مبدعون في الذاكرة
هذا السر لا يعرفه سوى خمسة أشخاص .. هم بلبل عدن الأسمر احمد قاسم والمخرج عادل صادق.. والمنتج أنور حامد والنجمة السينمائية زيزي البدراوي وأنا.والسر الكبير يصلح في حد ذاته مادة لقصة سينمائية وهناك مثل يقول "يا بخت من وفق بين رأسين في الحلال" ويا بخت فيلم حبي في القاهرة فهو التوفيق بين راسين في الحلال.فحينما سافر احمد قاسم مع صديقه أنور حامد إلى القاهرة من أجل انتاج فيلم سينمائي هناك ودار احمد ولف انور على كل استديوهات القاهرة ليتعرفا على هذا المجال الجديد الذي يخوضانه لأول مرة وهو مجال العمل السينمائي فهذه أول تجربة يجربها عدنيان في تاريخ عدن كلها ويطرقان باباً جديداً عليهما.فتجارة السينما تختلف عن تجارة الخضروات واللحوم والملابس لانها تجارة .. وقبل ان تكون تجارة فالأدب والفكر والفن هم اساسها الأول.وحفيت أقدامهما من اللف والدوران وبينما كانا يشاهدان فيلماً سينمائياً في التلفزيون.. وكان الفيلم مدته ساعة وكان فيلماً رائعاً سواء في اخراجه او تمثيله وقفز على الشاشة اسم مخرج الفيلم عادل صادق ودار حوار بين احمد وأنور عن هذا المخرج.. وتساءلا.. لماذا لا يكون عادل هو مخرج فيلمنا.وفعلاً اتصلا بعادل وحددا معه موعداً واجتمع الثلاثة او الفرسان الثلاثة.المنتج .. والمخرج.. والبطل ووجدوا في عادل نفساً شفافة.. وروحاً عالية ولم يتناقشوا في الأمور المالية وانما تناقشوا جميعاً في أسلوب العمل الفني.ولكن أين القصة؟ولحسن الحظ كان عادل يحتفظ عنده بقصة اراد ان يخرجها للسينما فعرضها عادل وكانت القصة مناسبة تماماً ولكن أيضاً من بطلة الفيلم؟!ودار حوار طويل بين الثلاثة حول بطلة الفيلم فاستعرضوا كل نجوم السينما المصرية ابتداءً من سعاد حسني حتى رفيعة هانم!هل.. هي سعاد حسنيويرد المخرج لا الدور لا يناسبها.إذن هل هي ماجدة.فيرد احمد دمها ثقيل!فلتكن سميرة احمد.فيرد انور سنها أكبر من الدورإذن فلتكن فاتن حمامة؟ولكن فاتن حمامة اجرها كبير بل انه أكبر اجر في السينما المصرية وهو ستة آلاف جنيه ومواردنا محدودة!وتاه الجميع وشردوا.. وفجأة نطق احمد باسم زيزي البدراوي.وقفز عادل من مكانه وصرخ هي زيزي.. هي بعينها لقد وجدتها!وحضرت زيزي وكانت ترتدي ثوباً أسود يظهر لون جلدها وتعانق مع لون بشرتها وهو لون النبيد المخلوط باللبن وشعرها الأسود كأنه شلال اسود وعيناها قطعة من جزر هاواي معلقة في السماء.ووقف الفرسان الثلاثة أمامها مبهوتين مفتونين بجمالها!احمد قاسم يشد شعره ويردد ياهوه.انور يقول .. يانور النبي..عادل أصبح صنماً لا شعور ولا احساس اللهم الا نظرة بلهاء استقرت على وجهه ويقطع انور الصمت المفاجئ وغمز يقول:ياعيباه!وحينئذ انطلق احمد يغني بصوته العذب أغنية ياعيباه وتراقص الجميع مع الأغنية وكانت رقصة الفالس!ورحبوا جميعاً بزيزي.. فقال لها احمد:لاول مرة أرى كليوباترة أمامي بلحمها ودمها.فشكرته زيزي على تحيته الرقيقة، ولكن احمد يتمادى أنت يازيزي كالاسترليني أنت العملة الصعبة وكل الممثلات بجوارك ملاليم.وجلس الجميع وبدأ حوار مثير! وكانت بداية الحوار أكثر اثارة فقد اشترطت زيزي شرطاً اساسياً فقال لها احمد كل شروطك موافق عليها مقدماً!