تراجع أعمال العنف شجعهم على الرجوع لبلادهم
بغداد/14 أكتوبر/رويترز: عاد مازن إلى منزله في بغداد الأسبوع الماضي وقصد غرفة معيشته الخاوية بعدما باع أثاثه لينفق على إقامته في سوريا التي فر إليها في عام 2003 إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين. ولم يكف أجره كعامل باليومية نفقات الحياة وباعت أمه أم صفاء حليها الذهبية لمساعدته ولكن ماله نفد في نهاية الأمر. وتقول أم صفاء وهي تقف إلى جواره هو وابنته التي هرعت لتحتضنه حين دخل شقته في جنوب بغداد "تعرضنا للذل هناك". وتحت وطأة الفقر وجد مازن الذي رفض ان يذكر اسمه الأخير فرصة في تراجع التفجيرات وجرائم القتل الطائفية في إرجاء العراق في الآونة الأخيرة ليعود لبلاده سعيا لبداية جديدة. وخلال الشهر الماضي عاد آلاف اللاجئين العراقيين شجعهم على ذلك تراجع أعمال العنف الذي يرجع في جزء منه إلى حملة بدأت قبل عشرة أشهر في بغداد لكبح جماح المسلحين وإرسال 30 ألف جندي أمريكي إضافي استكملت عملية نشرهم في منتصف يونيو. ولكن يشير بعض العائدين لصعوبة العثور على وظيفة وترميم منازلهم أو استعادتها من آخرين ربما شغلوها أثناء غيابهم. وأدت أعمال العنف الطائفية التي تصاعدت حدتها في عام 2006 إلى تكوين جيوب تقتصر الإقامة في بعض منها على الشيعة وعلى السنة في البعض الأخر نظرا لفرار عدد كبير من المنتمين للطائفتين من الضواحي المختلطة سابقا. وتقول أم صفاء وهي في أواخر الخمسينات من عمرها مشيرة إلى غرفة المعيشة التي لم يعد فيها من أثاث سوى حصيرة وجهاز تلفزيون "لا نعلم ما سنفعله بعد. لم يعد لدينا أي شيء. إذا استطاع الفتية العمل .. سيعملون." وفر نحو مليوني عراقي لدول مجاورة وبصفة خاصة سوريا والأردن وتقول الحكومة ان 1600 يعودون كل يوم في الوقت الحالي. ويقول الجيش الأمريكي إن السلطات العراقية ليس لديها خطة لاستيعاب العائدين. وهذا الأسبوع ذكر الكولونيل وليام راب احد كبار معاوني الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق "من المحتمل ان يجد جميع هؤلاء العائدين آخرين يقيمون في منازلهم."، وأضاف "نطالب الحكومة العراقية بوضع سياسة حتى لا تترك لقادة كتائبنا أو قادة كتائب قوات الأمن العراقية مهمة حل المشاكل ميدانيا." ولكن الحكومة حرصت على إبراز عدد الأسر العائدة لتبين نجاح الحملة الأمنية. كما شكلت لجنة لتقديم خدمات للعائدين. وعاد نحو 375 شخصا من سوريا يوم الخميس الماضي على متن حافلات وفرتها الحكومة ورافقتهم قوات الجيش والشرطة العراقية عند الحدود. وعقب الرحلة نقلوا لقاعة في فندق فخم حيث حصلت كل أسرة على حوالي 800 دولار وضعت في مظاريف وقع عليها رئيس الوزراء نور المالكي. وعبر قائد قوات عملية فرض القانون والأمن في بغداد الفريق عبود قنبر عن سعادته التي لا توصف بحلول مثل هذا اليوم ووصفه بأنه يمثل ضربة موجعة للإرهاب. وتابع ان العراق يحتاج لمواطنيه مضيفا ان العمليات العسكرية وحدها لا يمكن ان تقود المعركة ضد أعداء العراق.، ولكن عدة اسر ذكرت أنها تحتاج مساعدة الحكومة أولاً كي يتسنى لها مساعدة العراق. تقول سامية جودة والي من البصرة بجنوب العراق وقد اغرورقت عيناها بالدموع "ابناي لا يعملان. لا املك منزلا واحتاج مكانا للعيش مع ولدي." وفر محمد نعيم من بغداد إلى سوريا منذ أكثر من عامين وذكر ان العديد من العراقيين العائدين يواجهون مشاكل مماثلة.، وأضاف "يحتاج المواطنون العراقيون وبصفة خاصة من عاشوا في المنفي للمساندة. يحتاج عدد كبير من المنازل لأعمال ترميم." وفي شهر نوفمبر الماضي قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان من السابق لأوانه إعلان ان العراق امن بما يكفي لتشجيع عودة اللاجئين. وقالت المتحدثة جينيفر باجونيس "نرحب بتحسن الظروف الأمنية ومستعدون لمساعدة من قرروا أو من سيقررون العودة طواعية. ولكن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لا تعتقد ان الوقت قد أزف لدعم وتنظيم وتشجيع العودة." وعاد أبو وهاد وزوجته من سوريا في الأسبوع الماضي ويقول إنه لا يأخذ تحسن الأحوال الأمنية كقضية مسلم بها. وقال "سأعود إلى سوريا إذا لم يتوفر الأمن."