صورة من الإرشيف لأشخاص متهمين بقضايا الاحتيال والنصب
صنعاء / سمير الصلوى - عمران/ طارق الخميسيتفاقمت في الآونة الأخيرة ظاهرة دخيلة على المجتمع اليمني وهي التحايل والنصب التي يقع ضحيتها كثير من الناس ، لكن في كثير من الحالات لا يتقدمون بشكاوى إلى أقسام الشرطة بحجة العيب وخشية الفضيحة ، وعادة يتظاهر المحتالون بأساليب وحيل مضللة لصيد ضحاياهم بأسلوب ذكي وبعيداً عن أعين الناس ، فقد تجد احدهم يبيع أشياء مقلده لبعض الماركات على أنها الأصلية التي تكون عادة ثمينة، مما يغرر بالضحية للسقوط سريعا في شباكهم دون تأكد فلا يلبث أن يكتشف حقيقة الأمر ولكن بعد فوات الأوان ، فالكثير من الناس وقعوا ضحايا وكل له رواية تختلف عن الأخرى . [c1]جنبيه بثلاثة ملايين[/c]حالة نصب أخرى مفادها ثلاثة أشخاص يستوقفون محمد احمد الجناتي الذي يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما وكان احدهم يمتلك جنبيه قيمتها أكثر من ثلاثة ملايين ريال طلب أن يرى جنبيه ألجناتي بقصد البيع لكن الجناتي أراد أن يتهرب قائلا أنا لا أبيع جنبيتي ولكن إذا أردتم أن تقايضونني بجنبيتكم هذه فانا موافق فأنتفض صاحب الجنبية أن جنبيتي ثمينة تساوي أكثر من ثلاثة مليون ريال تفوه ذلك بسخرية لأنه في الحقيقة جنبيته تساوي الكثير وقيمتها مرتفعة وهو نوع من المغازلة فجاء الثاني فقال أن جنبيتك يا جناتي لا تساوي شيأ أمام جنبية صاحبنا بينما هو يتكلم قام الأول بلف الجنبية الثمينة بشاش ابيض حتى لا تفسد الأيادي هيبتها ومنظرها والجناتي يتطلع إلى العملية فسارع الثالث إلى تقييم جنبية ألجناتي بمليون فاسترخى لسماع التسعيرة وأصبح في دوامة الألفاظ فطلب ألجناتي بمقايضة الجنبية التي سعرها أكثر من ثلاثة ملايين مقابل جنبيته ومقصده تهربا منهم لكنه في داخله يتضرع إلى الله سبحانه أن يوافقوا على مطلبه وأرخى توتره النفسي حتى لا يلاحظ احدهم ذلك وبعد شد وجذب اتفق الجميع على المقايضة ولكن أثناء المقايضة والصياح والهرج والمرج استطاع احدهم أن يستبدل الجنبية الثمينة بجنبية ثمنها بخس جدا دون أن يدرك صاحبنا الجناتي أنها قد بدلت فاخذ ألجناتي الجنبية وكاد أن يطير من الفرح فراح يهرول سريعا كي لا يتراجع الثلاثة في كلامهم حتى وصل مأمن أخر الدرب اخذ يفتح شاش الجنبية ليتمعن النظر بغنيمته ويرقص (برع) البطولة والانتصار فإذا بالقدر يفاجئه ويظهر له جنبية لا تساوي شيا فأقام الدنيا ولم يقعدها وصرخ صراخ المغدور في الصحراء وأراد الرجوع إلى الأشخاص الثلاثة فلم يجد لهم أثرا. [c1]أسلوب التحايل[/c]وحول أساليب التحايل وكيفية اصطياد الضحايا تحدثنا مع (ا.م.ح) وهو احد التائبين إلى الله من أعمال النصب والاحتيال فيقول / أول ما بدأت أعمل بهذه الشغلة كانت في الحدود اليمنية السعودية حيث يوجد هناك ناس يواجهوا المسافرين الخارجين من المملكة ويشتروا أي شئ معهم باعتبار ان اكثر الأشياء التي يخرجوها من السعودية ممتازة فبدئنا انا ومجموعة نشترى ساعات مقلدة لساعات الوكالة ونذهب بها إلي هناك ونبيعها بأسعار غالية باعتبار أنها ساعات وكالة وباستخدام أسلوب التحايل على