قالت: شرطي هو ان لا يقبلني بطل الفيلم.وهنا كان عادل الذي يدق قلبه دقات عنيفة يقفز من على مقعده وأعلن طبعاً لن يكون هناك قبلات في الفيلم، الفيلم كله احتشام وأدب.فيرد احمد في حيرة وقد خابت آماله ولكن لماذا ترفضين القبلات يازيزي اليست كلها تمثيل في تمثيل؟فيقاطعه عادل لا يا استاذ مهما كانت القبلات تمثيل إلا أن لها رد فعل!واستسلم احمد للشروط بعد ان ابتسمت له ابتسامة رقيقة بينما سكت انور حامد والتزم الصمت كما هي عادته وكانوا يسمونه ( الصامت( واتفقوا جميعاً على التصوير!ولكن كيف يبدأون التصوير في قصة الفيلم وهناك قصة أخرى كانت بدايتها حكاية هذا الفيلم.بدايتها من نار!والنار اشتعلت وارتفعت السنة لهيبها في قلب زيزي البدراوي والمخرج العاشق الولهان عادل صادق فكانت عيونهما تشتبك وتتعانق في سرعة ثم يتبادلان حديث القلوب الصامت النابض.فقد اطلق كيوبيد سهامه وبدأت الدنيا تتحرك.. دنيا الحب الذي تلين أمامه اقسى القلوب حتى ولو كانت من الصخر.فكان عادل يجلس إلى زيزي ويقرأ لها حوار الفيلم وكان يتلعثم عند كلمات الحب والغرام بين البطل والبطل.وفجأة وضع عادل الاسكربت وجلس الى زيزي ليعترف لها لأول مرة.فقال لها: زيزي ان في عينيك سراً.فقالت وما هذا السر؟قال: انه سر هوانا وهو غير خافٍ.فأجابت في رعشة رقص لها قلبها الكتمان يردد فيهماثم ماذاثم ان الكتمان يدلي لك باعترافه.ولماذا لم تعترفي لي.حتى تعترف لي.والان قد اعترفت فهل توافقين.أوافق على ماذاعلى زواجي منك!وهناك أدركت زيزي الصمت فارتفعت حمرة الخجل لتستقر على وجنتيها وتكسوهما جمالاً.وهنا قال عادل ما أروع الخجل على وجهك.فاطرقت زيزي إلى الأرض في اغراق عنيف.وهناك أمسك احمد بالعود وهو يتراقص ليغني مش مصدق .. مش مصدق.وفي صمت شديد تحرك انور إلى التليفون وحدد موعداً مع المأذون وبدأ الاستعداد لعقد القران.وتحدد الميعاد.وبين زغاريد أهل العريس والعروسة كانت الزغاريد تنطلق من افواه احمد وانور ودقت الدفوف واخذت الراقصة المعروفة سهير زكي تتراقص على موسيقى الدفوف.. فتفخر باثدائها وتتكلم بعينيها وتغني بساقيها وتحتج باردافها فامسك احمد بالعود.وانطلق الرجل الذي يظنونه صامتاً وهو انور حامد ليغني أغنية فريد الاطرش المعروفة.دقوا المزاهر ياللهوأمسك عادل بالقلم ووقع عقد القران وقبل ان يضع القلم وضع انور امامه عقد الفليم بتوقيعه وكذلك وقعته زيزي واحمد.وبذلك وضعت كلمة النهاية لقصة حب توجت بالزواج.ثم..بدأوا الاستعداد للتصوير.وهناك في الاستديو رأيت احمد قاسم يقف أمام وحش الشاشة محمود المليجي ويقول له المليجي .. ان بدايتك في الأداء السينمائي جيدة.ورأيته مع الوحش الآخر توفيق الدقن الذي قال له ان هذه البداية موفقة تماماً وحينما وقف أمام نجم الكوميديا عبدالمنعم ابراهيم كان ثابتاً كممثل قديم.وحينما وقف أمام زيزي البدراوي وأمامهما الكاميرا وبدأ التصوير ودار الحوار بينهما وكان الحوار عاطفياً .. فنسى احمد نفسه ومال على زيزي وحاول تقبيلها وهنا صرخ عادل صادق بسرعة.. ستوب.. ستوب.. ستوب أما قصة الفيلم .. فهي قصة مثيرة.. مثيرة.. مثيرة.ولتعرف فيه كيف استطاع احمد ان يقنع عادل بتقبيل زيزي ولكن بعد طلوع الروح!واقرأ المقال من أوله.