عدد من المشاركين في ندوة التوعية بأضرار (القات) لـ 14 اكتوبر :
لقاءات / سمير الصلوي :استطاعت شجرة القات بكل قوة إزالة المحاصيل الزراعية وتغلغلت جذورها في الوديان الخصبة لتستنزف المياه واستطاعت أن تلقي مخاطرها على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية. صحيفة (14 أكتوبر) التقت عدداً من المشاركين في ندوة التوعية بأضرار القات وخرجت بالحصيلة التالية:[c1]الأمراض المرتبطة بتعاطي القات[/c]الدكتور محمد مسعود سميح قدم ورقة عن الأضرار الصحية والنفسية لتعاطي القات، ولأهمية ما عرضه اقتبسنا التالي : “إن دراسة أضرار القات لم تعد تهم بلداناً بعينها بل تهتم بها البلدان أجمع بما فيها البلدان المتقدمة التي لا يزرع فيها القات مثل أمريكا وبريطانيا وسويسرا وإيطاليا، وقد ركزت الدراسات القائمة على تأثيراته وأضراره الصحية على متعاطيه التي تنشأ نتيجة لثلاثة أمور أساسية هي : مكوناته الكيمائية والمواد الكيمائية التي يرش بها (المبيدات) والأمور المرتبطة بتعاطيه كالجلوس لفترة طويلة والتدخين وغيرها من الأمور التي لها أثر سيئ على صحة متعاطيه.ومن الأضرار والأمراض الناتجة عن تأثير المواد الكيمائية الموجودة في القات(الكاثينون والكاثين والتانين والافيدرين) إصابة الجهاز الهضمي وتأثره تأثراً كبيراً ابتداءً من الفم وانتهاء بالأمعاء، ومنها أمراض الفم وتقرحات اللثة وتآكلها وتآكل الأسنان واصفرار لونها والتهاب أعصابها واضطراب عمل الفك السفلي للفم، إضافة إلى أمراض المرئ والتهابات المعدة نتيجة لتأثير مادة التانين الموجودة فيه على غشاء المعدة.كما يصاب متعاطو القات بالأميبيا والجارديا والديدان والإمساك والبواسير وفقدان الشهية وسوء التغذية ما يؤدي إلى هبوط فعالية جهاز المناعة في الجسم ويجعل الشخص عرضة للأمراض والعلل، وكذا التهاب الكبد والإصابة بالفيروسات وذلك بسبب احتواء القات على عدد من السموم، والإصابة بأمراض الجهاز البولي وحصوات الكلى وأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي كما تعد أمراض السرطان أحد أبرز الأمراض المرتبطة بتناول القات.[c1]أثر القات على الحامل والجنين[/c]ويقول الدكتور سميح إن الدراسات أثبتت أن تناول المرأة الحامل للقات يؤثر عليها وعلى الجنين بسبب مواد الأمفيتامين التي تسبب تشوه الأجنة، كما تسبب المبيدات التي يرش بها القات عاهات خلقية عند المواليد كالحنك والشارب المفلوق، ومن تأثيرات القات على المرأة قلة إدرار اللبن وتسمم الحمل.[c1]التأثيرات السلبية على البيئة[/c]التقينا بالأستاذ الدكتور عبدالرحمن ثابت أستاذ سمية المبيدات وتلوث البيئة بكلية الزراعة جامعة صنعاء الذي قال : الاستخدام العشوائي للمبيدات الكيمائية السامة على أشجار القات أدى إلى بروز عدد من المشكلات البيئية والصحية ذات الأثر الواضح والممتد إلى مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، وأصبح يشكل خطراً على حياة المجتمع.إن أهم الجوانب التي تتأثر بزراعة القات على الأرض الزراعية باستمرار هي زحف شجرة القات على حساب المحاصيل الزراعية الغذائية والنقدية ما يسبب فجوة غذائية تنبئ عن وضع حرج للأمن الغذائي، ومن التأثيرات البيئية استنزاف مياه الشرب واستحواذ شجرة القات على ما مقداره (800) مليون م3 عام 1993م وهي نسبة تتجاوز الـ (40 %) من إجمالي المياه المستخدمة. كما أن المواد الكيماوية المستخدمة في الرش تؤثر على التربة وعلى صحة الإنسان.وقد أثبتت البحوث العلمية أن من مخاطر المبيدات على البيئة هو بقاء مكوناتها الكيماوية في البيئة لسنوات عديدة وانتقالها عبر السلاسل الغذائية وتراكمها لمدة تصل إلى (30) عاماً.ومن الآثار السلبية لزراعة القات تلوث المحاصيل المزروعة مع أشجار القات الذي لا يسبب الموت المباشر ولكن تراكم الملوثات في جسم الإنسان يؤدي إلى عدد من الأمراض مثل الإصابة بالفشل الكلوي أو الكبدي أو السرطان، وقد أوضحت البحوث العلمية أن أي نبات يزرع في تربة تحتوي على أي ملوثات من بقايا المبيدات الكيماويات تحتوي على تركيز من هذه الملوثات جذوره وسيقانه وبذوره وأعلافه وثماره ويؤدي استخدام المبيدات إلى فقدان خصوبة التربة وقتل المواد العضوية فيها.