المسـلمون في أمس الحاجـة للتفـاعل معه :
القاهرة / 14 اكتوبر / وكالة الصحافة العربية رغم أن التاريخ الاسلامي شاهد علي أن من بين المسلمين علماء نبغوا في كافة ميادين العلم الفكري والنظري والعملي ، إلا أن حال المسلمين اليوم ، وما طرأ عليه من ضعف يؤكد أنهم تراجعوا عن إعمال عقلهم في التفكير في قوانين الأشياء وفي الآيات الكونية ، مع أن أسرار القرآن ومعجزاته مازالت قائمة ولم تتكشف بعد ، لكن ·· في ظل الطفرة العلمية التي يشهدها الغرب اليوم والتي لم يحدث لها مثيل من قبل ·· هل آن الأوان للمسلمين أن يفيقوا من غفوتهم لإرساء دعائم نهضة جديدة تقوم علي العلم القرآني - وتنطلق منه إلي آفاق رحfة للرقي والتقدم ··علماء ومفكرون أكدوا أن المسلمين مدعوون اليوم يشاركوا بكل طاقاتهم في ذلك الركب العلمي الرائع ، ومطالبون بأن يثبتوا للعالم أجمع أن دينهم الحنيف هو أكثر الأديان احتضانا للعلم وتشجيعاً للعلماء ··المفكر الاسلامي د· عبدالصبور مرزوق يقول: إن أسلافنا قد استجابوا لتلك الدعوة ، فالتزموا بها ، وطبقوها في واقع حياتهم ، وما لبثوا خلال فترة وجيزة من الزمن أن أنشأوا حضارة رائعة ازدهر فيها العمران ، وتعددت المدارس والمراصد والمستشفيات ، ونشطت حركة التأليف والترجمة ، واتسع نطاق الآداب والفنون ، ولم يحدث خلال تاريخنا ان اضطهد العلم أو حورب العلماء بل إن العلم كان دائماً في المجتمعات الإسلامية موضع التقدير الكامل ، وكان أصحابه يرتقون به إلي أسمي المراتب وينالون عليه أجزل المكافآت ·· ثم جاءت فترة تقلص فيها العلم ، وجفت ينابيع المعرفة لدي الشعوب الإسلامية مما جعلها تدخل في ليل طويل من الجمود والتخلف ، وتزامنت تلك الفترة مع نهضة أوروبا التي أسرعت بحمل راية العلم وتطوير وسائل التكنولوجيا ، مما هيأها للسبق والغلبة ، وهنا راحت بعض الأصوات تتهم الإسلام ظلماً وجهلاً بأنه قرين التخلف مقيمة دعواها علي أحوال الشعوب الإسلامية دون أن تدرك أن هذه الشعوب ما تخلفت الا بسبب بعدها عن دعوة الإسلام الأصيلة إلي العلم والمدنية ·وأشار "مرزوق" إلي أن العالم يعيش اليوم طفرة علمية لم يحدث لها مثيل من قبل ، ففي السنوات العشرين الأخيرة قد تحققت الانجازات العلمية ما يفوق الذي تحقق علي مدي العشرين قرنا الماضية ، كما أكد علي أن المسلمين مدعوون اليوم لكي يشاركون بكل طاقاتهم في ذلك المركب العلمي الرائع ، وهم بدون شك أهل لذلك لكنهم مطالبون بأن يثبتوا للعالم أجمع أن دينهم الحنيف هو أكثر الأديان احتضاناً للعلم وتشجيعاً للعلماء ، وأن يوضحوا في نفس الوقت موقف الإسلام الصحيح ليس فقط من المشكلات المعاصرة ، وانما ايضاً من الانجازات العلمية الحديثة ، وما ينتج عنها من تأثير واضح في حياة الأفراد والمجتمعات ·[c1]معجزات طبية[/c]ويري المفكر الإسلامي د· محمد عماره أن الإنسان هو معجزة الله في خلقه ولذلك فالله يعلم كل ما يحيط به والسنة المشرفة هي امتداد لتعاليم القرآن الكريم الذي علم الأمة الإسلامية والبشر جميعاً مالم يكونوا يعلمون ، لذلك ظهرت الحضارة الإسلامية في كافة علوم المعرفة ودعت إلي علاج المرض بواسطة العلماء المؤهلين فقط ، وقد كان الإسلام ممثلا في السنة الشريفة أول من دعا إلي تقنين ممارسة الطب ، قبل أن يعرفه علماء القانون بأكثر من 1400 عام ، فقد روي أبو داود والنسائي أن رسول صلي الله عليه وسلم قال " من تطبب ولم يعلم منه طب ، فهو ضامن " وضا من أي مسئول مسئولية قانونية ، وروي مسلم في صحيحه أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال " لكل داء دواء ، فإذا أصاب الدواء الداء