بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
إعداد / د . محمد أحمد الدبعي :المخدرات في شريعتنا الإسلامية محرمة بالإجماع , قد نصت الأحاديث النبوية الشريفة ( على صاحبها أفضل الصلوات وأتم التسليم ) على تحريمها , فهي من المسكرات شأنها شأن الخمور , حيث روي عنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " كل مسكر خمر وكل خمر حرام " , وقوله : " ما أسكر كثير فقليله حرام " .ويقول المولى عز وجل : " يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه لعلكم تفلحون , إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة , فهل أنتم منتهون " .كما يقول المولى جل وعلا : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " , وفي آية أخرى يقول سبحانه : " ولا تقتلوا أنفسكم , إن الله كان بكم رحيما " صدق الله العظيم.علاوة على أن التحريم يقع لما للمخدرات من أضرار صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية مدمرة .وفي هذا رد على من استواهم الإدمان على هذه السموم القاتلة ويصدرون أحكاماً من تلقاء أنفسهم بعدم تحريم الدين لها دون علم , أو هدى وهم في الأصل ليسوا من أهل العلم أو الفتوى , ليبرؤوا أنفسهم وإمعانهم فيه من معصية بينة واضحة .فكيف لا تكون المخدرات محرمة وتلك النصوص في القرآن والأحاديث الشريفة شاهدة على التحريم لما لها من أضرار على الصحة ولأنها مسلك يؤدي الى المهالك , بل وثمة مظاهر وآثار تبدو جلية واضحة على متعاطيها توثيق هذا التحريم , حددتها المصادر الطبية المتخصصة في :- فقدان التوازن وضعف الحركة .- ثقل الكلام وترنح الخُطى .- اختلال أحجام وأشكال المرئيات والمسافات .- ارتعاش الأطراف وتغير الصوت .- الهلوسة الحسية والسمعية والبصرية كرؤية الأشباح أو الأشياء الوهمية .-البلادة والنسيان .- الحكم الخاطئ على الأشياء والإحساس بالكآبة .- بعض مظاهر الخمول والقلق والحزن والاكتئاب أو الفرح من دون سبب.- اضطرابات عقلية شبيهة بالجنون والمتعة .- الانحطاط في الشخصية والشعور الزائف بالاضطهاد .- زيادة الانفعال والخوف والاضطراب النفسي .- ضعف التركيز والذاكرة الذي يؤدي بدوره إلى الفشل في العمل أو في الدراسة - يقود الادمان على المخدرات المتعاطين المدمنين عليها إلى الهلاك المحقق .- ومن المخدرات ما هو طبيعي .. عبارة عن نباتات تؤخذ وتستعمل دون تغيرها , من مثل ( الأفيون , الحشيش ) .وهناك مخدرات مخلوطة يتم إعدادها بخلط مواد طبيعية مع مواد أخرى كيميائية , مثل ( المورفين , الهروين , الكوكايين ) .كما أن هناك مخدرات كيماوية تأتي في صورة عقاقير مصنعة من مواد كيميائية لها نفس تأثير المخدرات الطبيعية والمخلوطة , ومنها ما يضر بالجسم أكثر من النوعين السابقين , مثل ( الامفيتامين , الكبتاجون , عقار الهلوسة .. ألخ ) .وفي حين لا يزال الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن اليمن بمنأى عن هذه الآفة , فقد يخفى عنهم إن زراعة الحشيش في المناطق الجبلية البعيدة تمارس إلى حد ما حتى الآن , وإن كان ذلك بشكل محدود مشوب بالحذر والتواري عن أنظار الناس وعن أعين السلطات الأمنية , ومادة الحشيش – أساساً – من المواد المخدرة الرائجة لدى مدمني المخدرات , ولها مصدران , مصدر محلي – كما ذكرنا – ومصدر خارجي يأتي من البلدان الأكثر إنتاجاً في العالم لمادتي ( الهروين ) و ( الكوكايين ) المخدرتين , كأفغانستان وبعض دول جنوب وجنوب شرق آسيا وذلك عن طريق البحر .