كان اليمنيون سباقون في انتهاج الشورى في نظام حكمهم منذ آلاف السنين، وكان الحكام في اليمن في عصر الحضارات القديمة ينتهجون من الديمقراطية والشورى اسلوباً لنظام حكمهم من خلال ما يسمى بالمجلس النيابي.ويعد القران الكريم الشاهد الحي والدليل الأكبر على أن اليمنيون اتخذوا من الشورى اسلوباً لادارة دولتهم فقد ورد في القرآن على لسان ملكة سبأ “بلقيس”: “قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون”.وجاء الإسلام ليؤكد تلك الحقائق التي وجدت مكتوبة على النقوش اليمنية القديمة.وقد عرف عن اليمنيين منذ القدم روح المبادرة والاستعداد لتقبل التغبير والتجديد من خلال ممارساته لشتى إشكال العمل الديمقراطي عبر نظام الشورى المركزية واللامركزية عندما كانت اليمن مقسمة إلى مخالف تسير أمورها الإدارية، والمالية باستقلالية وفي إطار الحكومة المركزية.لكن الديمقراطية تعرضت لانتكاسة في عهد الحكم الإمامي في الشمال في ظل الاستعمار البريطاني في الجنوب حتى قيام الثورة اليمنية (26 سبتمبر، و14 أكتوبر) حيث شهدت الساحة اليمنية العديد من المحاولات الهادفة إلى تطبيق مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه من خلال تجربة المجالس النيابية في الشطرين قبل إعادة تحقيق وحدة الوطن والمتمثلة في أربعة مجالس في شمال الوطن سابقاً وهي: المجلس الوطني (69- 1970).مجلس الشورى(71-1975م).مجلس الشعب التأسيسي1(78-1988م).مجلس الشورى(1988-1990م).أما في جنوب الوطن فقد تشكلت ثلاثة مجالس هي:ومجلس الشعب الأعلى المؤقت (71-1978م).مجلس الشعب الأعلى(78-1986م).مجلس الشعب الأعلى(1986-1990م).غير أن حالة التشطير والظروف الإقليمية، والدولية لعبت دوراً في الحيلولة دون تحقيق كل ما يصبو إليه أبناء اليمن..حتى جاءت الوحدة اليمنية بين شطري البلاد في 22 مايو 1990 لتبدأ بعدها مسيرة العمل الديمقراطي على أسس سليمة.التعددية السياسية والحزبية هي تجسيد حقيقي للديمقراطية، وفي اليمن كانت الحزبية محرمة قبل الوحدة في الشطرين الشمالي والجنوبي على الرغم من أن تأسيس العمل الحزبي في اليمن يعود إلى مطلع القرن العشرين.ومع ذلك تكونت مجموعة من الأحزاب بمختلف وجهاتها ومارست نشاطها سراً تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام الحاكم في الشمال والحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب.. وهما الحزبان الرئيسيان اللذان كانا يتمتعان بالمشروعية والعلنية في شطري اليمن عشية إعلان اتفاقية الوحدة في 30 نوفمبر 1989م.وبقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م بدأت المسيرة الديمقراطية، و”شهدت الساحة اليمنية حدثاً هاماً قلب موازين العمل السياسي،وتمثل في إباحة التعددية الحزبية وفقاً لدستور الجمهورية اليمنية،وقد ترافق ذلك مع قيام الوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي، والجنوبي، وبدت التعددية كنتاج للوحدة ومحصلة لها”.مع اقتراب الخطوات الجدية من مباحثات قيام دولة الوحدة استثمرت الأحزاب “السرية” الأجواء المنفتحة وظهرت تباعاً على الساحة الرسمية للعمل السياسي.لقد كان الإعلان عن قيام التعددية الحزبية و السياسية في اليمن مترافقاً لإعلان الكيان الجديد المتمثل بالجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 م. وكان سابقاً لصدور القانون رقم (66) لسنة 1991 م بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية ،حيث تنص المادة (13) من القانون على تشكيل لجنة تسمى لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وتختص هذه اللجنة بفحص الطلبات المقدمة لتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والتحقق من توافر الشروط القانونية الواجبة لإنشاء كل حزب، و لقد تم تشكيل هذه اللجنة في شهر مارس 1992 م. وجد على الساحة حينها عددُ من الأحزاب الحديثة منها و التاريخية وحيث نصت المادة (38) من القانون على أن ( تتم اجراءات التسجيل للأحزاب والتنظيمات القائمة وفقاً للائحة التي يصدرها مجلس الرئاسة ). وعلى هذه الأحزاب أن توائم وضعها بالنسبة للعضوية السابقة على صدور هذا القانون. كما تحدد اللائحة الكيفية التي تتم بها المواءمة وكذا الفترة الزمنية، شريطة الا تتجاوز 30 ديسمبر 1991 م . وقد تم تجاوز ذلك كنتيجة لتأخر تشكيل اللجنة وإصدار اللائحة..