لو أصر ابطال حماس على تحويل غزة الى إمارة إسلامية ، فلن تكون هي الدولة العربية الكسيحة الوحيدة في منطقتنا. فالكثير مثلها لا يزال تشرق عليها الشمس كل صباح رغما عن رأي الناس في الداخل او الخارج. عالمنا العربي دول مجزأة مثل الميكروبات تنشطر ثم تنشطر. تتكاثر الدول لأن احلام الزعماء كبيرة لا تكفيهم المشاركة في الحكم بل يريدون دولا لأنفسهم. هل صارت فلسطين في طريقها لتصبح مثل الصومال؟ في الطريق كل فصيل يريد تشكيل جمهوريته الحلم. وهو أمر لن يغضب الاسرائيليين فقد صارعوا وخسروا الكثير من اجل تفكيك المشروع الوطني الفلسطيني والمساومة على الارض المحتلة مفككة ومجزأة ..ورفضوا فكرة السلطة الفلسطينية الواحدة منذ زمن ، وعجزوا عن ذلك. اليوم ها هم على ابواب دولتين :
إمارة حماس وجمهورية فتح ، وبقية الفصائل تعلن انها تفضل الانتظار قليلا. لا أدري كيف اسكرت قادة حماس فكرة الاستحواذ على شريط محاصر، اعتبروا ان عدوتهم هي فتح التي تقف في وجههم في كل مشاريعهم الرائعة. بذلك خلقوا وضعا جديدا لم يطرأ على بال المحاربين الفلسطينيين من قبل رغم ان الانقسام الفلسطيني رافق القضية من بداياتها لكنه لم يعبر نهر الاردن قط كما نراه اليوم. كانت تبني دويلاتها في المنافي والملاجئ لكن لم يجرؤ أحد على ان يتجاوز سلطة الراحل ابو عمار في الداخل أو يدوس على صورته. مهما كبرت الضغائن والتبعيات السياسية الخارجية حتى اعلن احد قادة حماس اخيرا ان لا لغة مع الفتحاويين الا لغة السيف والبندقية، وهكذا ولدت حماس السلطة المستقلة وغزة الإمارة الجديدة.
والسؤال الذي لا ادري إن كان قادة حماس قد فكروا فيه ، كيف سيديرون حياة مليون ونصف مليون انسان في القطاع الذي عانى الكثير منذ توليهم السلطة؟ من أين لهم بالكهرباء والغاز والمال والمعابر؟ كلها تمر عبر اسرائيل التي لا يريدون الجلوس معها وقاتلوا فتح وجوّعوا الشعب الفلسطيني بدعوى انهم يرفضون مفاوضتها؟ اخيرا سيجلسون، وسيرى العالم انهم يفاوضون من اجل حكمهم في غزة ، وإيصال الكهرباء الى مكاتبهم والغاز الى مطابخهم وزيارة ايران وسورية حيث أصدقاؤهم . سيجالسون الاسرائيليين وهم الذين لم يطيقوا اخوانهم في فتح ، يا له من عالم غريب عجيب يثير الاشمئزاز، حقا! وأهل حماس لا يخترعون من لدنهم عالما جديدا، فمنطقتنا مليئة بالدول المشطرة ، والطروحات التقسيمية؛ ثلاث في العراق وثلاث في السودان وأربع في الصومال واثنتان في المغرب، في وقت يحاول فيه العالم ان يتجانس ويتلاقى ويندمج ويتحول الى كتل تتعايش وتكمل بعضها بعضا محتكمة الى مرجعها الحقيقي، مواطنيها، أهل القرار ليصوتوا إن شاءوا بالانضمام.
ما اشبه الليلة بالبارحة
نزوح من غزة يكرر نزوح نكبة 1948
أمارة طالبانية تستعيد تجربة تحطيم التاريخ
من لم تغتالة رصاصات اسرائيل من الكوادر النضالية نالته ايادي حماس بدم بارد