ريبون
تقع أطلال وخرائب مدينة ريبون إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون على بعد (449) كم أسفل وادي دوعن وتعد من أقدم المدن التاريخية في وادي حضرموت وتشكل أطلالها وخرائبها عدة تلال أثرية وأعداداً من شبكات الري المتفرقة في عدة أماكن تزيد مساحتها على «10 هكتارات» ويعود تاريخ هذه المدينة إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد، واستمر فيها الاستيطان والحياة المزدهرة حتى القرون الميلادية الأولى.جرت في هذه الخرائب من المدينة حفريات وأبحاث ودراسات أثرية من قبل البعثة الأثرية اليمنية - السوفيتية وتوصلت إلى أن سكان المدينة كانوا قد زاولوا الزراعة وتربية الحيوانات وبنوا مجمعات سكنية وقصوراً جميلة للسكن وأبنية أخرى خاصة لأنشطتهم الدينية كالمعابد، وقد كانت كل الأراضي المحيطة بالمدينة التي تمت فيها الحفريات مغطاة بشبكات من قنوات الري والقنوات والسدود وأحواض المياه، وتدل كلها على ازدهار بلغ أوجه، ومن أهم المعالم الخاصة بالمدينة والتي تمت فيها الحفريات الأثرية هي الآتي:- معبد الآلهة (ذات حميم) - معبد الآلهة (ذات سين) - شبكات وقنوات الري . ومعبد الآلهة ذات حميم.يتكون من مجمع تعبدي يضم أربعة مبان، بنيت أساساتها من الأحجار وجدرانها من الهياكل الخشبية وملأت فراغاتها باللبن لتصبح الجدران قوية ويعد اللبن (الطين) المادة الرئيسة للبناء في حضرموت منذ ما قبل القرن السابع قبل الميلاد، وجدران هذا الملعب أقيمت بهذه المادة ويتميز بخفتها وقوة تمساكها ولم يكن اللبن المادة الوحيدة بل كان للأخشاب مكانة مهمة في بناء الجدران والسقوف.وفي هذا المجتمع التعبدي عثر أثناء التنقيب على بقايا هياكل خشبية وساعدت النيران التي التهمت المعبد على خلط تصاميم هياكل الأخشاب واستعملت أعمدة خشبية ذات مقاطع دائرية ومستطيلة ومربعة، وكان المعماريون يضعون على أسس البناء الحجرية أعمدة قصيرة متوازية تفصل بينها فواصل غير كبيرة وطويلة ومع هذه العوارض توضع أعمدة خشبية مقاطعها دائرة وأقطارها حوالي «21 سم» وتربط في أسفل وفي أعلى عوارض خشبية والتي مثبتة بأعمدة طويلة، وبهذا يشكل الهيكل الخشبي الذي تستند إليه جدران اللبن ذلك الهيكل، وقد تم عمل نموذج مخيلي للكيفية التي كان بها هذا التجمع التعبدي الذي يكاد أن تكون اليوم معالمه مطموسة.وقد عثرت البعثة الأثرية أثناء التنقيب في هذا المعبد على الكثير من النقوش وجدت متناثرة داخل مباني المعبد، في واجهة الجدران التي غطيت بقطع حجرية مصقولة منحوتة بشكل جميل ومتقن، ولصقت الواحدة بجنب الأخرى بطريقة متناسقة، وعليها حفرت النقوش المكرمة للآلهة التي يتحدث فيها أصحابها عن تقديم القرابين للمعبد، ويضعون أنفسهم وأولادهم وما يملكون تحت حمايتها.ومن خلال معطيات النقوش، فقد وقف معبد للآلهة (ذات حميم) متحدياً الزمن لفترة تزيد على ستة قرون قبل أن يتعرض للهدم والتخريب وعلى مدى هذه الحقبة الزمنية أعيد بناؤه وترميمه وتغيير قطع الحجارة التي تزين جداره مراراً وتكراراً والنقوش التي تعود للفترة المتأخرة والتي قدمت معطيات أكثر تفصيلاً في محتواها كالنقش الذي قدمه شخص (ث م أ ك هـ م و) وهو نقش وجد في جدران المعبد الداخلية ومثل هذه النقوش المتأخرة تتحدث عن تقديم قرابين لتحقيق ما وعد به الشخص للآلهة، أو لأجل تقديم اعتذار عما ارتكبه الشخص من ذنوب.وقد تعرض هذا المعبد للخراب بنيران الحرب وكثير من النقوش حملت معها آثار الحريق واحترقت أعداد كثيرة منها.