اقيم في اتحاد الأدباء فرع حضرموت
سعيد صالح بامكريد :أكاديميون وأدباء وشعراء وفنانون وباحثون لبوا دعوة فرع اتحاد الادباء والكتاب فرع حضرموت للاحتفاء بعميد شعراء الأغنية في اليمن وجزيرة العرب , سيد شعراء الطرب الجميل , الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار في الذكرى السابعة لرحيله بعدد من الفعاليات والانشطة بين دراسات وابحاث وقصائد بديعة وترنم بألحان المحضار ليلتان من الابداع الجميل أضاء فيها مبدعو حضرموت سماء المكلا .. شارك فيها الاساتذة سالم عمر الخضر وعمر محفوظ باني والدكتوران سعيد الجريري وعبدالقادر باعيس والزميل صالح حداد الفروي والباحث عبدالله صالح حداد والشعراء ثابت السعدي والصبان من “الشحر” وكذا الشعراء الكبار حسين باسنبل , سالم بن سلمان وعبدالله باكرمان ونجم هذا المهرجان الفنان القدير أنور سعيد الحوثري ..وقد دأب فرع اتحاد الادباء بحضرموت على إقامة وتنظيم فعاليات ثقافية اسبوعية تتسم بالعمق والجدية يمنع خلالها تعاطي القات مساء كل أربعاء بمقره في مدينة المكلا.الاسبوع المنصرم خصص الاتحاد ليلتين من لياليه الثقافية للاحتفاء بالمحضار شاعراً وملحناً ومدرسة في الغناء الجميل والطرب الأصيل .. لنرى ذلك :[c1]الليلة المحضارية الأولى .. حب الأوطان[/c]أفتتح ليلتنا المحضارية الأولى الدكتور عبدالقادر باعيس نائب رئيس الاتحاد المسؤول الثقافي مرحباً بالحضور الكثيف الذي جاء بعضه من مدينتي الغيل والشحر والمدن الاخرى تلبية لدعوة الاتحاد للاحتفاء بالذكرى السابعة لرحيل الشاعر الكبير احتفاء يليق بمكانته في عالم الشعر والغناء والطرب لأصيل .تلاه الاستاذ الجامعي سالم عمر الخضر الذي تحدث عن الابداع الفني والشعري قائلاً إنه يختلف كثيراً عن الابداع في مختلف ميادين الحياة لكونه يحمل رسالة ذات أبعاد عديدة ومتنوعة سياسية وثقافية واجتماعية .يجسد المعاناة الانسانية في أعمال فنية مشوقة يشارك فيها أفراد المجتمع فيها المبدع المحضار شاعر تفرد عن أقرانه بالامساك بهذه المعاناة وحملها عالياً في ثنايا شعره لذا تفوق على شعراء أتوا قبله وبعده ويبدو ذلك التميز واضحاً في عدد من الأمور أبرزها كما ذكر الاستاذ الخضر :- أغلب الشعراء الذين سبقوه كانوا يتحدثون عن ذواتهم وتجاربهم فقط .- يعبرون عن المعاناة في محيطهم الضيق : الاسرة , المدينة , المجتمع. - تعبيرهم في الغالب عن اللحظة الأتية :المحضار كان منذ انطلاقته شاعراً كبيراً متفرداً معبراً عن الجموع الكبيرة بحضرموت واليمن عموماً مكثفاً معاناته ومدمجها في ثنايا معاناة المجتمع فتماهت المعاناتان وأصبحت معاناة تشمل الناس والوطن والحياة , لذا جاء ابداعه أكثر جودة وجمالاً وسحراً فنجد المحضار قد تطرق في شعره الى مختلف جوانب الحياة الانسانية والاجتماعية والسياسية والعاطفية والوطنية ..إلخ.وهناك جانب طاغ وبارز في رسالة المحضار الابداعية وهو الجانب السياسي والوطني وبكلمات أخرى الجانب “ الانتمائي” معطياً نماذج من القصائد الوطنية “الانتمائية” للمحضار , وفي نفس السياق الانتمائي عرج الاستاذ الخضر على موضوع الهجرة والاغتراب عند الحضارم وهمومهم معبراً عن اعتزازهم بوطنهم وحملهم إياه أينما حلوا وأرتحلوا بل وأسكنوه حياً في دواخلهم .. قصائد المحضار عالجت هذا الموضوع بصورة خلاّقة في قصائد رائعة لعل من أبرزها “ ياطير ياضاوي الى عشه “ وعشرات القصائد الاغاني الاخرى.