قصة قصيرة
كانت هذه البلدة يعمها الهدوء والسكينة، وعندما تشرق الشمس كان جوها يمتلئ بتغاريد الطيور وضحكات الأطفال، وكان سكانها يعيشون حياة بسيطة ويشتغلون بالحرف البسيطة كانوا سعداء.وفي يوم من الأيام جاء إلى هذه المدينةرجل غريب عن هذه البلدة طويل ونحيل يرتدي ملابس سوداء وقبعة سوداء حتى أن وجهه لا يكاد أن يرى، فهو لا يعرف أحداً ولا أحد يعرفه في هذه البلدة.وعندما وصل إلى البلدة نظر إليه الناس نظرة عجيبة لأنه لم يكن لديه ظل وعندما سأل الناس أين يمكن أن يجد مكاناً للراحة - في ذلك الحين صرخ أحدهم وقال أنه مسخ أنه زائل الظل فهو ليس له ظل وكذلك هو يزيل الظل من الأطفال والكبار أيضاً ويحولهم إلى مسخ.وعندئذ فر الناس إلى منازلهم وغلقت أبواب المحلات وأصبحت البلدة خالية تماماً من الناس فحزن الرجل حزناً شديداً لسماع ذلك.ومرت الأيام وهم على هذه الحال والرجل ينام في الشوارع في ذلك البرد القارس الشديد لا يجدمكانا يأوى إليه أو ما يأكله وكان في حال يرثى إليها.وذات يوم وجد ولدا صغيرا يبكي فذهب إليه ففزع الولد منه فقال له الرجل لماذا فزعت مني حين رأيتني؟ فقال الولد: يقال أنك مسخ وأنه ليس لديك ظل وأنك تحول الناس إلى مسخ وتجعلهم مثلك ليس لديهم ظل فقال الرجل : هذا كله كذب، ثم قال الولد : فلماذا إذاً ليس لديك ظل؟ ومن أنت؟ ولماذا جئت إلى هنا؟ فقال الرجل : اسمع يابني أنا لا أستطيع أن أرد على كل هذه الأسئلة وكل ما استطيع أن أقوله لك هو إني فاعل خير انتقل من بلدة إلى أخرى وامكث فيها شهر لأفعل الخير ثم اختفي شهرا ومن ثم أظهر في الشهر التالي في بلدة أخرى فقال الولد : ولكن أين تذهب حين تختفي؟ قال الرجل قلت لك لا تسألني عن أي شيء لأني لا استطيع الإجابة عليك.والآن قل لي لماذا كنت تبكي؟ قال الولد الصغير أنا أعيش مع أمي المريضة في بيت صغير وأنا أبيع الكبريت لكي أشتري الطعام والدواء فنحن فقراء واليوم لم يشترِ أحد مني الكبريت ولذلك بكيت.ثم أخرج الرجل من حقيبته نقود كثيرة وأعطاها للولد وقال له هذه لك ولكن بشرط أن تأخذني عندك في منزلك امكث فيه الأيام الأخيرة ومن ثم أرحل فقال الولد : أنا موافق..ثم أخذه إلى منزله وحكى الولد الصغير لأمه كل الحكاية ففرحت الأم بذلك كثيراً..فمكث الرجل في منزل الولد الصغير وكان يعطيهم النقود الكثيرة ومن ثم عالج الأم وأعطاهم نقودا لكي يشتروا منزلا جديدا وجعلهم يعيشون في مستوى أفضل مما كانوا عليه.ومرت الأيام ولاحظ الولد مدى طيبة هذا الرجل وسلم الرجل على الولد الصغير وأمه وقال له الولد : شكراً لك على كل ما فعلته فقال الرجل لا شكر على واجب ثم قال الولد: هل سأراك مرة أخرى؟ قال الرجل دعها للأيام.ثم رحل الرجل الغريب أو كما يقال له زائل الظل فحزن الولد حزناً شديداً على رحيله ثم خرج الناس من منازلهم ورأوا ما حل بالولد الصغير وأمه التي تعافت - من خير كثير - فسألوهم عن سبب ذلك فحكى الولد الصغير وأمه كل ما حدث وماذا قدم لهم زائل الظل الذي فروا منه عندما جاء إليهم ولو أنهم استقبلوه لحصلوا على الخير الكثير مثل ما حصلوا عليه من زائل الظل فندم الناس على ما فاتهم من ذلك الخير.سارة عادل محمود