه من على منكبيه ...ثم أنزل الله عز وجل :(إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) ، فأمده الله بالملائكة... الحديث » .
|
رمضانيات
آداب الدعاء
أخبار متعلقة