على قلتها مناسبات الأعراس التي أحضرها ويجبرني على حضورها الواجب، لأنني لا أميل إلى ضجة الفرق النسائية الغنائية التي لا تجيد الغناء بقدر ما تجيد قرع الطبول. لاحظت أن معظم النساء الحاضرات وخصوصاً الفتيات يلبسن حلياً جميلاً من نوع الفضة. هذا المعدن الذي عاد ليتوهج من جديد على صدور الغيد وخصورهن ومعاصمهن أضحى أكثر توقاً للنساء من الذهب إذ أصبح ينافس الذهب من حيث الإقبال ربما لأنه أقل كلفة من أخيه. وربما لأن الموضة العصرية اقتضت ذلك.ولكننا إذا ما عقدنا مقارنة بين الفضة الحالية ونقوشها ووزنها. سنجدها تختلف تماماً مع الفضة القديمة التي تصنع محلياً في اليمن بل إن القديمة منها تبدو أكثر جمالاً وأكثر وزناً وثقلاً من الحلي الفضية الحديثة التي يستوردها تجار الإكسسوارات من الهند.والفضة القديمة بنقوشها الجميلة كانت ومازالت نظراً لجودتها محط اهتمام الأفواج السياحية التي تزور اليمن لأنهم يميلون إلى القديم لما يحمله من دلالات الماضي والتاريخ والعراقة.بيد أن هذا الإقبال يجعلها تنقرض شيئاُ فشيئاً من أسواقنا. كما انقرض صائغوها فلم يعد إلا قليل من جيلنا هذا ممن توارثوا المهنة " الصياغة " من الجيل السابق من آبائهم. هذه مشكلة نواجهها حالياً مع غزو الفضة الهندية المجلوبة من الخارج ورغم عدم مقدرتها على منافسة الفضة اليمنية القديمة من حيث الجودة أي من حيث الوزن الثقيل والنقوش القديمة الرائعة، أليس حرياً بالدولة أن تشجع هذه المهنة وصائغيها على النهوض بها لمشروع جميل من خلال تقديم قروض مسهلة لهم لتشغيل أياد عاطلة عن العمل من ناحية وضمان جزء من تراثنا وموروثنا وإنعاشه من ناحية أخرى. مع الحرص على الاحتفاظ بالطابع الأصلي للنقوش لتغطية حاجة السوق المحلية وامتصاص ذلك الإقبال الشديد لنسائنا على اقتناء الفضة. وتغطية حاجة السياح الذين لا يميلون إلى القديم. مع عدم علمهم بذلك المثل الشعبي المتداول اليمني القائل " ما فضة إلا قديمي .
ما فضة إلا قديمي
أخبار متعلقة