الفنان الراحل يوسف أحمد سالم
سلوى صنعانيأكثر من أربعين يوماً مسافة زمنية تفصلنا عن وفاة الفنان الراحل يوسف أحمد سالم .. الرجل الذي ملأ الدنيا ضجيجاً في حياته ومماته هذه الثنائية أيضاً قد مثلتها الصورة التراجيدية لمسيرة حياته الفنية والشخصية ... فبقدر ما قدمت لنا هذه القامة الفنية الشامخة رغم بساطة صاحبها وتواضعه من ثروة لحنية وغنائية أثرت حياتنا ووجداننا ... على قدر ما واجهناها بالجحود والنكران. ووجدنا أنفسنا نتأسى لغيابها ورحيلها عنا بهذه الصورة الأليمة المحزنة.وسيرة إنسان وفنان انبعثت على السطح وعلى صفحات الصحف والألسنة تصور مدى عظمتها وبالقدر ذلك مدى الإهمال واللامبالاة من حولها لما ألم بها في السنين الحرجة من العمر وما ينتابها من أمراض وعجز أضعفنا نحن إليه الحرمان من العطف والحنان والرعاية التي هي بمثابة الواجب الملزم لنا تجاهها وليس هبة منا. والنهاية المأساوية وهي الفصل الأخير الذي أسدل الستار فيه على مسيرة حياة الفنان يوسف أحمد سالم وكان تراجيدياً 100%. وذهب بعضنا يلوم الآخر بينما عض بعضهم أصبعه ندماً. بل والأوجع من ذلك.. أن صمت الجهات المسؤولة أذنيها حين تعالت صرخات صحيفة 14 أكتوبر وزميلتها الأيام مناشدتين من بيده مصير جثة المرحوم الراحل حتى لا يبقى رهين “ البراد “ الكبير للجثث في الشقيقة أبوظبي مدة طويلة. لأن كرامة الميت دفنه. ولأنه “ لا كرامة لنبي بين أهله “. حرم هذا الرجل البسيط والعظيم من قبر يلم رفاته ويحتضنها في تراب وطنه. وبعد جهود حثيثة دفن في تراب (بني ياس) أبوظبي تحت رقم 1105.إذن هي مسيرة حياة شاء المولى أن تبدأ من الشيخ عثمان بعدن وتنتهي في تراب أبوظبي. هل هي الأقدار أم لغة الأوطان كما جاء في مقالة زميلي نعمان الحكيم تحت عنوان “ أيه يوسفنا الغالي.. نحن الحمقى وليس القدر “ في 5 فبراير 2008م العدد 14014 صحيفة 14 أكتوبر نقتبس بعضاً منها عن يوسفنا “ ساقه القدر ليوارى التراب في غير أرضه بعد أن تجرع الألم والويلات وكان يقول “ الناس يجنون على غيرهم، والبيستين التي تعطى للفنان لا تساوي شيئاً. وكان يسميها (البيس) وهي عملة متداولة قديماً في عدن.أختاره ربه رحمة به ممن تنكروا لعطاءاته وتأريخه وحبه وإخلاصه لعدن وأهلها. وهو الذي كان يمكنه أن ينافق ويطبل مثل كثيرين ماتوا وهم أحياء وخانوا ضمائرهم وانطبق عليهم قول الشاعر :ليس من مات فاستراح بميت [c1] إنما الميت ميت الأحياء.[/c]يوسف أضعناه بأيدينا ومات غريباً دون أنيس ألا من أهل الإمارات العربية المتحدة سخرهم الله له. ولكن هي لغة الأوطان علينا بسبب تركنا لمبدعينا وجعلهم في هكذا حال”.من خلال هذه الأسطر وأنا أبحث عن يوسف أحمد سالم الذي سمعته وأطربني غناؤه ولم أعايشه أجد ريحته العابقة بالتعفف وعزة النفس والضمير النابض بالحياة، والترفع عن التطبيل والنفاق ورفع المباخر وإعلاء صوت الزغاريد لمن لا يستحقها.
وفي سطور مقتضبة للزميل محمد علي محسن على صدر أكتوبر عددها رقم 5315 تأريخ 4 فبراير يقول فيها “ أأسف لعدم حضوري العزاء الذي أقيم ليوسف أحمد سالم في مقر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومعهم مكتب وزارة الثقافة، لأنني لا أستطيع رؤية مستقبلي العزاء، فأين هم عند مرضه ولجوئه إلى ملجأ العجزة بالشيخ عثمان “. أقول له عندك حق في ذلك فهؤلاء ساهموا في صنع مأساته وأوجاعه.. وعزوفك عن رؤيتهم شعور طبيعي، فالذين يقيمون