إن عمليات إدخال هذه المواد الخبيثة والعبور بها عبر البلاد والتي ترمي إلى النيل من عافية وحياة البشر ، تستهوي مهربي المخدرات ، أما لتوزيعها محلياً أو لتهريبها إلى البلدان الأخرى وبخاصة بلدان الجوار ، مستفيدين من الشريط الساحلي الطويل للبلاد الذي يمتد لنحو ( 2500 كيلو متر ) فموقع اليمن الجغرافي المتميز كمنطقة عبور يسل له لعاب مافيا المخدرات لوقوعها بين دول العالم الأشد إنتاجاً ، مثل أفغانستان ودول جنوب وجنوب شرق أسيا وبين دول العالم التي يشيع فيها كثيراً استهلاك المخدرات ، كدول الخليج ومصر ، بل ويشجعهم على استغلال هذا الموقع الفريد ليكون لهم معبراً لتهريب وبلوغ زبائن ومروجي المخدرات في المنطقة ، وملجأ للبعض لتخزين المواد المخدرة . فيما يقع تركيز من يتاجرون ويروجون لتلك السموم القاتلة بشكل خاص على شباب طبقة الأغنياء لتمتعهم بقوة شرائية كبيرة ، وأكثر مايقودهم إلى الإدمان عليها ما أجتمع عليه علماء النفس والاجتماع .- ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى الله تعالى في الشدائد والمحن . - الهروب من مواجهة المشكلات .- الترف الزائد ووفرة المال لدى الكثير من الناس .- أصدقاء السوء الذين يزينون لأصحابهم قبائح الأعمال والأفعال .- الفراغ القاتل ومحاولة شغله بأي وسيلة . - سوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة الأبناء تنشئة دينية سليمة . - التفكك الأسري وضياع الأبناء .- إغراء الشباب بأن المخدرات تعين على نسيان الألم والحزن وتساعد على الهروب من المشاكل والهموم .- الفضول وحب التعرف على حقيقة ما يشعر به المتعاطي . - التشبه بمجموعة المتعاطين الذين يشكلون للبادي ضغطا وإغراء وتيسيرا .- القنوات الفضائية الفاسدة فيما تبثه من برامج وأفلام منحطة . - اللجوء إلى بعض الأدوية المهدئة دون استشارة أهل الاختصاص التي توقع المرء في الإدمان دون أن يشعر بذلك . - اعتقاد عدم تحريم المخدرات . - الرغبة في زيادة القدرة على العمل والسهر والمذاكرة . - تقليد بعض المشاهير من أهل الفن والطرب الذين يتعاطون المخدرات . - الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد من القدرة الجنسية . - وجود عصابات متخصصة في الترويج للمخدرات وتسهيل وصولها إلى التجمعات الشبابية ، كالجامعات والنوادي . - تهاون بعض الدول في التصدي لهذه المشكلة . وبما أن علاج الإدمان ضرورة لابد منها لأتقل أهمية عن مكافحة اتجار وتهريب المخدرات والترويج لها ، فمن الأهمية بمكان تخصيص أقسام في المستشفيات لعلاج المدمنين على المخدرات أو إنشاء مراكز متخصصة لعلاج الإدمان . كما لابد من فرض رقابة دوائية فاعلة تنظم مسالة صرف الأدوية تلك إلى المنتفعين من المرضى وفق شروط وضوابط طبية محكمة بعيدة عن العشوائية . كذلك تقع على وسائل الإعلام وقادة الرأي والمؤثرين في المجتمع وعلماء الدين وخطباء المساجد مسؤولية توعية المجتمع بأضرار المخدرات صحياً واقتصادياً واجتماعياً ، ولابد أيضاً من أن تتخذ أشد العقوبات صرامة على كل من يثبت عليه أنه يتجر بالمخدرات أو يهربها أو يروج لها . وبتعاون الجهات الرسمية ذات العلاقة وتعاون الشرفاء من أبناء هذا الوطن المعطاء في إبلاغ الجهات الأمنية عن أي أنشطة تهريب أو اتجار بالمواد المخدرة متى صادفوا أعمال أو رصدوا تحركات من أي نوع .. يتسنى مكافحة آفة المخدرات والتصدي لها ومراقبة الحدود البرية والبحرية لمنع دخولها . ويبقى على الوالدين تحمل مسؤوليتهما الكبرى في التربية الحسنة للأبناء وتبينهم مخاطر الإدمان وتقويم سلوكهم ومتابعة تصرفاتهم وإبعادهم عن مخالطة رفقاء السوء والانخراط بهم بأي شكل من الأشكال .فالمخدرات دمار ، والوقاية من الدمار وتجنبه خير من الوقوف على أضرار ومصائب وجرائم تثقل كاهل الأسر والمجتمع .. سببها الإدمان على تلك السموم المدمرة .[c1]المركز الوطني لتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان [/c]