[c1]عزي وطاني والاستاذ باني[/c]ثم تحدث الاستاذ الجامعي والشاعر المعروف عمر محفوظ باني محللاً بعناية فائقة القصيدة المحضارية “ يا دمعة العين” مستخرجاً كنوزها ومكتشفاً المزيد من معانيها ودلالاتها :” إن المحضار شاعر متفرد في جمله الشعرية وصياغاته اللحنية وله اسلوبه الخاص في سوق المعاني وتحميل كلماته الكثير من الدلالات القريبة والبعيدة” ومن هنا جاء التفسير المتنوع والمتعدد لقصائد المحضار وغاياتها فكل قارىء أو متذوق لهذا الشعر الرفيع يذهب في اتجاه وقد يحمل الشعر لا يحتمل من المعاني , ويبقى المعنى في بطن الشاعر كما يقولون .وقد حدد الشاعر عمر باني مواصفات الجودة الفنية في قصائد الراحل المحضار في الآتي :- براعة الاستهلال .- قوة السبك .- اختيار الابحر والاوزان الشعرية المناسبة . -طرافة التشبيهات والاستعارات .- تخير المعاني البديعة .- اصابة الهدف المقصود من النص .- حسن الختام .وأستطاع الشاعر عمر باني بصوته الجميل وقدرته الادائية إيصال الكثير من معاني ودلالات “ عزي وطاني” للحضور خصوصاً توقفه ملياً عند بعض الأبيات ذات المعاني العميقة :عزي وطاني من حيث يدي تصل فيها كناني من كل فاطر وبل خله يعاني لي ما لقى له مكنقال بومحضار دار البياني والغار لي في الجبليعرف مكاني انشده عني وسلهذا وثاني وذي مآثــريحد ينكر الآثار ؟كل ما دعاني أو قال عجل فعــل له جيت عافي ورميت شغلي همل والباب حاني ملزوم للأمر تحت الطلب طيار يظهر هنا بوضوح تام حب الوطن الشديد لدى الشاعر ودعوته الناس جميعاً لحب أوطانهم وأن يكونوا دوماً في جاهزية للدفاع عنه من الاخطار .. هذه محاولة ذكية قام بها الاستاذ باني الاستجلاء الكثير من المعاني الوطنية في واحد من أجمل وأعمق القصائد المحضارية .[c1]الرثاء عند المحضار [/c]أتانا الدكتور سعيد الجريري واثقاً ثقة الباحث الجاد المحب لما يعمل ويبحث ويدرس وهو محق في ذلك فقد استطاع خلال حديثه الى الحضور سلب انتباههم وتركيزهم وتفاعلهم الشديد مع موضوعه ذي الخصوصية الشديدة المتعلق بقصيدة الرثاء المحضارية المعنونة “ يادمعة العين جودي” .. هذه القصيدة المغناة كما أشار أخونا الجريري فيها تفرد ملموس وانقلاب واضح على مسيرة القصيدة الرثائية الشعبية التي تبدأ بحمد الله والصلاة على النبي ثم الاسترجاع .. إلخ .أي أنه كتب رثائية محضارية خالصة تحمل نكهته وبصمته فأنظروا ماذا قال :إعادة الفائت الى حاله محاللكن قلبي ما توقع في محله لا جيت بانسيه ذكره الخيال وآثار بقيت بعد محبوبه وخله وفراق من تهوى وحله ما أطول الأيام بعده والليال عاشوق ليلي طال يادمعة العين جودي عا حبيبيخففي بعض الذي في البال يظهر هنا بوضوح الانقلاب المحضاري على “ النسق” الذي تبنته قصيدة الرثاء في شعرنا العربي , حيث تمكن من تقديم بنيته الخاصة لهذا النوع من القصيدة ناهيك عن صدق المشاعر والعواطف المبثوثة في هذا المقطع والقصيدة عموماً بمعنى آخر إنه يرثي فقيده