الضحية فبعد فترة انتشرت هذه اللعبة ومسكت وسجنت فترة في الحديدة وبعد خروجي من السجن توجهت إلى صنعاء وعملت في بيع الكاميرات والساعات المقلدة. ويضيف أن أكثر المواقف استغرابا له هو رجل نصب عليه في الحديدة ثم عرفه في صنعاء ،. ويقول إن الأسباب الحقيقية وراء هذا العمل هو البطالة وعدم توفر فرص العمل ولكن رزق الحرام لا يدوم أبدا، وانصح كل الناس بعدم شراء أي معروض في الشوارع من ساعات او كاميرات أو جنابي أو غيرها.[c1]هدية القدر[/c]
سعاد عبدالله
أخذنا حكايات الضحايا بالاعتبار واتجهنا صوب الجهات الأمنية التي من مهمتها كشف وضبط المحتالين والنصابين ، حيث تحدث إلينا الأخ / عبد العزيز الصماط مدير منطقة شعوب عن الظاهرة قائلا :» أن ظاهرة النصب والاحتيال تعد نتاج لبواعث إجرامية لدى من يقومون بهذا النوع من الجرائم والذين يروا في أنفسهم درجة من الذكاء تفوق قدرة ضحاياهم ، وينظرون إلى أعمالهم من منظور الشطارة والذي لا يخلو من الخطر في كثير من الأحيان رغم الحذر الشديد لهؤلاء المجرمين فهم يسعون إلى تزيين وتضليل أفكار الضحايا واستغلال طيبتهم ،وفي كثير من الحالات سذاجة الضحية وعدم إدراكه للواقع و إيهامه بان ما يقوم به سيدر عليه أضعاف ما يقدمه من أموال .وعن تنوع قضايا النصب والاحتيال فيقول :» تنوع طبيعة هذه القضايا ما بين زعم النفوذ الذي يوحى به الجناة وقدرتهم على انجاز الأعمال كالتوظيف في الجهات الحكومية ،والتي ترتبط في أكثر الحالات بأشخاص لهم صله قرابة ببعض موظفي تلك الجهات أو من الموظفين أنفسهم أو من السماسرة الذين لهم علاقات ببعض موظفي تلك الجهات ، وهناك نوع آخر من قضايا النصب والاحتيال التجاري ، ومن اخطر أنواع هذه القضايا تلك التي يكون المجني عليه متيقنا انه وجد صيدا أو ما يسمى بهدية القدر مثال : من يقومون بشراء الساعات التي يكون بائعها في ضائقة مالية أو لديه ظروف فيقوم ببيعها للمشتري على أن ثمنها أضعاف مضاعفة ، وعند التأكد عند ذي الخبرة يتأكد أن ثمنها بضع مئات من الريالات ويجد انه كان ضحية ذكاء البائع وسذاجته ، وهناك نوع ثالث ويتمثل في بيع الأراضي لأكثر من شخص. وأضاف بان عمليه النصب والاحتيال لا يوجد لها نطاق معين فهي تحدث في الدوائر الحكومية أو محيطها، وفي الأسواق الرئيسة أو في الشوارع العامة، والأحياء الشعبية ، فمتى يرى المحتال شروط نجاح العملية متوفرة فانه لا يرجع على ارتكابها ما دامت فرصة الإفلات متوفرة له وكان الضحية سهل الاقتناع.[c1]ذكاء غير عادي [/c]
المقدم / عبدالعزيز عبدالله
ويضيف أن الكثير ممن تم القبض عليهم ينكرون الجرائم المنسوبة إليهم إلا أن تعرف الضحايا في أكثر من واقعة تجعل المتهم أمام أمر لا مناص منه وهو كشف حقيقة نشاطهم و الاعتراف بالعديد من القضايا ، وهناك من يتعمد النصب والاحتيال في أقواله من خلال اعترافه بقضايا لم يقوم بها لاستغلال ذلك مستقبلا أمام النيابة من اجل التملص من القضايا التي قام بها ، فهؤلاء الأشخاص يمتازون بدرجة كبيرة من الذكاء لو استغلوه في الخير لكان خير لهم وللمجتمع بشكل عام .