فيما كانت تمثل الحل لفئة العمال غير المتعلمين لتحسين ظروفهم المعيشية
الرياض/ إيلاف / محمد هادي :كان من اللافت في الماضي وأنت تتصفح جرائد الإعلانات، تحديداً الوسيلة أو المبوبة واللتان تختصان فقط بالإعلان عن السلع أن تجد إعلانا أو أثنين يتحدث عن مكاتب للهجرة، وفيه دعوة لغير السعوديين، من الحاصلين على تخصصات علمية، وخبرات بالتقديم من أجل الحصول على فرصة الهجرة إلى كندا المذكورة دائماً، أو إلى إحدى الدول التي تفتح أبوابها للكفاءات، سواءُ كانت الدول القريبة في الخليج، أو تلك التي وراء البحار. مع الوقت زالت العبارة التي تشير إلى غير السعوديين، وأصبح الأمر مفتوحاً على ما يبدو، دون تحديد للجنسية أو للجنس، مع الحفاظ على عبارة « لحملة الشهادات العلمية»، إيلاف تفتح الباب على مصراعية للشباب، وتنقل المايكروفون من مكان لآخر، من أحد مكاتب الهجرة، إلى الشارع والشباب و إلى الباحثين، وتفتح بابا آخر للإتهامات، والمبررات، والمسوغات التي قد يسوقها المهاجرون، والحالمون.[c1]البطالة.. الأب الروحي لكل الأسباب[/c] لم تعد البطالة ظاهرة فردية، والخلل كما يقول غالبية الشباب يكمن في المؤسسات الخاصة، والقطاع الخاص، وتقديم مصالحهم الفردية الجشعة على مصلحة الوطن، يقول أحد الشباب في حديث يقول أنه منطقي: يجب أن تتدخل الحكومة في هذا الأمرو بالتأكيد أنا لا أريد الخسارة للمستثمر، لكن في الوقت ذاته يجب أن يرضى بربح أقل من أجل مصالح اخرى، بمعنى إذا كانت أرباحة السنوية 100 مليون، لا ضير في أن تكون 90 مليون ما دام التاجر في هامش الربح. فبينما كانت الهجرة تمثل الحل الدائم لفئة العمال غير المتعلمين لتحسين ظروفهم المادية والمعيشية، أصبح الآن يطول المتعلمين في مقابل تضحيات معنوية وحرمان متعدد الجوانب اصبحت فى عصرنا الحاضر الهدف الرئيسى الذى يسعى أجله اغلب الشباب طمعا فى تحقيق الحلم بالسيارة الفخمة والفيلا والرصيد البنكى الهائل وبحياة الرفاهية والبذخ وابهار الاخرين. مع الأحتفاظ بالحنق تجاه الجهات المعنية بالتوظيف في البلد النفطي الكبير. وقد جاء في تقرير صدر عن البنك الدولي في عام 2007م بعنوان «التنمية والجيل القادم» بعض المؤشرات في حياة الشباب لعام 2007م. وذكر التقرير أن احتمالات الهجرة على الصعيد العالمي تبلغ ذروتها في أواخر سنوات المراهقة وأوائل العشرينيات من عمر الشباب ولذلك فإن الشباب يشكلون نسبة كبيرة من بين المهاجرين من مختلف الدول. ونلاحظ في التقرير أن حوالي ثلث المهاجرين من جميع الدول النامية تتراوح أعمارهم ما بين 12و 24سنة، ونصفهم تتراوح أعمارهم ما بين 12و 29 سنة.