]يحتفل العالم أجمع في 27 مارس من كل عام بيوم المسرح العالمي ، حيث كانت قد انطلقت فكرة تسمية هذا اليوم عام 1961 ، وقد اعتمدت منظمة “اليونسكو” الاحتفاء به عام 1962 ، تزامناً مع افتتاح مسرح الأمم في باريس.وتزامنا مع هذه الذكرى الجميلة ، فإن الاحتفاء بيوم المسرح هو احتفاء بسمو الروح وجمالها ، وابتهاج بهذا الفن العظيم الذي توصلت إليه البشرية كحاجة ماسة لعالمها الوجداني الذي ظل يسعى لسد حالة ناقصة من معاني الجمال ، فلم يجد نبلا وسموا أبدع من رسم النشاط المفعم بالإنسانية على خشبة مسرح تستريح فيها مآقي النفس البشرية ووجدانها لمحاكاة واقعها بقالب فني، يسعى إلى إسقاط الواقع بأداء أكثر حيوية ورقيا في تقييم بعض مكامن اعتراء النقص في السلوك الإنساني بشكل عام ، إذ هو أداة للتعليم واكتساب المعرفة .ولي هنا ، التحدث قليلا عن المسرح اليمني، الماضي والحاضر ، حيث يستند تاريخه إلى “أول عمل مسرحي كان قد ظهر في مدينة عدن عام 1910م بعنوان يوليوس قيصر”، والذي يعد “أول عمل مسرحي على مستوى الجزيرة والخليج ، أعقبته مسرحيات أخرى عام 1947م بأداء وتمثيل يمني ثم ظهرت على التو عدد من المسرحيات الناقدة ذات المضمون الاجتماعي والسياسي النقدي ضد الاستعمار البريطاني، وفي عام 1957م ظهرت فرق مصافي عدن للتمثيل” ، كما كانت هناك فرق مسرحية كثيرة. (فيصل بحصو، المسرح اليمني.. البدايات ومراحل النضوج، صحيفة الجمهورية 25/ 3/ 2010، بتصرف).أما بالنظر إلى حاضر المسرح اليمني، فمن المحزن أن يتحدث اليراع مخاطبا المجهول الغائب، والخيال المصدوم بحجم المفارقة، حين تكون مدينة كـ”عدن” أول جغرافيا في الجزيرة والخليج تعرف أبا الفنون مفتقرة أشد ما تفتقر إليه اليوم لـ”خشبة مسرح”، لم تجد لها متسعا إلا في مخيلة مسرحييها الذين ما زالوا عند أملهم في تأسيس مسرح في مدينة الحب والسلام والوئام والجمال الآسر “عدن”.إنه شيء معيب ومخجل أن يكون اعتزازنا بسبقنا في المسرح على مستوى جوارنا الإقليمي قبل مائة عام، يَذْرف دموع الأسى بعد سير عجلة الزمن بهذا القدر من التأخر المريع بعد البداية المشرقة، والمفارقة أن هذه البداية كانت في زمن الاستعمار البريطاني، في حين ما زال زمن الثورة والوحدة، وهلم جرا، متواريا خلف خجل الشعارات الرنانة، المؤمنة ببلاغة الألسنة فقط.إن الحال الذي أرى فيه شبابا مبدعا ومتحمسا بوفاء للمسرح ومتعلقا به حد الجنون، في مدينة عدن على وجه الخصوص، يدعوني إلى استغلال هذه الفرصة لأنادي وزارة الثقافة أن تراعي حجم المفارقة المعيب بحق اليمن، وأن تقوم بما يمليه عليها الواجب الوطني والإنساني، خدمة للثقافة، في إنشاء خشبة مسرح واحدة على الأقل في مدينة عدن، صاحبة الإرث التاريخي المتجذر منذ ما يزيد على قرن من الزمن. ولو تعلم وزارة ثقافتنا، فإن إنشاء مسرح وتشجيع الشباب في هذا الجانب ستكون من ثماره إيجاد منافذ لاستغلال الفراغ المهول الذي يحيط الشباب وما زالوا يعانون منه ما يؤدي أحيانا إلى إتاحة الفرصة لمن يريد استغلاله ذلك الاستغلال المخيف.وإني إذ أكرر على الأهمية البالغة في استيعاب إبداع الشباب من خلال المسرح، فإنها فرصة سانحة لمخاطبة وزارة الثقافة، ووزارة الشباب والرياضة لإيجاد الفرص الخلاقة للشباب حتى يجدوا أنفسهم فيها في تعلم الإبداع وإفراغ عنفوان الطاقات الجبارة في محلها، قبل أن يأتي يوم يجد فيه هذا الفراغ متسعاً كبيراً يسعى للانجذاب نحو أول من يريد استغلاله، وهذا الأخير قد بدت خطواته تعلو في الأفق في ظل سكوت فاضح من قبل رعاة الشباب، في تخل مهين عن المسئولية تجاه هذه الفئة الجبارة النشاط والعنفوان.إن المسرح “يشكل مصدرا للمتعة والإلهام، ويمتلك القدرة على توحيد الثقافات والأمم في مختلف بقاع الأرض”، ويشكل أيضا “أداة للتعلم واكتساب المعرفة”، وهو “نشاط إنساني تمارسه كل شعوب الأرض ، دون أن يكون دوما وبالضرورة مقتصراً على بيئة تقليدية معينة”. (من الرسالة السنوية بمناسبة يوم المسرح العالمي، والتي كتبتها هذا العام الممثلة البريطانية “جودي دينش”).فما أحوجنا للمسرح؛ للتنوير والتثقيف، وتغيير مجرى الحياة الآسن في اليمن، وما أشد حاجتنا إلى جعل المسرح رمزا للتعليم، ومبدأ سامياً للحياة ، كما أن الحاجة ماسة، ونحن نتحدث عن أطلال الذكريات ، إلى أن يتواجد المسرح في الظروف الراهنة للقيام بدوره المنوط به خصوصا بين فئة الشباب.[email protected]
المسرح اليمني.. أطلال الذكريات !!
أخبار متعلقة