عالم الصحافة
كتب رئيس تحرير مجلة نيوزويك فريد زكريا مقالا يقول فيه إنه في الوقت الذي يركز فيه المعلقون بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة على عملية السلام وحل الدولتين، فإن ثمة مسألة أكثر عمقا باتت تتنامى في العمق الإسرائيلي.ووصف زكريا الانتخابات الإسرائيلية في مقاله الذي جاء تحت عنوان «معضلة إسرائيل الوجودية» ونشرته صحيفة واشنطن بوست، بأنها تاريخية لأنها شهدت انهيارا لحزب العمل الذي يزعم أنه مؤسس البلاد وقدم معظم رؤساء الحكومات بدءا من ديفد بن غوريون حتى إسحاق رابين، وتابع أن قضية فلسطينيو 48 يطرحها في إسرائيل من وصفه الكاتب بأكبر منتصر في الانتخابات وهو أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا الذي فاز بـ15 مقعدا.وسواء دخل ليبرمان الحكومة أم لا، يستطرد الكاتب، فإن هذا الرجل وقضاياه انتقلت إلى المسرح السياسي، فعلاوة على تنديده بمسلحي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله في لبنان، يعتبر الأقلية العربية في إسرائيل هدفه الأول وتهديدا لإسرائيل أسوأ من حماس، وبعد أن سرد الكاتب بعض ما يعانيه الفلسطينيون في إسرائيل من عنصرية في مختلف المجالات، أشار إلى تنامي العداوة بين الطرفين، وانحسار نسبة تصويت العرب للأحزاب الإسرائيلية الأساسية خير شاهد على ذلك.وبالنسبة لإسرائيل، يقول الكاتب، أصبح التعاطي مع العلاقة بالأقلية العربية أكثر أهمية من التعامل مع حزب الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، مضيفا أن على إسرائيل أن تقرر كيف ستتعامل معهم.واختتم زكريا بالقول إن مسألة الفلسطينيين في إسرائيل تشكل دوامة خطيرة لها، وكلما تداعت الثقة بين الطرفين، كلما تضعضع ولاء الفلسطينيين لها، وقال إن الانتخابات جلبت هذه القضية إلى الواجهة وإن حلها سيحدد مستقبل إسرائيل كبلد وكدولة يهودية وكبلد ديمقراطي.[c1]إسرائيل في فخ والسلام أبعد من ذي قبل :[/c] حذر الكاتب بروس آندرسون في مقال له بصحيفة إندبندنت - في الوقت الذي ينشغل فيه الغرب بالأزمة المالية - من أن مأساة أخرى تتجذر, فالنظام المالي العالمي سيتعافى أما عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين فلا مجال للتفاؤل بشأنها إذ لم يعد واضحا كون تلك العملية لا تزال موجودة.فالأفق المنظور لا تلوح فيه مفاوضات ولا عملية سلام ولا حل بل إن كل ذلك يبدو اليوم أبعد مقارنة بأي وقت مضى منذ 1967, مما يعني أن إسرائيل مصممة على انتهاج المسار الذي سيؤدي في آخر المطاف إلى دمارها, على حد تعبير الكاتب.آندرسون لاحظ وجود نوع مما سماه «سخرية القدر الشنيعة» من خلال وتيرة وطريقة تطور الأحداث, وهو ما ينذر بانتصار الزعيم النازي آدولف هيتلر على اليهود بعد عشرات السنين من موته.ولا يعني الكاتب بذلك عدم تفهم سبب فقدان الإسرائيليين ثقتهم في كل شيء إلا قواتهم وأسلحتهم بعد ما عاناه اليهود على يد الأمة التي أنجبت بيتهوفن وغوتيه وموزارت.لكنه بنفس الدرجة يؤكد وجوب تفهم سبب ردّ الفلسطينيين بعد أن شردوا من أرضهم وأجبروا على العيش لاجئين خارجها رغم أنهم لا يتحملون أي جزء من المسؤولية عن «وزر المحرقة», لكن غضبهم مما ألحقه بهم الإسرائيليون جعل -من الطبيعي- نمو الشعور النازي لديهم.ونظرا للظروف التي أنشئت فيها دولة إسرائيل فإن آندرسون يؤكد أن غالبية الإسرائيليين يرون أن هناك قضيتين مصيريتين لدولتهم, فهم يريدون أن يتمتعوا بالأمن وأن يعترف جيرانهم بحقهم في الوجود، وهذا لا يبدو غير واقعي لكنه كذلك بالفعل لأنه فشل في اجتياز اختبار العقلانية السياسية نظرا لافتقاده للواقعية, على حد تعبيره.ولتجنب اللبس في فهم المقصود, شدد آندرسون على أنه لا يعني أن قدر الإسرائيليين هو أن يعيشوا داخل ملاجئ مضادة للقنابل تحت تهديد مستمر, لكنهم اختاروا أصلا العيش ضمن جوار خطير وعليهم إذن قبول حلول وسط تمكنهم من ذلك.فبدلا من وهم الأمن المطلق عبر فرض سلام مهين على العدو المسحوق, يرى الكاتب أن إسرائيل يجب عليها أن تدرك حاجتها إلى انتهاج أسلوب يضمن لها الحياة.وأضاف أن المواطنين الإسرائيليين فشلوا في إدراك حقيقة مفادها أن أمنهم مهدد بشقاء جيرانهم, أما زعماؤهم فيفتقدون إلى الحكمة السياسية والشجاعة الأخلاقية الكافية للتعبير لمواطنيهم عن أمر يرجح أن يكون يختلج في صدورهم وهو أنهم إن أرادوا السلام فعليهم أن يجازفوا، فما يريد الرأي العام الإسرائيلي فرضه حسب الكاتب, هو التهدئة مع الفلسطينيين, لكن الذي يحتاجه الفلسطينيون هو دولة فلسطينية وهي حق شرعي لهم.