إعداد / مركز المعلوماتماذا تعني الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية للمرأة .. وما الذي حملته هذه الاتفاقية للنساء في كل انحاء العالم ؟تحت تأثير " اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة " اتسع اليوم نطاق الاعتراف بحقوق المرأة اتساعاً يشمل العالم كله. بينما كان عدد الدول التي تعترف بهذا الحق لا يتجاوز ست دول عند تأسيس الامم المتحدة.هذا يدل على ان المجتمع الدولي المتحضر اولى اهتماماً كبيراً وجدياً لقضية المرأة انطلاقاً من ايمان هذه المنظمة المؤكد في ميثاق الامم المتحدة بما للرجال والنساء من حقوق متساوية.فقد بدأت الامم المتحدة في وقت مبكر انشطتها من اجل القضاء على التمييز ضد المرأة فانشأت لجنة "مركز المرأة" باعتبارها لجنة فنية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. كخطوة للبدء بالقضاء على الفكرة المسيطرة تجاه المرأة لتحديد امكانياتها تعسفاً. والتي تستند ـ الفكرة ـ (في اعتبار المرأة عنصر القيام بالواجبات المتعلقة بالانجاب وتربية الاطفال والخدمات البيتية، اي تحديدها في دائرة الوسيلة التي تقتصر في تلبية طلبات تخدم متعة الرجل فقط). باسلوب اخر لا حديث عن حق المرأة كشخص لها قدرة التفكير والتصرف وتحقيق اشياء، لكونها انساناً بنفس العنوان الذي للرجل كانسان، والمادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تلح على هذه الحقيقة بما يلي: "يولد جميع الناس احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الاخاء".ترى لماذا هذا الهدر المقصود لحقوق شخص من قبل شخص آخر؟ واذا عدنا الى العصور القديمة اي ما قبل الوحي الالهي سنرى عبادة الآلهة والآلهات قائماً على حد سواء وخاصة في حضارات وادي الرافدين ووادي النيل وجميع الحضارات البشرية الاخرى. ما زال شعبنا الآشوري وبشكل خاص في العراق، يحيي ذكرى ذلك الواقع بتسمية العديد من المولودات الجدد بالاسماء المشهورة "عشتار" ، "اورنينا" ....الخ.يسجل التاريخ عدداً ليس بضئيل من اسماء النساء اللواتي حققن اهداف لا بل بطولات في بناء وتطوير المجتمعات يداً بيد مع الرجل نظيرهن في الطبيعة البشرية، وليس على المستوى الاجتماعي فحسب بل وعلى المستوى الروحي والثقافي والفكري والسياسي والتقني ايضاً... الخ. يدل هذا على وجود المساواة الطبيعية وغير المصطنعة بين الجنس المذكر والمؤنث وذلك منذ ان وجد الانسان.اما في العصر الحديث لم يقل وجود المرأة اهمية، بل حققت مساهمات كثيرة في الاكتشافات العلمية والمساهمات النضالية والخ. وفي مشاركتها في التطور وتقدم الشعوب في شتى المجالات. وهذا يدل على تقدم ملموس في حقل المطالبة وتحقيق بعض حقوق المرأة. والنساء العاملات في شتى اوساط الحياة كثيرات والعنصر النسوي الذي كرس نشاطه لقضية المطالبة والدفــاع عن حقوق الانسان يتزايد اكثر فاكثر. ونتيجة لهذه النشاطات وممارسة النشاط السياسي تعرضت المرأة الى اسوأ المعاملات من قبل الانظمة غير الديمقراطية مثل النفي والاهانــات والسجن والتعذيـب اللاانساني وحتى الى الذبح. وهناك امثلة عديدة نذكر منها: تانيا كوركيس (آشورية) وهي في السادسة عشرة من عمرها سجنت في ابو غريب لمدة خمسة اعوام في حين انها كانت قد حكم عليها بالسجن خمسة عشر عاماً وخرجت بخطأ اداري، بقرار عفو كان قد شمل بعض النساء الكرديات سنة 1989م وهكذا ليلى زانا الكردية وسهى بشارة اللبنانية وسليمة غزالي الجزائرية وعدد كبير من النساء الفلسطينيات