[c1]التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية[/c]الدكتور عادل الشجاع رئيس مركز المستقبل قال : إن زراعة القات وتعاطيه قد أثرا على القدرات الإنتاجية والعلاقات الاجتماعية في الوطن وإن تعاطيه يحرم مئات الآلاف من اليمنيين من الحصول على قوتهم الضروري. وحسب الدراسات فإن ما ينفق على القات يساوي (20) مليون دولار وهو مبلغ ضخم يمكن له إحداث تنمية بشكل كبير في اليمن إذا ما استغل بوجه صحيح، والقات يتسبب في مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية بشكل صارخ يترك آثاراً عميقة على اقتصاد اليمن ومنه جانب الزراعة.ومن الآثار السلبية لتعاطي القات في الجانب الاجتماعي تفكك العلاقات الأسرية والاستقرار الأسري وارتفاع نسبة الطلاق، وإهمال رعاية الأطفال من قبل الآباء والأمهات ما يزيد من فرص الانحراف بين الأبناء، والإدمان على القات يؤثر سلباً على القيمة الاجتماعية ويساعد على انتشار الرشوة واتساع دائرة الفساد الإداري وهذا يؤثر على التنمية الاقتصادية ويعمل القات على إضاعة (32) مليون ساعة عمل يومياً على اليمنيين ويؤثر على كمية ونوعية الغذاء الذي تتناوله الأسرة.[c1]القات بين التحليل والتحريم[/c]ولمعرفة موقف أصحاب الشريعة من (القات) التقينا بالدكتور أحمد محمد الدغشي أستاذ أصول التربية الإسلامية وفلسفتها المشارك بكلية التربية بجامعة صنعاء الذي قال : انقسم الفقهاء إلى قسمين : قسم حرم تعاطي القات وآخر حلله وقول القسم الأول وهو التحريم المطلق للقات باعتباره مخدراً مفتراً ضاراً جاءت انعكاساته سلبية؛ ذلك أن القول بتحريمه المطلق دون تأكد من علة إصدار ذلك الحكم مع استمرار تعاطيه في وسط الراشدين والكبار يلقي بانعكاساته السلبية على الناشئين والصغار عندما يشاهدون استمرار تعاطي الكبار القات رغم معرفتهم بتحريمه ما ينتج أثرين سلبيين أحدهما أن الاستهانة بحكم شرعي يجر إلى الاستهانة بأحكام مماثلة، والآخر محاولة الصغار والناشئين إثبات ذواتهم وشخصياتهم عبر محاكاة سلوك الكبار المتصل بعادة تعاطي القات دون انزجار أو ارتداع من حكم الحرمة الصارم ما يبعث برسالة في لاوعي الناشئ مفادها أن إثبات الذات إنما يتم عبر التعاطي مع القات حتى لو حدثت مخالفة للمحرم.أما موقف القسم الثاني القائل بحلية تعاطي القات بإطلاق اعتماداً على أصل الإباحة فهو معالجة للتطرف بتطرف مماثل وتكييف محدود للمسألة ونظر إليها من زاوية هي زاوية الأصل المباح بمنأى عن التطورات اللاحقة التي أصبح عليها وضع نبات القات وعن بقية الأبعاد والآثار الفردية والمجتمعية السلبية، وهو ما يترك أثره السلبي المباشر على الناشئة إذ يجرئهم على ارتكاب المسالك المذمومة دونما شعور بالحرج بل شعور كامل بالمشروعية وهو ما يعد تطبيعاً مع مظاهر التخلف.وعلى القسمين إعادة النظر في موقفيهما من مسألة تعاطي القات كما اتضح من الخلل البنيوي في فتوييهما وما يترتب على ذلك من انعكاسات تربوية وسلوكية سلبية مع الإشادة بموقف الوسطية والاعتدال الذي دعا إلى اعتبار الحكم مبنياً على علته وجوداً وعدماً.[c1]البدائل الممكنة[/c]أما البدائل التي يمكن أن تحد من تناول القات فترى الدكتورة نجاة محمد صائم خليل أستاذ مشارك في علم النفس الاجتماعي جامعة صنعاء، أنها تتم من خلال تحديد أنشطة يقوم بها أفراد الأسرة داخل البيت وفتح المكتبات العامة والمراكز الرياضية والمؤسسات الثقافية لجذب واستيعاب المواطنين وتنمية قدراتهم الفكرية وتشجيع مواهب الشباب والفتيات من خلال إقامة المسابقات الثقافية والفنية وتشجيع الشباب على التطوع في العمل الاجتماعي وإقامة النوادي الاجتماعية والحدائق والمتنزهات لقضاء أوقات الفراغ والاستفادة من تجارب الدول في القضاء على مشكلة التدخين وإدراج أضرار القات على الفرد والأسرة والمجتمع ضمن المناهج الدراسية للتعليم الأساسي والثانوي والجامعي وتشجيع ودعم الزراعات البديلة للقات ونقل أسواق القات إلى خارج المدن .. كل هذا يمكن أن يسهم في الحد من تناول القات.في الأخير نقول إن القات آفة تهدد استقرار الوطن في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فمن منا لم يسمع عن مشاكل القات بين المزارعين ومن منا لم يسمع عما صار إليه الكثير من موظفي الدولة ببيعهم ضمائرهم وإخلالهم بواجبهم الوظيفي بسبب القات، فالقات تغلغلت جذوره في الوديان والجبال والسهول لذلك فهو بحاجة إلى إرادة قوية ومشاركة المواطن والدولة في وضع الخطط والبرامج التي تساعد على وقف انتشار هذه الشجرة.