وعند العودة للحديث عن البطالة يعني أن نعود لحديث الشباب حول أسباب الهجرة المعلنة، يقول عبدالرحمن: لقد دهشت كثيرا عندما علمت ان مجموعه من الشباب السعودي أصبح يفكر بالهجره الى الدول الأخرى المجاورة كالإمارات للعمل هناك. ووجه كلامه إلى المسؤولين مطالباً بالنظر في حالات البطالة المنتشرة في البلد، وإتخاذ ما أسماه حلولاً مباشرة وسريعة وإلا فإن الوطن سيدفع ثمن أخطاء غيره. سعود خريج حديث يرى بأن الهجرة لا تجدي حلاً، يقول بأنه لا يرى بأن البطالة متفشية إلى هذا الحد، ويرى بأن المشكلة في تدني العائد المادي، ويرى أن البقاء أكثر جدوى في ظل أرتفاع الأسعار ويواصل: جائني عرض بـ 16 الف ريال للعمل في دولة مجاورة، لكن بحسبة بسيطة لن يتبقى سوى 4 الاف، لأن الأسعار هناك والإيجارات في ارتفاع مستمر، حيث أن الـ 4 الاف لا تستحق التغرب من وجهة نظري. [c1]دراسة .. أم هجرة غير معلنة؟[/c] لطالما كانت الهجرة مطروحة داخل المجتمع السعودي، فقد كانت الهجرة دائماً من خلال برامج الابتعاث والدورات التدريبية إلى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي أثمرت عن عدد كبير من الخبرات والتدريب والتعليم التي حصل عليها الشباب، وقد كانت أكثر هذه البعثات صادرة عن الجامعات التي رأت أن أفضل ما تحصل عليه من خبرات ودرجات علمية يتم من خلال الابتعاث إلى الدول المتقدمة. وبعد أن حظيت الجامعات بالمزيد من الخبرات ونضجت تجاربها فمن الأولى أن يقتصر الابتعاث على بعض الدرجات العلمية العالية مثل الدكتوراة. وكثيراً ما نسمع عن كثير من المبتعثين الذين يذهبون إلى الخارج من أجل التعليم ويعودون بدون أي خبرات، لأن هدفهم كان مقتصراً على التسلية واتقان اللغة أحيانا والزواج من الأجنبيات أحياناً أخرى.[c1]إحدى الرسائل حول أسباب الهجرة..[/c] في رسالة عبر أحد المواقع كتب شاب عن نفسه هذه الرسالة: أنا شاب في العقد الثالث من عمري ويوجد لدي وظيفة ولدي عائلة محبة لي ولكنني لم أتزوج لظروف عملية وعلمية وشخصية بحته ومع ذلك أفكر جدياً بالهجرة من وطني وقد تصدم إذا بحت لك بالدولة التي أرغب بالهرب لها ليست من دول العلم الأول ولا الثاني بل دولة بالعالم الثالث !!, تدري لماذا أهاجر؟أبحث عن قيمة لذاتي الحقيقية فوالله لن تتخيل كيف تكون صدمتي حينما أريد شراء بعض الحاجيات من أحد المجمعات التجارية ويكون الجواب من أحد الحراس بمنعي لعدم وجود عائلة معي، هل أنا لهذه الدرجة من السوء؟ هل والداي لم يربياني لكي أمنع من الدخول؟ وحين أجد فراغ لدي في خارج وطني أذهب للتسوق أو لتناول وجبه عشاء في إحد المجمعات التجارية ويكون دخولي شامخاً وبكرامتي وهنا بوطني أمنع بطريقة لاأريد وصفها. توجد مجموعه كبيرة من معارفي وأقربائي يفكرون بالهروب من المنع بوطني الذي قدم ومازال يقدم الغالي والنفيس لأبناء وطنه ولكنه نسي أو تناسى وضع الماء مع القهوة والهيل لتكون قهوة عربية مضيافة.