تتحمل مصفاة عدن العبء الأكبر في تأمين المشتقات النفطية للجمهورية،حيث تؤمن أكثر من 80%من حاجة البلاد من وقود المحركات(بنزين،ديزل،وقود-fuel-) وأكثر من 90% والإسفلت اللازم لرصف الطرقات إلى جانب جزء كبير من غاز الطبخ(lpg)أو يمكننا القول دون أن نجافي الحقيقة،أن الحركة في الجمهورية اليمنية برمتها تعتمد على نواتج مصفاة عدن،فكل سيارة تتحرك وكل محطة كهرباء تولد التيار الكهربائي إنما تستمد وقودها من مشتقات النفط الخام الناتجة من مصفاة عدن.هذه المصفاة تعمل مند أكثر من 54 عاماً بلا كلل أو ملل،وبصمود ملفت ومثير للإعجاب متحرية عوامل التجوية الأكالة،والتقادم والإهتراء الذي يصاحب أية تجهيزات معدنية،مستمداً من خبرات تراكمت وتوارثت عبر أكثر من نصف قرن،لتشكل مركزاً إشعاعياًَ للخبرة الغنية تخرج منه الألاف وكان لهم الدور الأكبر في تشغيل مصافي النفط في منطقة الخليج وقد كانت مصفاة عدن حتى سنوات ما قبل الوحدة المباركة عام 1990م،تقوم بتصفية فقط مستورد،وغالباً ما كانت تقوم بتصفية نفوط مختلفة لدول مختلفة في مقابل متفق عليه غالباً ما كان أخذ البواقي mresilue" " ونظراً لأن النفوط تلك كان محتواها من عنصر الكبريت كبيراً،فقد كانت هناك وحدة تزن الكبريت،ومنذ أن تدفق النفط اليمني في المصفاة باعتباره من أفضل النفوط في العالم،أحيلت وحدة إزالة الكبريت إلى التقاعد،لقد جعل نفط مأرب العمل في المصفاة سلساً مريحاً،وكان أول تمرة اقتصادية من تمار الوحدة.ونظراً لأهمية المصفاة باعتبارها أهم منشأة اقتصادية حتى الآن في الجمهورية،فقد أولتها القيادة السياسية أهمية خاصة وعناية متميزة،فهي الآن تشهد تحديت وتطوير يشمل كل إداراتها وأقسامها الإنتاجية بما يماشي الحاجة الملحة لضرورات التطوير حسب معايير دولية متطورة وقد أوضح الأخ معالي وزير النفط خالد محفوظ بحاح،في حديثة في منتدى الأيام الذي عقد في 11/1/2007 م،إن وزارة النفط في صدد عقد اتفاقية بين شركتين يونانية وبريطانية لتحديت وتطوير المصفاة،وقد يشمل هذا التحديت والتطوير بناء وحدة ثالثة لتقطير النفط الخام إلى جانب وحدتي التقطير العاملتين،وقد أسهب الأخ معالي الوزير في حديثه عن المصفاة،حيث ذكر إن التحديث سيشمل بناء مستشفى أكبر من مستشفى الحيا التابع للمصفاة،والذي أصبح غير قادر على تلبية الحاجة العلاجية للعدد المتزايد من العمال وذويهم،مما سبب هذا الضغط المتزايد في تراجع العناية الصحية إلى مستويات غير مرضية،وهذه اللفته من الأخ معالي الوزير إنما تأتى ضمن مساعيه الجادة إلى تطوير كل الهيئات والمنشآت الإنتاجية التابعة لوزارة النفط ورفع مستوى تأهيل العاملين بها وتحسين الرعاية والخدمات الصحية للعاملين بها.