ومن الأحزاب التي أعلنت عن نفسها خلال تلك الفترة1- الإعلان عن قيام التنظيم الناصري الوحدوي في عدن بتاريخ 15/2/1989م.2- قرار التنظيم الوحدوي لجبهة 13 يونيو للقوى الشعبية الصادر عن اجتماعه في صنعاء بتاريخ 10/1/1990م،والذي نص على تأسيس الحركة الشعبية الناصرية ممثلة للحركة الناصرية في اليمن.3- الإعلان رسمياً عن تواجد الحزب الوحدوي الديمقراطي وتقدمه بطلب ترخيص لممارسة نشاطه في 12/10/1990م.4- إعلان رابطة أبناء الجنوب التي بدلت أسمها برابطة أبناء اليمن (رأي) أنها تعمل على إعداد برنامج سياسي جديد يتماشى وتطورات الواقع في يناير 1990م.5- التصريح بإعادة تأسيس التنظيم الشعبي للقوى الثورية.6- انعقاد اللجنة التحضيرية للتجمع الوحدوي اليمني – دورتها الأولى- في فبراير 1990م بمدينة صنعاء.7- الإعلان عن قيام التنظيم السبتمبري الديمقراطي في إبريل 1990م، كامتداد لإحدى فصائل الحركة الوطنية المتصلة بثورة 26 سبتمبر 1962م.لقد شهدت الأعوام الثلاثة الأولى من قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م، خروج عشرات الأحزاب من ظلام عهود الشمولية والانتقال من السرية إلى العلنية.كما شهدت الفترة ذاتها تأسيس عشرات الأحزاب الجديدة والإعلان عن قيامها وأصبحت الخارطة السياسية للقوى الحزبية القائمة حتى أواخر عام 1992م، ستة وأربعين حزباً. ويرجع بعض الباحثين الإقبال على إنشاء الأحزاب السياسية خلال الفترة الانتقالية إلى عدة عوامل منها:- حالة الكبت والحرمان في حرية العمل السياسية العلني في مرحلة التشطير.- سيادة هيمنة الحزب الواحد.- الرغبة في التمسك بالخيار الديمقراطي التعددي.- غياب القواعد المحددة والمنظمة لتكوين الأحزاب السياسية إذ لم يصدر قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية إلا بعد أكثر من سنة على قيام معظم الأحزاب.وقد عكس الاندفاع المتزايد نحو تأسيس الأحزاب في ظل غياب القواعد المنظمة لها وحداثة التجربة وانخفاض الوعي السياسي بدور هذه الأحزاب في الحياة السياسية.إنشاء معظم الأحزاب بصورة (مرتجلة) يعتريها القصور الفكري والهشاشة التنظيمية وضآلة فاعليتها في ممارسة النشاط السياسي”.يشترط القانون رقم (66) لسنة 1991م لتأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي الاستمرار في ممارسة نشاطه ما يلي:1- عدم تعارض مبادئه وأهدافه وبرامجه ووسائله مع:أ- الدين الإسلامي الحنيف .ب- سيادة واستقلال الوطن ووحدته أرضاً وشعباً.ج- النظام الجمهوري وأهداف ومبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر ودستور الجمهورية اليمنية.د- الوحدة الوطنية للمجتمع اليمني .هـ- الحريات والحقوق الأساسية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان .و- الانتماء القومي العربي والإسلامي للمجتمع اليمني .2- عدم تطابق برنامج الحزب أو التنظيم السياسي مع برامج الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى عند التقدم بطلب تأسيسه، وذلك فيما يتعلق بالسياسات التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.3- أن يكون له نظام داخلي وبرنامج عمل سياسي مقرين من أعضائه عند التقدم بطلب التأسيس .4- عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناطقي أو قبلي أو طائفي أو فئوي أو مهني أو التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون .5- عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناهض للدين الإسلامي أو على أساس تكفير الأحزاب أو التنظيمات السياسية الأخرى، أو المجتمع وأفراده والإدعاء بالتفرد بتمثيل الدين أو الوطنية أو القومية أو الثورة.6- يحظر على الحزب أو التنظيم السياسي الآتي:أ. إقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو المساعدة في إقامتها.ب. استخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه.ج. أن تتضمن برامجه أو نشراته أو مطبوعاته ما يحرض على العنف أو إقامة تشكيلات عسكرية، أو شبه عسكرية علنية أو سرية.7- أن لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لأي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة أجنبية، ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية متكافئة مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير يمني لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا ونصوص الدستور والقوانين النافذة.8- علانية مبادئ وأهداف ووسائل الحزب أو التنظيم السياسي، وتشكيلاته وقيادته.9- قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس وطني بحيث لا تحصر العضوية في منطقة جغرافية معينة.كما يشترط القانون أن يتضمن النظام الداخلي والبرنامج السياسي للحزب أو التنظيم السياسي القواعد المنظمة لكل بند من بنوده السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية. بما لا يخالف أحكام القانون رقم (66) لسنة 1991 م الخاص بالأحزاب والتنظيمات السياسية.
الشروط القانونية لتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن
أخبار متعلقة