اللواتي اظهرن حضوراً مسيطراً في قمة المدافعين عن حقوق الانسان في قصر شايو في باريس بمناسبة مرور خمسين عاماً على الاعلان العالمي لحقوق الانسان بتاريخ 8ـ 11 كانون الاول 1998م حيث سجلت شهادات حية لانتهاكات في قمة القساوة والتخلف بحق المرأة. كذلك النساء اللاتي لاسباب مختلفة يتحملن التعذيب الجسدي والنفسي تحت طغيان السلطات من ناحية وطغيان الوسط العائلي التقليدي السائد في اكثر من بلد في عالم اليوم من ناحية اخرى. انها تواصل العيش تحت نير الاستعباد والمس المنظم بكرامتها. فعلى خطى (سوزان براوفيل انتوني) ـ الرائدة في مطالبة حقوق المرأة وتشريع عادل في بداية هذا القرن ـ تواصل النساء مسيرة النضال لاجل الحق والعدالة في عالم اكثر انسانية. وبهذا الشرط فقط يمكن رفع راية المساواة التي تمثل امنية وحلم البشرية برمتها.مع كل هذا وبالرغم من التطور العلمي والثقافي والتقني للمجتمعات لا تزال المرأة تعاني من نظرة الاستصغار والطغيان من قبل شريكها في الحياة والمصير، الى درجة ان في بعض الاحيان تبدو المرأة خاملة وكأنها متعودة على ظروف الانحطاط تنتظر الخلاص من غيرها.ترى لماذا كل هذا التصرف الخارج عن القوانين؟ الذي لا يتحدد ببعض الدول او اقليم من الاقاليم فقط، بل وايضاً الدول المتقدمة التي تمارس نوعاً من النظام الديمقراطي. ففي فرنسا، على سبيل المثال وليس الحصر بدأ حق التصويت للمرأة سنة 1946 فقط. وقضت امرأة مذبوحة لانها طالبت بحق التصويت: "وتعلل ذلك بانها تتدخل في امور لا تخصها، اي السياسة". والى يومنا هذا، لم يفسح المجال الحقيقي للمرأة لممارسة حقوقها السياسية كما يليق.هذا الوضع المتواصل الوجود ارغم الجمعية العامة للامم المتحدة على اعتماد قانون صدر سنة 1952 يعالج على سبيل الحصر، حقوق المرأة، الا وهو "اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة". هذا ليؤكد قانونياً بان من حق المرأة ان تقوم بشروط مساوية للرجل، بالتصويت في جميع الانتخابات وشغل المناصب العامة، وممارسة جميع المهام العامة التي يحددها القانون الوطني. هكذا نلمس بان في هذه الاتفاقية توضع المرأة في مكانها الصحيح والطبيعي والتي هي مكانة الانسان شأنها شأن الرجل.. باسلوب آخر تضعها في حالة المساواة.ما من شيء يدعى المساواة بحد ذاته فالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية، هي مساواة امام القانون الذي يعتبر الانسان كشخص على اساس طبيعته وصنفه البشري وليس على اساس الاختلاف في صفاته ومهماته وقدراته الحيوية والروحية.. فالتمييز لاجل التصنيف لا يعني التمييز العنصري. لان التمييز العنصري يحدث عندما يحكم على الشخص لاجل اختلافه الجنسي اي (كونه انثى) ام كونه من كذا لون وعرق والخ.لا يمكن تبرير ذلك التمييز لان الرجل يصعد التل اسرع من المرأة او يحمل اكبر وزن من الاثقال فهو يحظى اتوماتيكياً بحق الاستعلاء والتصرف المطلق على حسابها! ولا ترتبط المطالبة بالمساواة بالمعنى الحسابي القائم على الارقام والعدد والقياسات المضبوطة لتحديد البعد الكمي للمادة. فالمساواة هنا تعني البعد المعنوي او الاخلاقي الاساسي. فهو الاعتبار اي الاقرار قانونياً، بالذي يجب ان تعتبر المرأة لترجع الى واقع وجودها وكيانها الذي هو وجود وكيان انسان جدير بالاحترام والكرامة ولهذا السبب بالتحديد فالاختلاف او الفارق القائم في طبيعة كل من الجنسين لا يعني نقصاً او ضعفــاً كما يعتقــد عــدد ليس بقليل، اي ان الطبيعة الخاصة بكل من الشخصين لا يمثل مانعاً او عامل نقص لجهة او عامل تعال لجهة اخرى. حيث يتساوى بالمسؤولية الرجل والمرأة منذ البدء، لانهما متكاملان.