( هيلة القصير ) هي حديث الكثيرين الآن بعد اعتراف تنظيم القاعدة بأنها من عناصره الفاعلين في الدعوة والدعاية والتمويل والتجنيد. وقد كشف التنظيم عن سر هذه السيدة السعودية التي أخفى الأمن السعودي أمرها لأكثر من ثلاثة أشهر عندما أذاع في شريط بثه قبل أيام أنه مقبوض عليها، ودعا إلى ارتكاب كل جريمة، من خطف أمراء واغتيال مسؤولين وتخريب منشآت، من أجل إطلاق سراحها. لا بد أنها عنصر مهم إلى هذه الدرجة التي جعلت التنظيم يحث على الحرب من أجل إطلاق سراحها.وقد كتب الكثير عن ظاهرة النساء في تنظيم القاعدة، وتبوئهن أدوارا متعددة، فهذه «الهيلة» ليست السيدة السعودية الوحيدة بل سبقها أخريات، ويبدو أن أعدادهن تتزايد في ميادين المعارك ومناطق الدعم الخلفية. و«القاعدة»، رغم أنها تنظيم يمثل أقصى درجات التطرف الديني والاجتماعي، تثير الانبهار ليس فقط لقدرتها على تجنيد الصغار والكبار، والمتعلمين والأميين، والأغنياء والفقراء، وكل الفئات المجتمعية، بل أيضا في مرونتها وتطور تفكيرها وممارساتها في داخلها بدليل اعترافها بأهمية المرأة عضوا مهما وفاعلا. المفارقة التي تثير الاستغراب أن أكثر التنظيمات في العالم تطرفا وتشددا أصبحت مرنة تقبل بالمرأة عاملة وقائدة وملهمة، فيها تتعاطى وظائف الانترنت والتمويل المالي والعمل الميداني بمرافقة رجالها في ساحات الحرب، في حين أن مجتمعاتنا المدنية، التي يفترض أن تكون أقل تشددا وأكثر تسامحا، تمنع المرأة وتحاصرها في لقمة عيشها ووجودها.وإذا كانت امرأة أثارت الدهشة والاستغراب مثل هيلة، وقبلها وفاء الشهري وقبلها أم أسامة وغيرهن من السعوديات، وركبن أخطر المهن على وجه الأرض، وهو العمل الإرهابي، فكيف يعقل أن تمنع المرأة العادية المحترمة للقوانين من حقوقها الأولية مثل قيادة السيارة، والعمل في المحلات التجارية، بل ولا يعترف بها كشخص مسؤول عن نفسه بل مجرد تابع؟الأمر الآخر الذي يستحق التأمل في قضية «هيلة» عمق الاختراق الذي حققته «القاعدة»؛ فقدرة تغلغل هذه الحركة الإرهابية في مجتمع النساء السعودي المغلق، وتسللها إلى وسط المناطق السعودية، تكشف أنه رغم الملاحقة واعتقال مئات من عناصرها فإنها تنظيم لا يزال حيا يتنفس وينتشر مثل السرطان. وبكل أسف فان نجاحات الأمن المتتالية لا تخفي حقيقة فشل العمل الفكري في محاربة التنظيم الإرهابي.وهنا علينا أن نسأل بمن تأثرت هذه المرأة، ولمن كانت تنصت، وأي فكر أغواها؟ كنا نقول في السابق عليكم أن تقلقوا على أبنائكم، والآن نقول انتبهوا لنسائكم، بل عليكم أن تقلقوا على أنفسكم!بعد كل هذه السنوات الحمراء الدموية لا يزال الفكر المتطرف منتشرا في منطقتنا، وقويا على كل المستويات، وبيننا من يخاف من قول كل النصيحة خشية أن يتهم بالتكفير، أو المس بالنشاطات المتسترة بالدين التي انتشرت في كل الاتجاهات والارتفاعات وبذرائع متعددة. عضو «القاعدة» الجديدة، هيلة القصير، 47 عاما، كانت تحاضر في النساء بدعوى أنها داعية، وتجمع الأموال منهن باسم مساعدة الأيتام والفقراء وترسلها إلى جماعاتها الإرهابية!
|
اتجاهات
من قيادة السيارة إلى قيادة (القاعدة)
أخبار متعلقة