حقاً وليس نفاقاً رخيصاً وهذا ما نراه في المقطع الآخر حيث يقول :قسى علي دهري لقي بئس الفعال ياهوين كم قاسيت من دهري وفعله غصباً سقاني المر من بعد الزلال وفي معاداتي خطأ حده وزله حتى “الدهر” للمحضار دهره الخاص الذي قسى عليه كما يقول وسقاه الكثير من المر بعد أن كان يسقيه أطايب المشروبات التي وصفها بالزلال هنا نجد المحضار يشتكي من تقلب الزمان , لكنه وكما نعرف رجل مؤمن بالقضاء وقدره لذا نجده يختتم قصيدته بالقول :هذا قضاء ما ترده أحلام الرجال كل من كتب له سار ودحق له برجله والآدمي معقول ما بين العدال ثمن القضاء صابر على جوره وعدله واقف متقبض بحبله مقرر الآجال يادمعة العين واستطيع القول أن الدكتور الجريري قد حالفه التوفيق في اختياره لهذه القصيدة ونجح نجاحاً كبيراً في شرحها وتحليلها والوقوف أمامها مستخدماً أدوات نقدية ولغوية علمية مندمجة مع صفاته الشخصية البديعة والأداء التمثيلي وصوته الحسن الذي أوصل أفكاره الى الحضور بشكل رائع وأخاذ .أما “الناقد” الجاد الدكتور عبدالقادر باعيس وأقول ناقداً بحق وحقيقة لما يمتلكه من حضور ذهني واستبصار ذكي وقراءة فاحصة للنص الذي يليه .. كان مفاجأة سارة لي عنوان مادته “ علاقة الجملة اللغوية بالموسيقى والرقص” لأن العنوان فيه رؤية نقدية ثاقبة علاوة على ذلك رزانة الحديث وعمقه , هدوء الكبار , جدية العارف وتعبيراته الساحرة ..قدم أخونا باعيس ترجمة عملية لرؤيته النقدية مجسداً بحق عنوان موضوعه عندما قام بتقطيع بعض الابيات المحضارية المليئة بالزخم النغمي الراقص :عيب دفنك بالرماد يابساتين الرمادةالعدو أيش استفادوالصديق أدمى فؤادهالقارئ الحصيف للأبيات أعلاه سوف يمضي مع الدكتور باعيس فيما ذهب اليه في العلاقة الحميمة والحقيقية بين الجملة اللغوية والموسيقى والرقص.ودعا في ورقته الى احترام هذه العلاقة حين قال : (عندما نشاهد أغنية محضارية تؤدي برقص خليجي يشعر المشاهد بالنشاز فالمسألة مرتبطة بثقافة اجتماعية وسلوك اجتماعي .. أليس هذا موقف يستحق التقدير.[c1]عاشق الأغنية والطرب[/c]ثم تحدث الزميل صالح الفروي الصحفي المختص بأمور الفن شعراً وطرباً ولحناً وغناء ,/ قدم زميلي الفروي ورقة معنونة:(وقفة مع نص غنائي محضاري .. وعاده قال ما سيبي) وهي قراءة المطلع الجيد والمتابع الدقيق لانتاج المحضار الشعري فالفردي يشير الى تقنية الحوار غير المباشر بين حبيبين في قصيدة (وعاده قال ما سيبي) التي جاء فيها :ضربنا صوب ورماناودمي عا عراقيبيوخلا الناس تتجرى على سبي وتكذيبيوكيف أعمل , الى من اشتكي به وكان يدعي أنه حبيبهإذا كلمت واحدقال بك مثل الذي بيوعاده قال ما سيبيوقدم زميلنا الفردي الكثير من النماذج المحضارية التي تحمل هذه الثنائية بين المحب وحبيبه , مثل الأمل والألم , والتقرب وقطع الوصل , الحب والكره ..إلخ .ونجح الفرو==ي في اختيار المقاطع الشعرية التي تدعم وجهة نظره مثل قول شاعرنا المحضار :الهوى قال بومحضار حكمته حكمة كل عاشق معه منه نصيبي وقسمةحد مقرب وحد مطرود ما حد يشط فيهتمكن زميلنا الفرو-ي من الابحار عبر أمواج العشق المحضاري وقصائد الحب الجميلة مستكشفاً أجمل المعاني وأصدق الاحاسيس.