فحقوق الانسان الاساسية التي هي حقوق المرأة ايضاً لا يمكن التصرف بها لأنها فطرية تولد مع ولادة الانسان. أي انها غير مطلوبة وضعها بل يتوجب صيانتها بتكافؤها في الدساتير والتشريعات الاخرى الوطنية باسلوب يتساوى مع الرجال. هذه المساواة القانونية بين الرجل والمرأة احتلت مكان الصدارة في اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة لأن القوانين الموضوعة تتجاوزها بدون حساب:"من حق المرأة أن تقوم، بشروط متساوية للرجل، بالتصويت في جميع الانتخابات… للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام… أهلية تقليد المناصب العامة…" لم تكتف الأمم المتحدة بهذه الاتفاقية ونشاط بخصوص حقوق المرأة وتحضير التمييز القائم ضدها بل اعتمدت اتفاقيات واعلانات واقامت مؤتمرات لمعالجة الظلم والانحطاط بالكرامة الذي يقع على النساء عبر العالم. نذكر أهمها: ـ * اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة لسنة 1957م التي تنص على أنه لا يمكن تغيير جنسية المرأة تلقائياً بابرام عقد الزواج أو بانهاء الزواج أو بتغيير جنسية زوجها أثناء الزواج.* اتفاقية الرضى بالزواج، والحد الادنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج لعام 1962: فكانت تستهدف كفالة حرية الاختيار للزوجة والقضاء على زواج الأطفال وخطوبة الفتيات قبل سن البلوغ، وتحديد الجزاءات المناسبة عند الاقتضاء. والنص على انشاء سجل لتدوين حالات الزواج.* إعلان بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967ينادي بتكافؤ حقوق المرأة مع الرجل أمام القانون بما في ذلك حقها في الملكية، ويؤكد أن للابوين حقوقاً وواجبات متكافئة في الامور المتصلة بالأطفال، ويحظر زواج الأطفال و خطوبة الفتيات قبل البلوغ.* اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979. نحظر التمييز ضد المرأة. وتشمل هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1981 التدابير المتعين اتخاذها للقضاء على التمييز ضد المرأة في شتى المياديــــن بما فيهــا المجالات السياسيــة العامــة، والجنسية، والعمــل، والصحــة، والزواج، والاسرة. وهي تولي اهتماماً خاصاً الى حقوق المرأة الريفيــة، وضرورة القضـــاء على الصور النمطية الجامدة لنوع الجنس، اضافة الى قمع البغاء، واقرار مساواة المرأة بالرجل أمام القانون.كما ان هناك تدابير أخرى تتخذها الأمم المتحدة لتعزيز حقوق المرأة مثل اعداد الاتفاقية التي تعالج حقوق المرأة ولجنة المرأة تتكفل باعدادها. وتجتمع اللجنة كل سنتين لدراسة ما أحرزته المرأة من تقدم نحو المساواة في العالم أجمع. تعمل اللجنة على نحو وثيق مع وكالات متخصصة شتى وخاصة منظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ذلك في الأمور التي تمس الحقوق الاقتصادية والحق في التعليم. وعندما تركز برامج الامم المتحدة للمرأة على كيفية تنفيذ المعايير الدولية، فأنها تهتم بالمساواة في الحقوق و تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة. وفي تلك البرامج، ينصب الاهتمام على دور المرأة في الاسرة وعلى اشراك المرأة بصورة كاملة في عملية التنمية الاقتصادية والسياسية في بلدان العالم. كما تتعرض تلك البرامج بالدراسة للصلة بين مركز المرأة ونسبة السكان في كل بلد.