سطور
الكتابة النقدية عن أدب المرأة اليمنية والثورة،تجعلك تأخذ طابع الصورة التقليدية لحضور المرأة اليمنية العاملة أو المرأة ربة البيت المظلومة والتي تبحث عن قلم يفرج عنها همومها من ظلم الرجل لها واستبداده بها .وهناك عشرات الكاتبات والأديبات اليمنيات اللواتي عبرن عن هموم المرأة اليمنية في المجتمع اليمني،ولكن مع هذه الهموم برزت على الساحة الأدبية بعض النساء اللواتي قهرن الصعاب وناضلن من أجل حرية ووحدة اليمن،في بلد محافظ أعتقد أبناؤه أن عمل المرأة يمكن أن يسيء إليهارغم أن هذا البلد قد قطع أشواطاً كثيرة في الاحتفاء بالمرأة مبدعة وأديبة وفنانة وأستاذة وأكاديمية وعالمة.ومع هذه الصعاب برز أدب المرأة من أجل النضال ضد الاستعمار البريطاني والإمامة والحرية ووحدة اليمن الممزق وضد الجهل والمرض والفقر،وأصبح في الشعر يعلو مثل حمامة السلام البيضاء في سماء الحرية،فترى حضور المرأة نورانياً في رؤية تتصالح فيها الأشياء،وتغدو كلماتها الشعرية على صفحات دواوينها كسهيل النجم وردة خافقة في عروة القلب والدم الساكن في العروق تصحو ينابيعه وتتدافع،وتتسع دائرة الأرض للرائي وهو ما لا يحدث إلا في أدب المرأة اليمنية الصادقة في تعبيرها عن هموم مجتمعها أمثال هدى العطاس وشفيقة زوقري،ونجيبة حداد وبلقيس الحضراني.ومن الأديبات اللواتي برزن في ساحة المعركة أثناء النضال ضد الاستعمار البريطاني عائدة علي سعيد يا فعي،ورضية إحسان الله وإلهام محمد علي الشميري واعتدال ديرية وغيرهن اللواتي برزن في الساحة الأدبية في الخمسينات من القرن الماضي وكانت كلماتهن تهز العدو من أجل حرية وسيادة الوطن.إن هذه الأصوات النسائية الأدبية تميزت في سماء الشعر والقصة والمقالة في عدن وهذا التميز امتد ليشمل الوطن اليمني كله،فقد عملت هذه الأقلام الأدبية كقضية هدفها بناء الوطن وحريته وسيادته وكرؤية نسائية على صفحات المجلات وأغلفة الكتب، من أجل تطوير الأدب اليمني للحياة والمجتمع.على أننا حين نريد تمييز الصوت النسائي في الأدب القصصي والشعر والمقالة لا نجد مناصاً من الإشارة إلى أن هذه الأصوات لا تزال تعيش مرحلة در الفعل بالمبالغة في تصوير ما تعارف الناس على أنه ألصق باهتمام المرأة وطبيعتها ولا نستطيع أن نقول أن المرأة اليمنية ما زالت جاهلة بموقعها الأدبي والثقافي والسياسي كفرد في هذا المجتمع المتحضر.وفي سياق موجات رد الفعل العربية العامة فإن الاهتمام المبالغ فيه بما تعارف الناس عليه من شؤون النساء وخواص تفكيرهن قد يكون هو ما يناسب إدراكهن، وقد يصدر عن طبيعة تكوينها،والاحتمال الثاني هو الأقوى،وذلك لتغلغل الطريقة النسائية ويقظتها في تدبيج دقائق التكوين الفني للقصة القصيرة والرواية.وليس صحيحاً أن الاهتمام بالحب سليقة نسائية فالحب هو الموضوع الأثير في القصص منذ وجدت. أما الفرق فيتجلى في طريقة تصويره وهو ما تتميز به قصص الأديبات اليمنيات المعاصرات .لقد سبقت الإشارة إلى أن عالم هذه القصص يمكن اختزاله في علاقة( الأنا والآخر) كما يمكن وصفه بأنه عالم الحب وأضداده وعلاقة المنارة وهذا التصوير الخاص لون موضوعات جميع القصص حتى تلك التي تأبى طبيعتها وتكوينها أن تدخل في وصف الحب، فضلاً عن الانحصار في علاقة الأنا والآخر.ومثلاً نجد أن الأديبة شفيقة زوقري كتبت قصصاً عن الثورة اليمنية والنضال من أجل تحرير الأرض من الاستعمار البريطاني، كما صورت المرأة اليمنية على أنها أكثر رشداً في مجتمع يسعى إلى التطور ويؤمن بالأسرة (رجل وامرأة) وليس رجلاً فامرأة.. لأن المرأة أكثر رشداً لو لم يكن الرجال أكثر تحكماً.واليوم تشهد اليمن العديد من الأديبات الشابات بل نستطيع القول إن اليمن تشهد نهضة أدبية عريضة وشاملة وتتعدد فيها وجهات النظر،وتواكب بأطراد وحذر الانفتاح الاقتصادي والسياسي الذي يتسلل إلى كل نواحي النشاط الإنساني في اليمن.