[c1]الأسباب والدوافع[/c]ويرى المقدم / الصماط أن الدوافع لمن يقومون بعمليه النصب والاحتيال هو الكسب غير المشروع والاستيلاء على أموال الغير إضافة إلى سهولة الأسلوب مما يجعلهم يتمادون في ذلك .وقال/ هذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمع إلا أنها زادت في الفترة الأخيرة ويرجع ذلك للوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، والذي يجعلها البعض شماعة للأخطاء ، وهناك الكثير من القضايا التي لا يصل علمها إلى السلطة العامة نظرا لمركز الضحية الاجتماعي الذي يجعله يخجل من انه ضحك عليه وكذلك عدم معرفة البائع ،أما عن عدد البلاغات من بداية العام حتى نهاية أكتوبر فهو (12) بلاغًاً فقط .[c1]أشكال وألوان[/c]من جانب آخر يقول مدير قسم جمال جميل الرائد / يحيى صالح أبو حاتم بمنطقة التحرير أن ابرز أنواع النصب والاحتيال تتمثل في الساعات المقلدة الرولكس وكذا النصب في معاملات التوظيف والفيزا وبمعدل قضية كل خمسة أشهر ، واغلب أماكن تواجد النصابين تكون بجوار محلات الصرافة والبريد وفرز الباصات ، حيث يدعي النصاب في اغلب الأوقات انه في أمس الحاجة إلى مبالغ ماليه نظرا لوجود مرض لديه ، ويريد أن يبيع ساعته الغالية بأرخص ثمن نظرا لظروفه فيطمع المجني عليه ويدفع ما بحوزته من مبالغ ويضطر بعض الضحايا أحيانا إلى تسليمه سلاحه المسدس أو الجنبيه توفيتة للمبلغ الذي يطلبه النصاب .وقد ضبطنا الكثير من المحتالين قبل وقوع عملية النصب بفضل إنزال التحريات الراجلة بلباس مدني ، إضافة إلى دور الشرطة الراجلة التي تغطي معظم المناطق الواقعة في اختصاص المركز ونستطيع أحيانا معرفة الجاني من خلال طريقة وأسلوب النصب الذي يمارسه ، حيث يتكرر الأسلوب الإجرامي لكل نصاب ويتم رصد كل نصاب ليتم ضبطه ومعرفة أسلوبه الإجرامي ، ويتم أرشفة صور المتهم مع أسلوبه ومكان تواجده داخل الكمبيوتر مما يسهل علينا معرفة الجاني من خلال تعرف المجني عليه على صورة الجاني .ويرى أبو حاتم / أن من أسباب تفشي عملية النصب هو طمع المجني عليه وعدم وجود وعي لدى المواطن ، وانصح جميع المواطنين بعدم شراء أي أشياء من الأماكن غير الرسمية وعدم الانطباع لأي إغراءات ، وعدم دفع أي مبالغ ماليه مقابل معاملات أوغيرها .[c1]تحليل نفسي واجتماعي[/c]
ياسر الخدري
وبحسب علماء السلوك و الاجتماع فالظاهرة تعد عالمية وان كانت تتزايد مظاهرها في البلدان الفقيرة ويؤكد ذلك الدكتور/ عبده على عثمان أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة صنعاء قائلا : ظاهرة النصب والاحتيال موجودة في كل المجتمعات، ولكن تتفاوت من مجتمع إلى أخر بحسب الضوابط والقوانين الموجودة ، ومدى فاعليتها في البلد ، ويمكن أن تبرز هذه الظاهرة بأكثر من شكل ، فأشكال النصب متعددة في حياتنا اليومية فهناك نوع يتعلق بالسرقات، وأخر بالمعاملات، وثالث بالشهادات والتزوير......