عزاءه، كان أولى بهم وهم معنيون بأمره وأخص الثقافة بالاهتمام به ورعايته في الأيام الحالكات ساعاتها التي عانى فيها مرارة الوحدة والوحشة ومشاعر الأسى للجحود والنكران التي عانى منها مضافة إليها آلامه وأوجاعه من المرض والحال الذي آل إليه عندما سلم نفسه لشرطة الشيخ عثمان طالباً منها إيداعه ملجأ العجزة بالشيخ عثمان.. أين هي أسرته وأقرباؤه الذين تجمعه وإياهم صلة الدم والقربى. لقد هان يوسف على أهله وعلى محبيه وعلى الوطن وأهل القرار وعلى الجميع.ولكن الدنيا لا تخلو من ذي ضمير حي. فالشكر لجمعية الأمناء الخيرية بدار سعد التي خصصت له إعانة شهرية وتكفلت بعلاجه إكراماً له. ثم امتدت يد العون لهم الشكر والامتنان بعد أن ناشدت صحيفة الأيام أهل الخير فبادرت مجموعة هائل سعيد أنعم بنقله إلى مستشفى السعيدة وعلاجه.. تلك الإكراميات رممت بعض الشيء بداخله وربما أعادت له بعضاً من مشاعر الطمأنينة والبهجة. وأتت لاحقاً اللفتة الكريمة من الزميل والتلميذ الوفي الفنان خالد السعدي الذي نقله إلى دولة الإمارات العربية. وقدم له الرعاية الأسرية والعلاج حتى بدأ يستعيد عافيته.. هناك لم يحصل على الدواء بل والعزوة والحنان الأسري بين أفراد أسرة السعدي التي أغدقت عليه مشاعرها الإنسانية السخية، وشعر الفنان العازب الذي تركته أسرته وأقرباؤه للعراء والذل بأنه بين أسرته وأولاده.. وهذا ما كان يفتقر إليه ويفتقده.ولكن ذلك لم يدم رغم تشافيه فربما كانت صحوة الموت الذي كان يترقبه. ربما كان يوسفنا يأمل في العودة إلى ربوع الوطن متعافياً.. ولكنها مشيئة الله واللهم لا اعتراض.وجدت نفسي وأنا وجيعة لمأساة هذا الفنان ربما لأنني ابنه فنان مثله عانى من المرض والإهمال متجهة إلى مركز حنبلة لأجد منه وشيئاً عنه.. وأشكرهم كثيراً وأخص بشكري الأستاذ (أحمد السعيد) الذي جمع لي بعض المصادر. ولا أدري لماذا عزفت عن طرق أبواب أقربائه. لماذا.. حقيقة سؤال يعرف الجميع جوابه؟!! واكتفيت بما بين يدي من وثائق ربما لا تفي بالإجابة عن كل ما يتعلق بقامة فنية كبيرة ولكنني اكتفيت بما حوزتي.. وليكمل الآخرون ما لم أقدر عليه.الفنان يوسف بن أحمد سالم من مواليد منطقة الشيخ عثمان بعدن. ولد في النصف الثاني من ثلاثينات قرننا الماضي. ومنذ صغره وكما هي العادة أن يتأثر الفنان بفنان آخر.. وخصوصاً إذا كان قريباً منه.وقد تأثر الصغير يوسف بأخيه الفنان محمد بن أحمد سالم الذي اشتهر آنذاك بترديد روائع الموسيقار العربي الكبير محمد عبد الوهاب.. والملقب (بالأستاذ) لقب أطلق عليه من حوله. واستمر على هذا المنوال ومثلما غنى لمحمد عبد الوهاب غنى للفنان محمد مرشد ناجي ولكنه لم يسجل تلك الأغاني وفي الثامنة عشرة من عمره. ذهب للبحث عن نفسه في هذا الميدان كشخصية فنية مستقلة وبدأ ممارسة التلحين إلى جانب الغناء ولكنه لم يعزف على آلة العود.. حتى بلغ الثالثة والعشرين من العمر وكان يستعين في عزف ألحانه بالفنانين الأستاذ محمد سعد عبدالله رحمه الله والفنان أحمد تكرير. وكان معجباً بصوت الفنان أحمد بن أحمد قاسم والفنان طه فارع والفنان محمد عبده سعد والفنان محمد صالح الهمشري.