وكانت الجمعية العامة قد اعلنت عام 1975م السنة الدولية للمرأة، حيث تولت رعاية مؤتمر عالمي انعقد في تلك السنة في مدينة المكسيك. وأصدر المؤتمر اعلاناً يتضمن مبادئ تتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل، ومساهمة المرأة في التنمية والسلم. كما أقر خطة عمل عالمية تحدد الاهداف والخطط العريضة لتحسين مركز المرأة. كذلك أعلنت الجمعية العامة الفترة1976 ـ 1985م عقد الامم المتحدة للمرأة. وفي عام 1976م أقرت الجمعية العامة انشاء معهد دولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة يكون مقره في سانتو دومينيغو بالجمهورية الدومينيكية. و أعتمد المؤتمر العالمي لعقد كالامم المتحدة للمرأة الذي انعقد في كوبنهاغن في عام 1980م برنامج عمل للنصف الثاني من العقد، أي للفترة 1980 ـ 1985. وتجسد الموضوع الرئيسي للمؤتمر في شعار "المساواة والتنمية والسلم". وكان من مواضيعــه الفرعيــة "العمل والصحــة والتعليم". ومن هـذا المنطلــق اقـــترح المؤتمـــر اجـــراءات لتنفيذ أهــداف الخطة العالمية قبل نهاية العقد.وفي تموز 1985م عقد في نيروبي مؤتمر عالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الامم المتحدة للمرأة، حيث أقر استراتيجيات للنهوض بمركز المرأة قبل عام 2000.م أنصب الاهتمام في تلك الاستراتيجيات على سبل تحسين الوضع القانوني للمرأة، ودورها في جميع مجالات الانشطة الانمائية وفي توطيد دعائم السلم والامن على الصعيد الدولي.ونتذكر جيداً مؤتمر بكين لسنة 1995م "المرأة وساحة المنظمات غير الحكومية" أقر المساواة والسلام والتطور كقاعدة للعمل.. والخ من مشاركات المرأة في تجمعات دولية أخرى لا نذكرها، ولأجل الضغط على التشريعات غير العادلة بحق المرأة.هذا ناهيك عن الوسائل الاخرى المقدمة بشأن وضع المرأة على مستوى مؤسسات دينية واقليمية ومحلية عديدة في شتى أنحاء العالم. اذكر منها الأهتمام الذي تظهره مختلف الكنائس المسيحية عبر الرسائل الرسمية والاصدارات المختلفة والمشاركة في المؤتمرات التي تبحث بقضية المرأة، بينها أهتمام الكنيسة الكاثوليكية المبين خلال الرسائل البابوية الرائعة التي وجهها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بمختلف المناسبات: * كرامة المرأة لسنة 1988م.* رسالة الى الاسرة في مناسبات سنة الاسرة لسنة 1994م. * رسالة الى النساء لسنة 1995م بمناسبة عقد مؤتمر بكين. يأتي فيها بما يلي: "الى هذه الوحدة" أوكل الله، ليس فقط عمل الانجاب والحياة في العائلة، بل عمل بناء التاريخ ذاته." ويواصل فعل الشكر للمرأة الام، والزوجة والفتاة والاخت والعاملة والمكرسة وينتهي بهذه العبارات الجميلة:"شكرا لك ايتها الامرأة لا لشي سوى انك امرأة. تغنين بشعورك بانوثتك فهم العالم وتسهمين في قيام علاقات بشرية على الحق كله."نلمس اذا، تكرار ملحا لما ورد في مختلف الصكوك الدولية والنشاطات التي تعالج وضع المرأة التي يستهدف فيها الاخضاع والانتقاص من كرامتهــا عبر الزمــان والمكــان. ما من خيــار الا المثابرة والنضــال من قبــل المرأة أو لا، ومن قبل جميــع الجهــات المعنيــة بشأن تعزيز حقوقها على المستوى الدولي والاقليمــي والمحلي بــل وعلى مستوى الاشخــاص ذات ارادة انسانية للوصول الى وضــع حــد لانتهاكــات حقــوق المــرأة وبذلــك التخلص من هذا الخــلل الذي يقبله الانسان ضد الانسان. وما أجمل من الحريــة والاحترام المتبــادل !.
دفاعاً عن الحقوق السياسية للمرأة
أخبار متعلقة