ومن حسن حظ مصفاة عدن أن تتولى قيادتها شخصية لها كفاءة إدارية متميزة،وقد أشاده الأخ معالي الوزير في منتدى الأيام،ومنذ عام 1996م قام الأستاذ/فتحي سالم على المشدلي المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن بعدة إنجازات سواء على الصعيد الخدمي في مديرية البريقة أو الاجتماعي باعتبار مديرية البريقة هي مدينة عمالية تابعة لشركة مصافي عدن عملاً بالمثل الشعبي القائل(يا موزع المرق أهل بيتك أحق)،وإلى جانب أن الأستاذ فتحي سالم هو من يمثل مديرية البريقة في المجالس المحلية لمحافظة عدن،ولا يسعنا المجال هنا لذكر هذه الإنجازات،ولكن الأهم والأجدر ذكره هنا إن هناك خططاً طموحة لتطوير وتحديث المصفاة وقد أنجز الجزء الأول منها وذلك باعادة تصميم وحدة التقطير الأولى وفقاً للمعايير المتطورة في عمليات التكرير وسيستربا قريباً في تحديت وتطوير الوحدة الثانية ضمن عمليات تغييرات هيكلية للمصفاة برمتها،مع الأخذ في الاعتبار كل متطلبات عمليات التطوير هذه،وما يرافق العملية الإنتاجية من ملحقات إدارية لمراقبة أي أضرار جانبية ناجحة عن العمليات في المصفاة،مثل ضرورة وجود إدارة للبيئة لمراقبة مستويات التلوث في جو المصفاة ومحيطها،وقد أدركت قيادة المصفاة أهمية هذه الخطوة فا صدرت قراراً يقضي بانشاء إدارة للبيئة،وقد تم وضع الهيكل اللازم لهذه الإدارة ويتم الأن بناء مبنى إدارة خاصة بالبيئة،وقد تم إعداد الكادر اللازم لهذه الإدارة،حيث تم تأهيل العديد من الطاقم الإداري المرتقب لإدارة البيئة في بعثات تأهيلية في اليابان وتم تدريبهم على آخر الأجهزة التقنية الخاصة بقياس وتحديد مستويات التلوث،وطرق مكافحتة وضبطه ضمن المستويات المحددة المسموح بها، يشمل ذلك كل مصادر التلوث الناجمة سواء الغازات الخفيفة المتطايرة(c2،c1)، أو الناجمة عن غسل أرضيات العمليات والتي تصب في بالوعة + مخلفات الغسل (بركة فصل الزيوت عن الماء)، وقد كانت هذه البركة مصدراً للتلوث في المصفاة نظراً لأن المتطايرات الخفيفة منها تتجه باتجاه الرياح،ويزمع التعامل معها ضمن خطط التحديت وفقاً لما هو معمول به في المصافي الحديثة،حيث ستساق هذه المتطايرات إلى الشعلة لحرقها والتخلص منها في حال عدم قدرة وحدة الغاز المسال(lpg)على استيعابها وضغطها والاستفادة منها،وقد تم تحويل وحدة إسالة الغازات الخفيفة إلى وحدة تثبيت نظراً لأن الإسالة تحتاج إلى ضغوط عالية تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة الكهربائية المنتجة في محطة القوى في المصفاة،ووحدة الإسالة هي نواة حقيقية وبذرة للصناعات البتروكيميائية المستقبلية،إذا ما نذكر إن متماثر الايتلين(poly et)،يأتي من الايتان(c2)،ولذلك يندرج ضمن خطط تطوير المصفاة بناء محطة قوى جديدة تؤمن الطاقة اللازمة بما فيها وحدة(lpg) بدلاً من المحطة الحالية التي تقاوم عهدها وقل مردودها فهي لا تستطيع تأمين أكثر من 4 ميغاوات حالياً،بينما الحاجة إلى محطة،تولد أكثر من عشره ميغاوات لتمد المصفاة بالطاقة اللازمة في حال توسعت وتطورت.
ونظراً لمرور أكثر من 55عاماً على إنشاء المصفاة فقد إزداد عدد العاملين بها أكثر من الضعف،عبر جيلين تقريباً مما سبب أزمة سكن للعاملين،لذا تأسست جمعية سكنية لعمال شركة مصافي عدن عام 1992م،وقيادة المصفاة الآن بصدد الاتفاق مع شركة بناء مقاولات لبناء هذه المدينة السكنية التي أسميت بـ (مدينة الصالح)،وقد ذكر الأخ معالي الوزير في حديثة في المنتدى إن الوزارة ستبادر في بناء خمس عمارات سكنية كإسهام منها،على أن يتم البحث عن مستثمر يقوم بتنفيذ المدينة،اعتماداً على اشتراكات الأعضاء التي قاربت 250 الف ريال للمشترك. أن مصفاة عدن لم يقتصر عملها كونها منشأة لتكرير النفط وحسب،بل إنها جامعة تقنية بكل المقاييس،تضم ضمن أقسامها إدارة التدريب التي تضطلع بدور تدريب وتأهيل عمال فنيين ومهرة يقومون بعد إعدادهم بتشغيل المصفاة،ولا يفوتنا الذكر إن صناعة النفط في اليمن من استخراج وتخزين ونقل وشحن وتفريغ أعتمدت في جلها على كوادر تخرجوا من مصفاة عدن،والشركات العاملة في استخراج النفط في اليمن تعتمد في غالبية مواردها البشرية على هذه الكوادر،ويكفي أن نشير إن أول تعليم تقني قبل أكثر من نصف قرن وجد في مديرية البريقة،وهو أول جامعة تقنية في الجزيرة العربية الذي أصبح الآن مبنى لمدراسة ثانوية وقد كان معهداً تقنياً خارج سور المصفاة ونأمل أن نرى المصفاة وقد ولدت من جديد وإنتاج أكبر، 55 سنه مرت من العطاء والاستعداد للوتبة الكبرى.