بدأ الفنان يوسف أحمد سالم تجربته في مجال التلحين كشخصية فنية مستقلة بأغنية ((اللي رماني وراح)) من كلمات الأستاذ قيس غانم نعمان وكانت البدايات الناجحة التي تلتها أعمال كثيرة شنفت آذان المستمعين وحركت أحاسيسهم وأثرت وجدانهم. إلى جانب نشاطه الفني عمل فناننا كمراقب عام للمراكز الثقافية والفنون الشعبية في محافظة عدن التابعة لوزارة الثقافة والسياحة آنذاك. ذلك ما جاء في مقابلة أجراها معه الزميل محمد رشيد نشرت على صحيفة 14 أكتوبر بتأريخ 16 يونيو لعام 1980م العدد (3982) تحت عنوان (حوار فني سريع) في تلك المقابلة تحدث عن قيامه بنوع من التطوير في مجال اللحن حيث كان يقوم آنذاك ببعض الأعمال الغنائية من نوع كلاسيكي متطور يمزج الغناء القديم مع الغناء الحديث آملاً نيل رضا الجمهور.ورغم النهضة الفنية التي يدعمها الحزب والدولة إلا أن رؤيته كانت تطمح للارتقاء أكثر بالغناء اليمني ليقف في مصاف البلدان العربية موجهاً نصيحة للفنانين الهواة بألا ينتابهم الغرور وينصحهم بالتمسك بأصول الفن والغناء اليمني.وهذا ما يبين مدى حرص الفنان يوسف أحمد سالم وغيرته على الفن اليمني. ويشكو من الأجور المتدنية للفنان الممنوحة من الإذاعة والتلفزيون ويطالب بوضع درجات ورفع الأجور وفتح باب التسجيل بشكل أوسع لأن هذه الوسائل برأيه هي همزة الوصل بين الفنان وجمهوره.وبالعودة إلى صحيفة الشعب العدد (28) وتحت زاوية ثابتة بعنوان نجم الأسبوع وتحت عنوان خاص (يوسف أحمد سالم لا يعرف العزف على العود) والتي كان يشرف عليها محمد شفيق نجد اعترافاته بأنه مازال وهو في (23) من عمره يتعلم العزف على آلة العود وهذا ما يبين مدى تواضعه وبساطته واعترافاته بقدراته البسيطة وبداياته الجميلة عكس ما نجده لدى بعض الفنانين المتغطرسين.كما نجد في هذا الحوار صراحته ونقده للبعض الأمر الذي جعل نقمتهم تلاحقه أينما كان. ولكن يؤكد في هذا الحوار. بأنه لا يستطيع ترك مهمة النقد لغيره حتى يتجنب أذى من حوله لأنه الإنسان والفنان يوسف أحمد سالم الصراحة عنوان شخصيته.وكتب عنه الزميل عبدالله الضراسي في 26/3/89م على صفحة 14أكتوبر عددها رقم (7668) تحت عنوان (لفتة فنية طيبة عقب مشاهدته مقابلة شملت سهرة فنية عبر التلفاز يوم خميس. ذلك اللقاء معه تخللته باقة من أجمل أغانيه مثلما تناولت فيه ذكرياته الفنية وكانت ثاني سهرة بعد الحلقة الأولى وكانت مع الفنان كرامة الوادي ذلك البرنامج من إعداد الأستاذ صالح الوحيشي.قال الضراسي في مقالته ((إن هذه الوقفة مع الفنان يوسف أحمد سالم تثير فينا أكثر من ملاحظة أهمها أنها أتت لتقف أمام فنان له حضوره ومواكبته في خارطة الأغنية اليمنية منذ فترة زمنية طويلة ثم أصبحت لفترة وحتى الآن تحت وطأة وضعه الاقتصادي الصعب، بحيث أثر ذلك على عطاءاته الفنية لاحقاً.هكذا توضح لنا هذه السطور مدى عوز وفقر هذه القامة الفنية التي ملأت الدنيا ضجيجاً. وأسهم في صياغة الوجدان اليمني مواكباً كل المنعطفات الكفاحية لشعبضد الاحتلال ومع الاستقلال.. وكان أول من غنى للثورة من فنانينا.الفنان يوسف أحمد سالم غنى كثيراً ولحن كثيراً غنى للحياة وللحب وللطفولة التي أخذت مساحة من أعماله ومن الشعراء الذين غنى لهم الأستاذ الشاعر اسكندر عبده قاسم والشاعر عبدالله عبد الكريم محمد والشاعر أحمد سيف ثابت والشاعر سيف الكبشي والشاعر الصحفي أحمد مفتاح. وغنى له الفنان محمد علي كعدل والفنانة أمل كعدل وأحمد علي قاسم وكفى عراقي ومن تلك الأغاني التي غناها والتي غنت له :1- قاطفين القات-2 عدن-3 شكوى-4 يا أسمر يا كحيل العين-5 اللي رماني وراح-6 يا شاكي الضنا-7 ساكت في الحي -8 سؤال-9 دمعة-10 تناسيته-11 ذي سلب عقلي جماله-12 ماله الحلا يزعل ماله على أصحابه-13 يا آكلين التمبل-14 يا طالعين جبل صبر-15 يوم النصر-16 على النقيل مع الحبيب-17 جدة عمية فتحي (للأطفال)-18 الطفل وأكل الشارع (للأطفال)-19 روضتنا يا روضتنا (للأطفال)-20 الطفل اليماني (للأطفال)-21 يا سلمى أنا جبت الحطب والماء (أوبريت)-22 حبني ما تحبنيش-23 لا غيبة-24 لا لا ياحبيبي-25 بارق ندى.