برؤ بإذن الله تعالي" ·وأضاف د· "عماره" أن القرآن الكريم تناول القضايا المادية والظواهر الطبيعية والسنن الكونية تناولاً فريداً ، فيجد العامي فيه حاجته والعالم ضالته والعبقري بغيته ، والذين يقولون بعلمية القرآن لا يقصدون انه كتاب فلك مفصل أو كتاب هندسة وانما يعنون ان القرآن إذا تعرض لآية كونية أو انسانية بغرض الهداية أو اتباع الصراط المستقيم ، ان عباراته تبلغ من الدقة مبلغ الصياغات العلمية الحديثة بل وتتعداها ·[c1]نهضة علمية [/c]ويقول د· سعد الحلواني أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر : التاريخ العلمي للمسلمين شاهد علي أن من بينهم علماء نبغوا في كافة ميادين العلم الفكري والنظري والعملي وأرسوا أسس حركة علمية وفكرية انتفعت بها الانسانية في تعاقب عصورها منذ أن كانت نهضة المسلمين العلمية انسانية في طابعها وفي أهدافها ·· والعلم في جملته تراث انساني ، لكن المسلمين انفردوا - فيما قرأت - بصقل وتهذيب علم الكيمياء ، وأضافوا اليه معارف وتجارب ، رفعته إلي مرتبة العلوم الأخري ، ولقد مهدت بحوث علماء الكيمياء المسلمين استخدام هذا العلم في تيسير سبل العيش للإنسان ، وخففت عنه آلام الحياة ·· وكان للمنهج التجريبي الذي سلكه أعلام هذا العلم المسلمون فضل كبير في خدمة الصناعة والزراعة والطب بل والفنون علي اختلاف أنواعها وأهدافها ، وهم بتجاربهم في البحث والاعتماد علي الأجهزة والآلات اللازمة للتقدير الكمي الدقيق قد اسهموا بقدر أوفي تأصيل هذا العلم وإرساء قواعده ·وأضاف د· الحلواني أن من العلماء المسلمين الذين أثروا في توجيه العلم ، جابر بن حيان الذي وصف بأنه أحد صناع التاريخ البشري والحضارة الإنسانية وأبو الكيمياء ، وأنه واضع أسسها ورافع عمدها ، وأعظم رواد العلوم التجريبية ، وهو أول عالم كيميائي في العالم استعمل - الميزان في تجاربه العلمية وصولا إلي وزن كل عنصر من العناصر الداخلة في المركب الكيميائي المراد إعداده وتحضيره ، ولم يستخدم علماء أوربا الميزان في تجاربهم الا بعد جابر بن حيان بنحو سته قرون أو تزيد وله نظريات وتجارب ساقها في كتبه ، ومنها كتابه "المعرفة بالصفة الالهية والحكمة الفلسفية" فقد كان جابر بن حيان وأمثاله من علماء المسلمين روادا وقادة في مختلف العلوم النظرية والتجريبية ، فهم أئمة في علوم الدين واللغة والطب والكيمياء والصيدلة ·أشار إلي أن من هؤلاء العلماء أيضاً أبو بكر الرازي وأبو منصور الموفق وقد وضعوا نماذج للمعمل وأدواته ما تزال بأشكالها وأسمائها سائدة في مجتمع أهل هذا العلم ، واستعان العلميون من المسلمين الأوائل بعلمهم هذا في استخدامات انسانية كثيرة ، حيث شاركوا في تحضير الأملاح والأدوية والروائح العطرية ، وأفادوا بها في صناعة الزجاج والورق والطلاء والسكر والجواهر الثمينة ، كما كان للعالم "مسلمة بن أحمد الجريطي الأندلسي" صاحب كتاب "المنهج القويم في البحث العلمي" فضل السبق في وضع قاعدة : نقاء المادة ، تلك القاعدة التي استفاد بها العلميون في السيطرة والهيمنة - بعلمهم هذا - علي كل مجالات الحياة والعلم الإنساني ·[c1]سر المادة[/c]يقول المفكر الإسلامي د· مصطفي محمود : منذ آلاف السنين ، ومن قبل أن يمتلك الإنسان معامله للطبيعة والكيمياء ومن قبل أن تتاح له فرصة التحليل العلمي للمادة ·· كان مشغولا باكتشاف سر المادة وتكوينها ، وكان يحاول أن يفض ألغازها وأسرارها بعقله المجرد بالنظر والتأمل ، بينما كان أهل الشطح من الصوفية يحاولون الوصول بالالهام ، وانه لأمر عجيب ومدهش أن نعثر في مخطوطة للصوفي المسلم جلال الدين الرومي منذ حوالي ألف سنة عبارة يقول فيها : لو فلقت الذرة لو جدت في داخلها نظاماً شمسياً ·وتساءل د· محمود : كيف وصل هؤلاء الناس بالهامهم إلي قلب الحقيقة هكذا دفعة واحدة ·· وبدون وسائل ؟ بل اننا لنري القرآن يشير إلي الذرة من ألف وأربعمائة سنة علي أن لها مثقالا ، ويقرر أن هناك ما هو أصغر من الذرة ، ومؤكدا بذلك أنها كتلة قابلة للقسمة "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر الا في كتاب مبين" ·ويري د· مصطفي محمود أن الكوارث التي نزلت بقوم عاد وثمود والتي فصلها القرآن يمكن أن تكون كوارث من نوع الانفجارات الذرية "انا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر" ، وقال سبحانه وتعالي "فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" هذه الدمدمة ، أو الصيحة الحادة التي تشبه ما نطلق عليه بالموجة فوق الصوتية ، وهي اذا كانت عالية جداً فإنها يمكن أن تحطم المادة وتفلق الذرة ، فتحدث انفجاراً ذرياً ·[c1]أسرار الخلق [/c]أما د· أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق فقال : لقد نزل القرآن علي قوم استماتوا في الصد عنه ، دفاعا عن أصنامهم التي كانوا عليها عاكفين ، وتعلقا بما آمنوا به من خرافات السحر والكهانة والتنجيم ، وأوهام الأزلام ، والتشاؤم من بعض الشهور ، ومن مرور بعض أنواع الحيوان ، وجادلوا عن ضلالتهم في طلب الحماية من ملوك الجان ، في الشعاب والوديان ، وهذا مثل من الضلال الفكري الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن ·وأضاف أن العرب كانوا أمة أمية ·· وبعد أن حثهم رسول الله > علي القراءة والكتابة ، والعلم والحساب لم يجدوا أمامهم من أدوات الكتابة الا الجلود ، والأحجار الرقيقة ، وعسب النخل ، وعليها كانوا يكتبون في ذلك العصر ، وعلي تلك الأمة نزل الوحي ، وفيه علم الله ، يصف أسرار الخلق في شتي الآفاق ، ويجلي دقائق الخلق في النفس البشرية يقرر البداية ، ويصف أسرار الحاضر ، ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات ·وتطرق د· هاشم إلي عالم البحار وأسراره التي لم يكتشف منها الا النذر القليل وقال : إن البحوث الحديثة قد توصلت إلي منطقة المصب التي تصنف علي أنها مزيج من الملوحة والعذوبة بالإضافة إلي مياه الأنهار شديدة العذوبة ، ومياه البحار شديدة الملوحة ، ويعيش في كل نوع من الثلاث أنواع من المياه كائنات حية خاصة ، بالإضافة إلي بعض الكائنات التي لها القدرة علي التكيف في منطقة المصب ، لا يمكنها الخروج من هذه المنطقة لأنها تحتاج لوسط مائي متناسب في ملوحته وعذوبته ·وقال عن وصف الحاجز بين البحرين في القرآن الكريم مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالي "مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان" وقوله تعالي "وجعل بين البحرين حاجزا" ، و "يخرج منهما اللولؤ والمرجان" فتشير الآية الكريمة إلى التقاء البحرين مع وجود برزخ بينهما يحدد الاختلاط بينهما ويجعله بطيئا علي الرغم من تعرضها للمد والجزر ·· دون أن يطغي أحدهما علي الآخر ، ويغير من صفاته ·· وأشار إلي أن القرآن قد فرق بين نوعي الحاجز ، كما ظهر في الدراسات العلمية الحديثة ووصف كل منهما وصفاً دقيقاً عند التقاء الأنهار بالبحار ، والبحار بالبحار ، وقد جاءت أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم لتحث المسلمين علي طلب العلم (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتي يرجع) وتجزل له المكافأة (ومن سلك طريقا يطلب فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنة)·