إعداد / إبتسام العسيريشددت جماعة حزب الله اللبنانية قبضتها على مطار بيروت أمس الخميس لتزيد الضغط على الحكومة اللبنانية في اليوم الثاني من حملة احتجاجات فجرت معارك مسلحة في العاصمة بيروت.وأغلق أنصار حزب الله وحلفاؤه جميع الطرق المؤدية للمطار -وهو صلة لبنان الجوية الوحيدة بالعالم الخارجي- وشوارع رئيسية أخرى الأمر الذي شل مظاهر الحياة في معظم أنحاء المدينة.وعلقت شركة طيران الشرق الأوسط -وهي شركة الخطوط الجوية الوطنية- جميع الرحلات المغادرة لمدة 12 ساعة حتى ظهر الخميس (0900 بتوقيت جرينتش) “بانتظار تطورات ايجابية”.واندلعت احتجاجات متفرقة بين أنصار حزب الله والمؤيدين للحكومة في قريتين في سهل البقاع الشرقي أدت إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح كما أعلنت مصادر أمنية. ووقعت اشتباكات مماثلة في بيروت يوم الأربعاء الماضي.وأدت المواجهات إلى تصعيد التوتر في بلد يشهد أسوأ أزمة يعيشها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و 1990.كما أدت إلى تفاقم التوتر المذهبي بين المسلمين السنة الموالين للحكومة والمسلمين الشيعة المؤيدين للمعارضة. وحذر الجيش من أن استمرار الأزمة التي تمر بها البلاد سيعرض وحدته للخطر.وقال الجيش في بيان إن “استمرار الوضع على حاله هو خسارة واضحة للجميع ويمس بوحدة المؤسسة العسكرية سيما وان الركيزة الأولى للأمن في لبنان هي الوفاق وليس البندقية.”وكان تفكيك الجيش في العام 1976 نقطة تحول أساسية نحو انزلاق لبنان إلى حكم الميليشيات.وأغلق نشطاء موالون للحكومة الطريق السريع الذي يربط بيروت بالجنوب الذي تقطنه الغالبية الشيعية بالإطارات المشتعلة كما أغلقوا الطريق الحدودي مع سوريا بالسواتر الترابية.وسرعان ما اتخذت الأحداث التي وقعت يوم الأربعاء الماضي طابعا طائفيا إذ وقعت اشتباكات في أحياء مختلطة يسكنها الشيعة والسنة. وأصيب عشرة أشخاص على الأقل.[c1]قتال عنيف في بيروت وحزب الله يواصل تحديه[/c]وفي هذا الجو المحموم والمنذر بحرب أهلية ، دارت مواجهات عنيفة في بيروت أمس الخميس بعدما قال حزب الله المدعوم من إيران أن الحكومة اللبنانية المدعومة من مصر السعودية والمجتمع الدولي قد أعلنت الحرب عليه عبر استهدافها شبكة اتصالاته.وتبادل مقاتلون من حزب الله وحليفه أمل إطلاق نيران المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية ضد مسلحين موالين للحكومة في عدد من المناطق في العاصمة في أسوأ قتال داخلي منذ انتهاء الحرب الأهلية. واندلع القتال بعد دقائق من إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحفي أن المخرج الوحيد للازمة هو رجوع الحكومة عن قراراتها والمشاركة في حوار بهدف إنهاء 17 شهرا من الصراع السياسي مع المعارضة التي يتقدمها حزب الله.وقال نصر الله في مؤتمر صحفي عبر شاشة عملاقة “هذا القرار أولاً هو بمثابة إعلان حرب وبدء حرب وليس إعلان نوايا وبدء حرب من قبل الحكومة.. على المقاومة وسلاحها لمصلحة أمريكا وإسرائيل وبالنيابة عنهما.” ووصف الشبكة بأنها جزء حيوي من التركيب العسكري لحزب الله الذي خاض حربا لمدة 34 يوما مع إسرائيل في العام 2006. وأضاف “شبكة السلكي هي الجزء الأهم من سلاح المقاومة .. وأنا في بنت جبيل قلت بوضوح إن اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة مهما كانت ومن أين أتت سنقطعها واليوم هو يوم الوفاء لهذا القرار.”وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في لبنان أمس الخميس إنه دعا جماعات المعارضة في لبنان إلى إنهاء إغلاق الطرق.وقال تيري رود لارسن “يدعو الأمين العام جميع الأطراف إلى وقف أعمال الشغب على الفور وإعادة فتح جميع الطرق في البلاد” مضيفا أن بان يشعر بالقلق حيال استمرار الفشل في انتخاب رئيس للبنان.وقال مبعوث الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة انه ينبغي لمجلس الأمن الدولي أن يبحث “خطوات إضافية” بما في ذلك فرض عقوبات إذا لم تتحرك سوريا وحزب الله لتسوية الأزمة.وأضاف زلماي خليل زاد انه ينبغي لحزب الله أن “يعمل في أطار القانون” ويكف عن تحدي الحكومة الشرعية في لبنان ويدعم انتخاب رئيس. وقال انه ينبغي لسوريا أن ترسم حدودها مع لبنان وتقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها.ويقود حزب الله المدعوم من إيران وسوريا حملة سياسية منذ 17 شهرا ضد حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة المناهضة لسوريا والمدعومة من الولايات المتحدة. وأدت الانقسامات إلى اندلاع أعمال عنف مميتة.وحزب الله هو الفصيل اللبناني الوحيد الذي سمح له بالاحتفاظ بأسلحته بعد الحرب الأهلية لقتال القوات الإسرائيلية التي تحتل الجنوب. وانسحبت إسرائيل في عام 2000 وأصبح مصير أسلحة حزب الله في قلب الأزمة السياسية.[c1]البطريرك: الحكومة أبدت رأيها في ما كان يجب أن تبدي رأيها فيه منذ زمن[/c] تستعد المدينة التي قامت على أرضها أهم جامعة للحقوق في الإمبراطورية الرومانية لمواجهة الإنقلابيين الذين يتذرّعون بـ”اعتداء الدولة” على “حقّهم” في مدّ شبكات إتصالات غير شرعية ترتبط بالشبكات السورية والإيرانية، وبتجاوز “الخطوط الحمر” لأنها، أي الحكومة الشرعية، قرّرت نقل موظّف من وظيفته بالمطار إلى وظيفة أخرى. وهذا حتى لا ننسى “الإتحاد العمالي العام”، الذي جاء أركانه من أجهزة غازي كنعان ورستم غزالة، وهؤلاء يعتبرون الزيادة الهائلة التي قرّرتها الحكومة للحد الأدنى للأجور (ربما كان الأعلى في المنطقة كلها، باسثناء إٍسرائيل) إعتداء على “الطبقة العاملة”![c1]قوى (14 آذار) تحذر من التلاعب بالأمن خلال تظاهرات الأربعاء[/c]الأكثرية الحاكمة ممثلة بقوى 14 اذاراعتبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار دعوة قوى 8 آذار الى الإضراب والتظاهر “دعوة سياسية تندرج في إطار خطة تقويض الدولة لصالح بناء دولة حزب الله تنفيذا ً لمخطط ايراني، وقد تأكد الأمر من خلال تصريح أحد أركان 8 آذار العماد ميشال عون الذي برر امتلاك حزب الله شبكة اتصالات خاصة ودعا الى إسقاط الحكومة”.و اعتبرت “ان القرارات التي اتخذتها الحكومة في اجتماعها الأخير تؤكد إرادة اللبنانيين على بسط سيادتهم على كامل التراب اللبناني، وان تعزيز منطق الدولة الواحدة القادرة في وجه منطق الدويلات يشكل حماية للبنان واللبنانيين دون تمييز ويجنبهم مجددا تعريض بلادهم لمخاطر تحويله الى ساحة تصفية حسابات إقليمية”.[c1]جعجع: غير مسموح لأحد تهديد الدولة[/c]من جانبه أكد رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع على ان “قوى 14 آذار ستضع ثقلها لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 13 الجاري”، لافتا ً الى أنه “عندما سنذهب الى انتخاب الرئيس بالنصف زائدا ً واحدا ً سنكون واضحين جدا، وأول من سنتكلم معه في هذا الموضوع هو البطريرك صفير والمرشح العماد ميشال سليمان، كما اننا لا نعتبر هذا الخيار خيارا غير قانوني”.