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[c1]لا غيبهكلمات/ عبدالله عبد الكريم محمد[/c] لا غيبة.. لا غيبــــة [c1] *** [/c] ايش غيره ايش حجتهمن بعد ما ولى وغاب [c1] *** [/c] عذب فؤادي عذبهمن بعد حرماني الطويلليته يحن قلبه قليلناسي العهود.. ناسي الجميلقلبي عليه.. لا غيبةليته يقول لي ما السبب [c1] *** [/c] أضناني من بعد الغيابليته رحم قلبي اللي هب [c1] *** [/c] وألا يجي يعتب عتابروحي حياتي دنيتيأشكي له سهدي ودمعتيمن غيره يرحم أنتيقلبي عليه.. لا غيبةيا من يبلغ له السلام [c1] *** [/c] يحمل له شوقي والهياميشرح له حبي والغرام [c1] *** [/c] وكيف جافاني المنامليته يقول من علمهشاخبره شافهمهمهما غيابه حرمهقلبي عليه.. لا غيبةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]ذي سلب عقلي جمالهكلمات/ أحمد سيف ثابتلحن وغناء/ يوسف أحمد سالم [/c]ذي سلب عقلي جماله [c1] *** [/c] ليه باسامر خيالهبا أسأله عما جرى له [c1] *** [/c] ما السبب يمنع وصالهطول عمري ما اشتكيت [c1] *** [/c] من عذابه أو بكيت بس يا ليت يا لـــــــيت [c1] *** [/c] يعترف با اللي وشى لهقد نسى يوم اجتمعنا [c1] *** [/c] يوم كان الحب معناتحت ذاك الغصن كنا [c1] *** [/c] نتناجى في ظلالهكم نسي قلبي معاه [c1] *** [/c] يستقي خمر الشفاهليش يحرمني صفاه [c1] *** [/c] بعد ما قلبي صفا لهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]يا طالعين جبل صبركلمات/ اسكندر ثابت صالحلحن وغناء / يوسف أحمد سالم[/c]يا طالعين جبل صبر [c1] *** [/c] بلغوا مني السلامعلى الحبيب حينما مر [c1] *** [/c] حلوة عيونه والقوامواندهوا له وأبصروه [c1] *** [/c] عسى يكون منه كلاملا تحرموني من لقاه [c1] *** [/c] ومن جمال الابتساموبلغوا مني الرسالة [c1] *** [/c] لذي تعذب في الغراموخبروه كيف السهر [c1] *** [/c] في حنيني والهيام بالله عليك وإذا الحقود [c1] *** [/c] أحسن تترك ذا الخصـــام ما بايفيد من علمــوه [c1] *** [/c] ليشتوا من الحب يحرموه القـــصد منهم يحسدوه [c1] *** [/c] الــظــلم والله ذا حـــرامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]بارق ندىكلمات/ عبدالله عبد الكريم محمدلحن وغناء/ يوسف أحمد سالم[/c]اسكن شذا عطرك [c1] *** [/c] في الزهر والانسامبارق ندى سحرك [c1] *** [/c] بين الفنون أنغامفي قلبي يشعل نارللحب والأسرارفي رنة الأوتارأتصورك إلهام * * * الله على حسنك [c1] *** [/c] بالفتنة كم تسبيكل الدلال فنك [c1] *** [/c] فيك افتتن قلبي الورد فوق خدكأضناني في بعدككم لي أهيم بعدكاستلهم الأوهام * * * لون القمر لونك [c1] *** [/c] في طلعتك أنوارأصبحت من دونك [c1] *** [/c] تائه مع الأفكارأتذكرك وأحلماشتاق وأتألمأتمنى لو تعلمبالشوق والآلام * * * عيش في ربيع عمرك [c1] *** [/c] خلينا للأحلاموإن كان على هجرك [c1] *** [/c] أهجر شهور وأعوامايش بعد ذا يرضيكيا هاجري أفديكبا عيش أفكر فيك [c1] *** [/c] وحدي مدى الأيام