من يقرأ في كتب الفقه متأملا في بعض الأحكام الواردة عن طريق القياس والاستنتاج المبني على فهم الفقيه ونمط التفكير الذي ألفه واعتاد عليه، تصيبه أحيانا الدهشة الممزوجة بالإنكار، كيف أن بعض الفقهاء بلغوا الشطط في أحادية النظرة ومحدوديتها في ما يصدرونه من أحكام، خاصة ما كان منها متعلقا بالعلاقة بين الرجل والمرأة وغالبا بين الزوجين!.في كتاب المغني لابن قدامة، نماذج كثيرة جدا من تلك الأحكام مثل، حكم حل الإشكال عندما تكون المرأة بين زوجين: سابق (مطلق)، ولاحق (زواج جديد)، ثم يأتي الزوج السابق ليدعي أنه راجع مطلقته قبل انقضاء عدتها وإن لم يخبرها بذلك. فما الحكم في هذه الحال؟ أي الزوجين أحق بأن تبقى المرأة معه؟ وتأتي الإجابة أن الزوج السابق متى أتى بالبينة (الشهود) على مراجعتها، ثبت أنها زوجته وأن نكاح الثاني فاسد!!.كيف أجازوا له مراجعتها من غير أن يخبرها ؟! وماذا عنها إن كانت لا ترغب في العودة إليه؟! أين إرادة الزوجة؟ قبولها أو رفضها ؟ هذا كله لا اعتبار له عند أولئك الفقهاء الأفاضل.المثال الثاني: «إذا طلق الرجل واحدة من نسائه وأنسيها» (لم يذكر أية واحدة منهن التي طلق)، فما الحكم؟ أيهن الطالق؟ كيف يحل هذا الإشكال الفقهي؟ بسيطة، يقرع بين الزوجات، ومن خرجت عليها القرعة طلقت!!.المثال الثالث: «من كانت له امرأتان فقال لإحداهما: أنت طالق، ثم التفت إلى الأخرى فقال: لا، بل أنت طالق»، أيهما تطلق؟ الأولى أم الثانية؟ الجواب: كلتاهما!!.المثال الرابع: حين تكون المرأة غبية في الحساب، يضيق بها صدر الزوج فيضطر إلى تهديدها قائلا: «إن لم تخبريني بعدد حب هذه الرمانة، فأنت طالق». أو يكون متبعا حمية غذائية ضد السكر مثلا، فيطلب منها مراقبة ما يأكله من حبات التمر لكنها تهمل ذلك الواجب فتفلت منه أعصابه فيصرخ فيها غاضبا: «إن لم تخبريني بعدد ما أكلت من التمر، فأنت طالق». هنا ماذا تفعل تلك المرأة الغبية في الحساب والمهملة الاعتناء بصحة الزوج الغالية؟.الفقهاء المحنكون، وجدوا لها مخرجا فقالوا: «لها أن تعد له عددا يعلم أنه قد أتى على عدد ذلك»، فيبرأ الزوج من الحنث وتنجو هي من الطلاق !!الزواج في عرف أولئك الفقهاء مجرد امتلاك شيء ليس إلا. وهو هنا (امرأة)، بعد أن أسقطوا من حسابهم كل الاعتبارات الأخرى المتصلة بتكوين أسرة وتنشئة أطفال، فضلا عن إسقاطهم ذات المرأة نفسها. فالزوجة كما تظهر في تلك الأحكام لا رأي لها مطلقا وهي أشبه بتمثال جامد يتملكه الرجل بشيء من المال، وكل ما يهم في أمر امتلاكه هو مجرد مراعاة الحل في شكل الملكية، أما ما عداه فلا يخطر لأحد منهم على بال وجعلوا للرجل الحق في أن يطلق المرأة وقتما يشاء بالصيغة التي يشاء، وله أن يراجعها وقتما يشاء رضيت أم لم ترض. وحين يغيب عنها اختفاء أو هجرا، عليها واجب الانتظار لعودته وإن امتد به الغياب.أما (التمثال) الذي يمتلكه في شكل امرأة، فمن المتوقع أنه لارغبات عنده، ولا مشاعر، ولا احتياجات، فلا ضير إن أغفل النظر إلى الأمور من نافذته.هذا لا يعني القول إن الإسلام بخس المرأة حقها، لكن أولئك الفقهاء فعلوا.[c1]*عن /صحيفة ( عكاظ ) السعودية [/c]
|
فكر
عجائب بعض الفقهاء !
أخبار متعلقة