ترجمة معيد / طارق السقاف عاش دانييل ديفوا في القرن السابع عشر وبدأ حياته كصحفي ، وكان الناس في تلك الفترة يهتمون كثيراً بآخراخبار ذلك الصراع الدائر بين الملك والبرلمان والذي استمر من عام 1642 الى 1646م ، وعندما اعتلى الملك تشارلز الثاني عرش انكلترا اثناء عودته من اوروبا كان الناس يتلهفون وبشدة لقراءة الصحف ومعرفة اخر الاخبار والاحداث المحيطة بهم ليس في انكلترا فحسب ولكن في كل البلدان المجاورة ، وكان الناس في ازدياد دائم لقراءة الصحف والمجلات الدورية الاخبارية . وكان ديفوا رائد تطور المجلات الاخبارية في عصره ففي عام 1704م بدأ باصدار مجلة سماها الريفيو The Review ، وبدأت بنشر اخبار عن فرنسا وكل اوروبا وكانت تصدر ثلاث مرات اسبوعياً وكان ديفوا يكتب معظم مواضيعها ، ومن خلالها بدأ يعبر عن آرائه السياسية الخاصة حول مواضيع شتى تخص انكترا وكذا كل القارة الاوروبية وكان لها صدى قوياً .لم يخطط ديفوا لكي يصبح اديباً او ناقداً ادبياً ، فقد كانت كتاباته تمتاز بالبساطة فكان دائماً يتحدث عن حقائق وليس عن خيال ، كما انه لم يهتم كثيراً بزخرفة لغته بالصور البلاغية والمحسنات البديعية مما تزخر بها عادة اللغة الادبية ، ففي بعض من كتاباته عبر عن وجهة نظره في المنشقين ( اولئك الذين تمردوا على افكار وسطوة الكنيسة ) وقال ان افضل طريقة لمواجهتهم هو اعدامهم ، في الواقع كان ديفوا نفسه منشقاً عن اراء الكنيسة وكانت كتاباته تهاجم الكهنوت الذين يريدون ان يفرضوا اراءهم بالقوة على عامة الناس ، وعندما ادرك الحزب الحاكم مواقف ديفوا بدأ بمعاملته بقسوة وقد اودعه السجن ، ولكن ونظراً لشعبيته الكبيرة قام الرأي المحلي بالضغط على الحكومة للافراج عنه وهذا ماحدث بالفعل بعد ستة اشهر . استمرت طريقته المبسطة والواقعية في الكتابة حتى دخل المجال الادبي ، وعندما كتب روايته الشهيرة (روبنسن كروزو) اعتقد القراء في البداية انها قصة حقيقية نتيجة لوصفه الدقيق والمثير للجزيرة وما كان يقوم به ، وكان لديفوا غرض لهذا الوصف الدقيق ، فنحن عندما نقرأ فقرة من الرواية وفيها يصف البطل كروزو بعض الحقائق مثل : (فقمت بقطع شجرة كبيرة جداً وكان قطر جزئها السفلي يبلغ 1.8 متر اما جزؤها العلوي فكان قطره اصغر اذ بلغ 1.5 متر قبل تفرعها الى فروع عدة ، وقد استغرق قطعي جزءها السفلي حوالي عشرين يوماً ثم اربعة عشر يوماً اضافية وانا اقوم بقطع الافرع ... ) لم تكن شخصية روبنسن حقيقية ، كما ان ديفوا لم يتعرض لتجربة مماثلة ، ولكن فكرة الرواية كانت قد اتت من خلال احداث تاريخية كانت قد حدثت ، ففي عام 1704م تشاجر رجل يدعى الكسندر سيليكريف مع قبطان سفينة كان على ظهرها العديد من البحارة ، كان هذا القبطان يدعى وليام دامبيير كما كان الكسندر بحاراً، ونتيجة لشدة الخلاف بينهما طلب الكسندر ان يترك السفينة وان يستقر على جزيرة نائية تدعى جوان فرديناندز وفي تلك الفترة كانت الجزيرة غير مأهولة بالسكان ، وبقي الكسندر هناك حتى عام 1709م عندما مرت سفينة - تحت قيادة الربان روجردز وبوجود دامبيير كضابط بحري - بتلك الجزيرة وجدوه واخذوه منها ، ولكن كان كل من الربان والضابط البحري شديدي الاستغراب لوجوده حياً بعد كل تلك المدة التي قضاها وحيداً على تلك الجزيرة النائية . اضاف ديفوا الكثير لقصة سيلكريف حتى خلق رواية روبنسن كروزو التي ألهبت خيال القراء والكتاب على حد سواء خصوصاً الشباب منهم ، ولايزال تأثير هذه الرواية الساحرة على القراء الى اليوم، ان رواية روبنسن كروزو تعتبر واحدة من الروايات الانكليزية القليلة الذائعة الصيت التي ترجمت الى جميع لغات العالم تقريباً واخيراً نقول ان شخصيتي روبنسن كروزو وجمعة ( الشخص الذي انقذه روبنسن من براثن آكلي لحوم البشر) تظلان ذواتي شهرة ذائعة في الكتابات الانكليزية .
|
ثقافة
دانييل ديفوا ورواية روبنسن كروزو
أخبار متعلقة