وأشار جعجع إلى ان “حزب الله ليس لديه تكليف من الشعب اللبناني لا شرعي ولا غير شرعي كي يخوض عنه مقاومة ويحدد استراتيجية المواجهة مع اسرائيل” مضيفا “إنه يضع نفسه ويضع الشعب اللبناني في مآزق كبيرة وخطيرة”.وردا ً على كلام حزب الله الذي اعتبر ان المسّ بشبكة الإتصالات الهاتفية يعد مساً بسلاح المقاومة وهذا أمر ممنوع قال جعجع “انه كلام خطير وغير مقبول، فعندما يسمح فريق ما لنفسه بأن يطالب بعدم المسّ به سيقابله فرقاء آخرون، أقلهم نحن، ليقول العكس” مضيفا ً “الأمن القومي نحدده جميعا ولا يجوز لفريق لبناني معين ان يحدد بمفهومه الأمن القومي ويضع حدودا له ويلزم اللبنانيين به. [c1]صفير يؤيد قرار الحكومة بإزالة شبكة اتصالات حزب الله[/c]الى ذلك اعتبر البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير ان “الحكومة أبدت رأيها في ما كان يجب أن تبدي رأيها فيه منذ زمن” مؤيدا ً قرار الحكومة إزالة شبكة الإتصالات التابعة لحزب الله ،مشيرا ً الى “انه ليس هناك من دولة في العالم فيها دولتان وجيشان”.وقال: :”ليس في العالم بلد يسمح بأن يكون فيه جيشان، جيش رسمي وأخر غير رسمي. كما لا يمكن أن تكون هناك إزدواجية بين المقاومة والدولة، إما تكون المقاومة دولة، أو تكون الدولة بدون مقاومة وإذا كانت هناك مقاومة فتكون ضمن الدولة”.[c1]حزب الله يهدد من يواجهه بمقاومة شرسة[/c]اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن التصويب على موضوع المطار هو إحياء لمشروع القرار 1701 لفرض إشراف دولي على المطار بناء على الرغبة الأميركية الإسرائيلية ، وتطهير أجهزة المطار الأمنية من الموالين لقوى المعارضة .وتعليقا على موضوع الكاميرات في محيط المطار، قال قاسم في حديث تلفزيوني ان هذا “الموضوع تافه جداً”.وردا على سؤال حول شبكة الاتصالات الهاتفية، أكد قاسم إنها “توأم لسلاح المقاومة وهي جزء من الحماية لا يمكن لأي جهة التعرض لها”.من جهة ثانية، شدد قاسم على أن استعدادات المقاومة على أتمها لمواجهة أي عدوان اسرائيلي. وقال إن الحملة التحريضية التي يقودها النائب وليد جنبلاط ضد المقاومة لن تجدي نفعا حيث أن اسرائيل رغم ما تملك من معدات وعتاد لن تتمكن منها ، وأضاف إننا في حزب الله واثقون مما نقوم به ومتيقظون ومطمئنون وان هذه الحملات لن تؤثر فينا شيئا وفي المسير ضفدع ونقيق.[c1]نقولا:القرارات التي اتخذتها الحكومة تشكل إعلان حرب[/c]في هذا السياق أكد عضو تكتل “التغيير والإصلاح” النائب نبيل نقولا “أن القرارات التي اتخذتها الحكومة تشكل إعلان حرب وتدفع البلاد إلى حالة اللارجوع والإنفجار”.وأضاف نقولا ان “المعارضة فوجئت بمثل هذه القرارات على الرغم من توقعنا أن تقوم الحكومة بعمليات تصعيدية، لأن من بشرنا بصيف حار هو من أعطى الأوامر لهذه الحكومة لتأخذ القرارات”. ولفت إلى “أننا كنا نعول على ما تبقى من وطنية لدى هؤلاء الأشخاص كي لا يقدموا على قرارات بمثل هذا الشكل، لأننا لا زلنا في ظل دعوة إلى الحوار، لكننا قوبلنا من الموالاة بعملية تصعيدية ستأخذ البلد إلى الإنفجار”.