الخوعن مدى انتشار الظاهرة في بلادنا والعوامل التي تساعدها على ذلك يقول عثمان / هذه الظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير عن السابق ، نظرا لعدم تطبيق القوانين ، وعدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ، ويفسر انتشار هذه الظاهرة بعدد من العوامل منها عامل التنشئة بداية من الأسرة ومن ثم المدرسة ثم المجتمع فالشارع ، فهذه المراحل لها دور كبير في التأثير على الفرد إضافة إلى فاعلية القوانين فلا بد من تفعيل القوانين لردع كل من يحاول الابتزاز بطريقة النصب والاحتيال ، وتفعيل القوانين وردع كل من يقع في قبضة رجال الأمن .أما عن الدوافع النفسية للنصب والاحتيال وعلاقتها بالتركيب النفسي للشخص فيقول الدكتور/ عبد الرحمن المنوفي أستاذ علم النفس الإكلينيكي في كلية الآداب فتحدث قائلا :” أن الإنسان يخلق على الطبيعة ، ولكن التربية هي الأساس ، فتبدأ التربية من الأب وإلام ، ومن ثم الانخراط في صفوف المجتمع ، وإكساب سلوكيات غير حميدة تؤدي إلى الانحراف ، حيث تبدأ التربية من البيت ثم المدرسة ثم لشارع .حيث المجتمع بشكل عام هو الذي يؤدي إلى انحراف الشخصية الإنسانية ، فالشخصية الإنسانية هي نتاج التربية ، ونتاج التطورات الاجتماعية في أي مجتمع نتيجة للأوضاع التي يعيشها من أوضاع اجتماعية أو اقتصادية وسياسية قد تكون هي السبب في الانحراف فالإنسان عندما لا يجد وسيله للكسب الشريف يبدأ بامتهان مهنة أخرى فعندما ينظر إلى ناس نجحوا في هذا السلوك يبدأ بتعلم هذا السلوك بالطريقة لاسلوكية وتسمى الانعكاس الشرطي فكلما كان المحصول من هذه العملية مربح كلما عمل أكثر وبطرق مختلفة، فتترفع هذه السلوكيات المنحرفة وتتعزز لدى أشخاص آخرين.[c1]حلول ومعالجات[/c]وعن السمات التي يمكن من خلالها معرفة الشخص المحتال وتمييز سلوكه يقول :» من الصعب معرفة الشخص العادي من الشخص المحتال ، ولكن من خلال المفاتحة واستعراض الآراء يمكننا أن نكتشف بان هذا الرجل غير عادي فأسلوب المبالغة والاستعراض للمحتال يمكننا أن نوقعه إذا كان لنا دراية ووجهنا له عدد من الأسئلة فيظهر عليه علامات الارتباك ، وتغير الملامح فالإنسان الواقعي الصريح نعرفه من خلل بساطته وتواضعه في الكلام ، بينما المبالغ أو الكذاب تظهر عليه مؤشرات أوليه عند سؤاله عن أي شي .فالمحتال لا يستطيع أن يسيطر على ملامحه التي تتغير فجأة ، والتي تسمى بالنشاط الفسيولوجي أو وظائف الأعضاء بالجسم.وأضاف المنوفي قائلا / هذه الحالات أصبحت ظاهرة في المجتمع فعلينا أن نبحث عن جذورها الحقيقية مهما كانت مستعصية في المجتمع ، ويجب القضاء على المشاكل الاقتصادية أولا والحل له اتجاهين باعتقادي :الأول / حل المشاكل المعيشية بدرجة أساسية.والأخر / الجانب التربوي والنظامي أي أعطى أمثله من الواقع و تدرس في المدارس وتنشر في وسائل الإعلام المختلفة. [c1]خلاصة [/c]يبقى الحديث معلقا على عواهنه مالم تتضافر كل الجهود الوطنية المخلصة، فدور الأجهزة الأمنية سيبقى محدودا مالم يتعزز ذلك بوعي الناس وتعاون الأجهزة المختصة والمجتمع المدني لمعالجة المشكلة ، وقبل هذا وذاك نسدي دعوة صادقة ومخلصة لأولئك المحتالون أن اتقوا الله فهو يراكم ويرصد تحركاتكم ونواياكم المظلمة كلما ضحكتم على مسكين ساذج فلقائكم بالحكم العدل قريب جدا، وتذكروا أن عين الله لا تنام وان السفر بعيد والناقد بصير، وتوبوا فان الله تواب رحيم.