[c1] مكاتب الهجرة .. تستهدف السعوديين صحيفة ( الشرق الأوسط) وفي تقرير لها لاحظت أن إعلانات طلب التجنيس والهجرة التي تنشر في الصحف السعودية لم تعد تحتوي على عبارة «لغير السعوديين»، والتقت ببعض الشباب الذين استقروا أو هم في طريقهم للاستقرار في الخارج أحدهم قرر السفر إلى بريطانيا للعمل براتب يعادل ثلاثة آلاف ريال شهريا. مما سبق ذكره نستطيع القول إن هجرة السعوديين لم تعد حالات فردية، بل هي حالات جماعية، كما لا يمكننا أن نعزوها للبحث عن العمل لأن هذا لا يستقيم مع حقيقة أن السوق السعودي هو أكبر سوق عمل في المنطقة كما أسلفت. عندما يكون هناك قمع اجتماعي، فالأسباب الغالبة إذن اجتماعية. إيلاف بدورها دونت رقم أحد مكاتب الهجرة من جريدة الوسيلة، ثم قامت بالإتصال، كان في الطرف المقابل رجل ذو لكنة شامية، كان ميالاً للحديث عن ما يمكنه فعله لنا بوصفنا زبون، لكن الحديث تغير بعد أن سألناه عن أسباب حذف عبارة لغير السعوديين، لم نصل معه لإجابة مباشرة، وأستطعنا معرفة أن معدل الطلبات من السعوديين زادت أضعاف بعد حذف العبارة. يقول بأن أغلب المتقدمين يأتون من باب إكمال الدراسة، البعض منهم من حاملي شهادات عليا، وتخصصات علمية، وآخرون لا يتعدى كونهم يبحثون عن شيء جديد يملأ حياتهم. وعند سؤالنا عن السبب في إزالة العبارة، قال بأنه الرقابة التي كانت تفرض على الإعلانات لم تعد بذات الصرامة، وبأن الطلبات من السعوديين كانت تأتي حتى قبل إزالة العبارة.[c1]الهجرة إلى الخليج[/c] لم يعد الأمر مقصوراً على الوافدين من دول الشرق الآسيوي، او من المحيط العربي المجاور للخليج، فأصبحت الهجرة تحدث بين دول الخليج الصغيرة، وفي رحلات قصيرة بين العواصم التي بدأت تفتح أبوابها للأبناء الخليج أكثر من أي وقت مضى، بدء من تطبيق التنقل بدون جواز سفر وأنتهاءً بمشروع العملة الموحدة الذي سيطبق في السنوات القريبة القادمة. وعلى الرغم من أنه لا يوجد عدد دقيق للسعوديين الذين استوطنوا بعض دول الخليج، ولكن من المؤكد أن أعدادهم هناك ليست بالقليلة، وهي بازدياد مطرد كل عام، حتى في دول عربية كمصر مثلا. وبالرغم من أن السوق السعودي كما يقال هو أكبر سوق عمل في المنطقة، وفرص الوظائف في السعودية أفضل مما هو موجود في جنوب أوروبا، إلا أن دبي بدأت تمتلئ بالسعوديين. فسوق السمك هناك، كما ذكر في تقارير صحفية يوجد به عدد لا بأس به من الشباب السعودي الرائع. وبعض السعوديين هناك لديهم مؤسسات في وسط السوق القديم، وفي الشارقة يهيمن عدد لا بأس به من السعوديين على نشاط بيع السيارات بالمعارض، وفي أحد المقالات الصحفية في جريدة ( الوطن) السعودية ذكر بأنه يوجد في مصر آلاف من السعوديين، معظمهم يعملون لمشاريعهم الخاصة. في الكويت والبحرين والمغرب يوجد هناك آلاف السعوديين، وهناك ما يقارب ألف سعودي في مدينة هيوستن الأمريكية فقط يحملون الجنسية الأمريكية، ويعيشون هناك منذ عشرات السنين، وهناك أيضا عدد لا بأس به من السعوديين في مختلف الولايات الأمريكية ممن يقيمون إقامة دائمة.
بطالة وهجرة
مهاجر افريقي متعب يزحف بعد وصوله شاطىء تاراجال في اسبانيا