أول الكلام
د . حسين عبدالله الأشول * ان مشروع إنشاء مدارس خاصة بالمبدعين والموهوبين والمتفوقين هي فكرة صائبة وتنم عن تفكير عصري متطور من منظور ضرورة تنمية القوى البشرية للشرائح المميزة في المجتمع التربوي والتعليمي وأهميتها في تطوير وتحديث مجتمعنا اليمني في جميع المجالات وكان هذا المشروع المستقبلي الهام قد بدأ يتمخض في عقول قادة وزارة التربية والتعليم الممثلة بالاخوين الأستاذ الدكتور/ عبدالسلام الجوفي وزير التربية والتعليم والأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز بن حبتور نائب الوزير منذ السنة الماضية تقريباً ونوقش هذا المشروع على نطاق محدود في الوسط التربوي وكنا في قطاع التدريب قد عقدنا اجتماعاً في المعهد العالي للتدريب والتأهيل مع الإدارة العامة للأنشطة واستعرضنا في النقاش أهمية إنشاء مدارس خاصة للمبدعين والموهوبين في كل من مراكز المحافظات كخطوة اولى أي في عواصم المحافظات وبالتالي يمكن توسيع إنشائها مستقبلاً إلى مراكز المديريات على المستوى الوطني وتظل الفكرة قائمة في اذهان الجميع كمشروع مستقبلي تفرضه الحاجة والضرورة والمتغيرات المتسارعة من حولنا.وقبل الولوج والتعمق في صلب مانهدف إليه احب التنويه في هذا السياق ان فكرة كتابة هذا الموضوع جاءت بعد ان لفتت نظري مقابلة للأخ رئيس قسم رعاية المبدعين بمركز الارشاد التربوي والنفسي في جامعة صنعاء في جريدة (الثورة) حول مهام واختصاص هذا القسم الحيوي الهام في رعاية المبدعين وتنمية مواهبهم الابداعية وقصور جهات الاختصاص في الدعم المادي والمعنوي لهذا القسم في الوقت الذي يفترض ان ينال هذا القسم التشجيع وتفعيل دوره المتمثل بتشخيص وفرز شريحة المتفوقين والمبدعين والموهوبين في الوسط الجامعي وتنمية قدراتهم من منطلق الاهتمام بالقوى البشرية المتميزة كون العنصر البشري المؤثر يمثل عجلة التنمية ومحركها إلى الامام .وفي تقديري ان هنالك دورا مستقبليا مهما في هذا المجال ينبغي ان يناط به مركز الارشاد التربوي والنفسي بجامعة صنعاء ممثلا بقسم رعاية المبدعين والموهوبين وهو توسيع دوره واختصاصه بحيث يكون له بصمات وجذور في المؤسسات التعليمية ما قبل التعليم الجامعي بكل انواعها ومراحلها التعليمية الممثلة لانظمتنا التعليمية الثلاثة التعليم العالي والتربية والتعليم والتعليم الفني والتدريب المهني لكي تكون لديهم معلومات مسبقة عن الشرائح المستهدفة في الوسط الجامعي على اعتبار ان طلاب جامعة صنعاء هم افراز لمخرجات هذه المؤسسات التعليمية بمختلف التخصصات ولن يتم ذلك إلا من خلال التنسيق والتعاون مع المختصين في الوزارات التعليمية الثلاث أو من خلال التنسيق مع المجلس الأعلى لتخطيط التعليم كهمزة وصل بين انظمتنا التعليمية الثلاثة كون العملية التعليمية في بلادنا منظومة متكاملة كلا لايتجزأ .وفي هذا الاطار فإن فكرة إنشاء مدارس خاصة بالمبدعين والموهوبين في مجتمعنا اليمني تظل قضية وطنية تهم الجميع ويبقى لأهم في الموضوع وبعد ان يصبح المشروع حقيقة ملموسة هو وضع آلية لفرز واختيار مدخلات هذه المدارس الخاصة من الطلاب المبدعين والموهوبين والمتفوقين بطريقة علمية وشفافة لاتخضع لأي معيار غير معيار الابداع والموهبة والتفوق للعنصر البشري المستهدف اياً كان ومن أي وسط اجتماعي كان ، ابن غني، أو ابن فقير او يتيماً أو ابن مسؤول ذكراً كان أو انثى وما اقصده هنا يمكن ان يطرح بصيغة سؤال كيف ستكون المعايير لنظام القبول ؟ أو بمعنى آخر كيف يمكننا فرز واختيار الطلاب المبدعين والموهوبين المتفوقين في جميع مؤسساتنا التعليمية بمختلف انواعها ومراحلها ومستوياتها وفق معايير واضحة وشفافة مبنية على التقييم الموضوعي والتشخيص الدقيق بما يحقق العدالة والمصداقية في حسن الاختيار للجميع خاصة وهاجس البعض يقول لو تم إنشاء مثل هذه المؤسسات فسيكون مدخلاتها هم أولاد الذوات والاغنياء مثلها مثل أي مدارس خاصة قد تخضع للمجاملات أو المحاباة وتكون بذلك فقدت الهدف الذي انشئت من اجله، ومن اجل ذلك فأول ما ينبغي عمله في تقديري هو تشكيل لجنة من ذوي الكفاءة والمؤهل العالي واصحاب الخبرة في مجال التعليم ويصدر بها قرار وزاري مهمتها التجهيز والاعداد لقيادة ورش عمل بهدف الخروج بتصور واضح لكيفية فرز وانتقاء الموهوبين والمبدعين والمتفوقين من بين صفوف الوسط الطلابي لجميع المراحل التعليمية ويستدعى للمشاركة في هذه الورش بعض من الخبراء في الجامعة ومن مدراء المدارس والموجهين والاختصاصيين الاجتماعيين العاملين في المؤسسات التعليمية الذين سوف يكون لهم الدور الفعلي في تشخيص وفرز الشرائح المميزة من المبدعين والمتفوقين والموهوبين بحكم اختصاصهم واحتكاكهم عن قرب في الوسط الطلابي والأكثر معرفة بالحالات والمستوى المعرفي للطلاب من غيرهم .ومن مضمون البرامج التي ستناقش في هذه الورش تحديد دور واختصاص القائمين على المؤسسات التعليمية من مدير ووكيل واختصاصي اجتماعي ومعلم وكذلك إشراك أولياء الامور في التقييم في اطار خطة عمل يشرف عليها الموجهون ومديرو المؤسسات التعليمية بصفتهم موجهين مقيمين في مؤسساتهم التعليمية وهم المخولون برفع التقارير التقييمية إلى الجهات المختصة. ومسار خطة التقييم يبدأ بتتبع مستويات التلاميذ الدراسية وميولهم واستعداداتهم وتنمية مستوى قدراتهم ورغباتهم المهنية عن طريق المعلمين كلا بحسب الاختصاص ومهمة الاختصاصي الاجتماعي هي تجميع الحالات والمستويات وتدوينها في ملفات الطلاب فمن صميم اختصاصه الاشراف المباشر على جميع ملفات الطلاب وتتبع حالاتهم سلباُ وايجاباً بالتعاون مع ادارة المؤسسة التعليمية والموجهون المختصون وبالتنسيق والشراكة مع أولياء الامور وبهذا يستطيع الاختصاصي الاجتماعي تكوين فكرة قريبة من الواقع عن بعض الخصائص الاجتماعية والنفسية والمعرفية والميول والمواهب وغيرها عن كل طالب وطالبة في اطار المؤسسة التعليمية التي يعمل بها وهكذا وبهذه الآلية قد وضعنا بعض المؤشرات لمدخلات المؤسسات المختارة للطلاب المتفوقين والمبدعين والموهوبين من الوسط التربوي والتعليمي.وطبيعي ان نكون قبل هذا وذاك قد حددنا المواصفات والمقاييس اللازمة لبناء وانشاء مثل هذه المؤسسات التعليمية الخاصة بالمبدعين والموهوبين من حيث الشكل والمضمون والتجهيزات وتحديد الاحتياجات والمتطلبات بحيث تكون على مستوى عال من النظافة وحسن الادارة وعلى درجة من الانضباط لتليق بمستوياتهم وكفايتهم الذهنية والمهنية وعمل معايير واضحة لاختيار المعلمين الذين يجب ان تتوفر فيهم عناصر الكفاءة والمؤهل العالي والاخلاص والولاء الوطني وحيادية الانتماء الفكري والسياسي والمهارة في حسن الأداء ونظافة العقل والتفكير وحسن المظهر وسلامة النطق لمفردات اللغة وخلوهم من أي عقد اجتماعية أو نفسية وغير ذلك على اعتبار ان من سيتخرج على ايديهم سيكون منهم علماء المستقبل وقواه البشرية الخلاقة والمبدعة والمؤهلة للنهوض بمجتمعنا اليمني إلى مصاف الدول المتقدمة .والله الموفق * عميد المعهد العالي للتدريب والتأهيلوزارة التربية والتعليم