واعتبر نقولا أن “كلام العماد ميشال عون يفسر على غير ما يقوله”، موضحا ً أن عون “لم يدع إلى إسقاط الحكومة عبر السلاح وإنما عبر تكاتف أرباب العمل والعمال في إضراب سلمي وديمقراطي، إذ ان ما وصلنا إليه تتحمل مسؤوليته الحكومة الحالية ومن سبقها على مدى 12 عاما”.[c1]الطائفة الشيعية ترفض الخروج على الدولةالسيد الأمين: تراجع الحكومة عن قراراتها مرفوض[/c] واستقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني المفتي الجعفري لصور وجبل عامل السيد علي الأمين، الذي قال بعد اللقاء: “كانت زيارة لسماحته أعلنت فيها التأييد للبيان الذي صدر عن سماحته بالأمس باعتبار أن البيان يشكل صرخة انطلقت من قلب مؤمن بوحدة المسلمين ومن خلال استشرافه لما يمكن أن ينجم من أخطار فحاول صاحب السماحة أن يستبق الأمور من أجل أن يجنب المسلمين واللبنانيين نار الفتن، وقد تم الحديث مع سماحته حول وحدة المسلمين بين السنة والشيعة واللبنانيين عموما، خصوصا في هذه الظروف العصيبة حيث لا يستفيد من الصراعات والنزاعات إلا العدو الإسرائيلي، ووحدة المسلمين سنة وشيعة هي بنص القرآن الكريم “إنما المؤمنون إخوة” ولا يجوز أن تنجر هذه الخلافات الى فتح أبواب الفتن التي يلعن الله سبحانه وتعالى من يسعى لإيقاظها ولإيقادها”.[c1]المفتي قبّاني: اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد[/c]لم يسبق أن اتّخذ مفتٍ للجمهورية اللبنانية مثل هذا الموقف الديني والوطني الحاسم. لكن الساعة حرجة.. و”الفاشيست” على الأبواب. لذلك خرج مفتي الجمهورية اللبنانية عن تحفّظه المألوف ليسمّي حزب الله “عصابات مسلّحة” تسعى “لاحتلال بيروت وانتهاك حرماتها” منبّهاً إلى أن “دولة إسلامية تتولى تمويل كل هذه التجاوزات”، مطالباً “العالم العربي والعالم الإسلامي” بالتدخّل.المفتي محمد رشيد قبّاني وجّه كلمته إلى “اللبنانيين” وليس إلى “السنّة”، وتحدّث باسم “وطننا لبنان ونحن له جميعاً”، وبإسم”مسلميه ومسيحييه”. هذا ليس خطاباً طائفياً. إنه خطاب رجل وطني يرفض الإحتلال الإيراني-الفاشي الذي يهدّد الجمهورية اللبنانية. مثل البطريرك صفير، والمفتي الشهيد حسن خالد، المفتي محمد رشيد قبّاني قائد من قادة المجتمع المدني اللبناني المقاوم للفاشية والاحتلال.لقد اختطف هذا الحزب مع الأسف الشديد قلب العاصمة بيروت منذ أكثر من عام، وحوله إلى معسكر لمسلحيه، وها هو اليوم يختطف مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويحاول أن يبتز الدولة اللبنانية، لتمرير مراقبة المطار، وتمرير شبكة الاتصالات التي يقيمها متجاوزاً الشبكة الرسمية للدولة اللبنانية. إنه من المؤسف ومن المحزن معاً، أن تتولى دولة إسلامية تمويل كل هذه التجاوزات، التي تسيء إلى وحدة المسلمين اللبنانيين، وهي الوحدة التي نعض عليها بالنواجذ، ونحرص على صيانتها وتجنيبها كل مكروه.إننا إذ نتوجه إلى أبنائنا وإخواننا وأهلنا في بيروت خاصةً، وفي لبنان عامةً للعمل على درء الفتنة المذهبية، والتمسك بوحدتهم الوطنية والدينية، نحذر في الوقت ذاته، من استمرار حزب الله، في الاعتداء على كرامة المواطنين، ومحاولة الهيمنة على الدولة ومؤسساتها، وتعطيل عودتها إلى الحياة الطبيعية. إنني من موقعي الديني والوطني، أناشد قادة حزب الله، أن يبادروا إلى سحب المسلحين من شوارع بيروت، وإلى فك الاعتصام الذي يخنق العاصمة، وأن يتقوا الله في أهلهم وإخوانهم ووطنهم.
أخبار متعلقة