إعداد الدكتور/ محمد أحمد الدبعيإن أول وباء لأنفلونزا(H1N1) انتشر بين البشر حدث في عام1918م حيث ثبتت إصابة الخنازير بالعدوى والبشر معاً إلا أنه لم يثبت بشكل قاطع من هو المتلقي للعدوى آنذاك،وتم التعرف على أول فيروس كمسبب للأنفلونزا لدى الخنازير عام1930م ،وخلال الستين سنة التي تلت هذا الاكتشاف كان فيروس(H1N1) هو الفيروس الوحيد المعروف بأنفلونزا الخنازير وفي تلك الأعوام السابقة ظهرت أنفلونزا كانت تسمى بالأنفلونزا الأسبانية التي تسببت في وفاة ما يقرب من خمسين مليون شخص أصيبت به أيضاً الخنازير في الفترة نفسها.وبين عامي1997م و2002م تم التعرف على ثلاث نمطيات جديدة من فيروسات أنفلونزا(H1N1)في أمريكا الشمالية،أما بين1997م و1998م أنتشر فيروس(H3 N2) الناتج عن عملية إعادة تشكيل الفيروس من فيروس يصيب البشر وآخر يصيب الطيور والخنازير ومنذ ذلك الحين يعتبر الفيروس H3 N2) أحد المسببات الرئيسية للأنفلونزا لدى الخنازير في أمريكا الشمالية.من ثم بدأ ظهور وانتشار عدوى أنفلونزا (H1N1) من جديد بين البشر في فبراير2009م في المكسيك حيث عانى عدة أشخاص من مرض تنفسي حاد غير معروف المنشأ وأدى المرض إلى وفاة طفل يبلغ من العمر4سنوات فأصبح أول حالة مؤكدة للوفاة بسبب الإصابة بأنفلونزا(H1N1).[c1]سريان الإصابة[/c]لا ينبغي الخلط بين شدة المرض وبين سريانه،لأن أنفلونزا(H1N1) لديه قدرة عالية على السريان بين البشر،لكن ظهوره لدى معظم الحالات - حتى الآن- يبدو خفيفاً أو متوسطاً.أما الحالات الحادة فيمكن وصفها بالخطرة ويسفر عنها الوفاة،حيث لا تتعدى نسبة الوفاة بين حالات الإصابة سوى (1 - 4 %) .[c1]كيفية العدوى[/c]أنفلونزا(H1N1) كغيره من أنماط الأنفلونزا الأخرى ينتقل من خلال عطس أو سعال المصاب بالمرض أمام الآخرين من دون استخدامه للمناديل الورقية لدى اختلاط قطيرات السعال أو العطس للمصاب بالمرض مع الهواء الذي يستنشقه الأشخاص المحيطون بالمصاب فتنتقل إليهم العدوى.كذلك عند وقوع رذاذ العطس أو سعال المصاب على الأسطح والأشياء ومن ثم لمسها باليدين من دون غسلهما جيداً بالماء والصابون ومصافحة الآخرين أو عند لمس العينين أو الأنف أو الفم.وأنفلونزا(H1N1) ليس من الأمراض التي تنتقل عبر الماء أو المشروبات،وإنما كسائر فيروسات الأنفلونزا ينتقل فيروس هذا المرض عن طريق رذاذ الجهاز التنفسي عند العطس أو السعال.وللحيطة والحذر من العدوى يُنصح الناس بعدم استعمال الكؤوس أو الزجاجات أو الأكواب التي يستعملها غيرهم.كما لا ينتقل المرض عن طريق الطعام.[c1]أعراض المرض[/c]لا تظهر أعراض الإصابة بفيروس(H1N1) مباشرة،وإنما يمر المرض بفترة حضانة قد تصل إلى أسبوع،ولا تختلف هذه الأعراض عن علامات الإصابة بالأنفلونزا الموسمية،وتشمل:-- السعال والإجهاد الشديد في العضلات- الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة الجسم- الصداع- الرشح من الأنف- التهاب واحتقان الحلق- القيء والإسهال
[c1]التقييم الوبائي[/c]توصف مشكلة أنفلونزا(H1N1) من حيث درجة وخامة انتشار هذا المرض بالمعتدلة وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية.كما خففت منظمة الصحة العالمية درجة الإنذار لهذا المرض حتى لا تتعرض البلدان لشلل تام وتتعطل مصالح الناس.فالمرض ليس فيه من الخطورة التي يمكن وصفها بالجائحة حالياً،ومعظم حالات الإصابة خفيفة ومتوسطة بإمكان هذه الحالات التماثل للشفاء،ووحدها الحالات الوخيمة تقود إلى الوفاة في أسوأ الأحوال.حيث تشكل نسبة الوفاة بهذا المرض عموماً ما بين(1 - 4 %).وتشير السجلات التاريخية إلى أن بعض الجوائح أستمرت عدة أعوام،وبعدها قد يصبح الفيروس المسبب للجائحة أحد فيروسات الأنفلونزا الموسمية.وبالتالي لا يمكن التنبؤ بحدوث جائحة أنفلونزا(H1N1) في هذه المرحلة،في حين أن أبرز ما يواجهه الإنسان من مشكلة لدى الإصابة بهذا المرض الجديد أن الجهاز المناعي له لم يتعرف بعد على هذا المرض،بينما يعرف تماماً الأنفلونزا العادية وقادر على مكافحتها من البداية حتى التماثل للشفاء من دون حاجةٍ في معظم الحالات إلى معالجة دوائية.[c1] -أوجه الاختلاف في الأنفلونزا [/c]ثمة فرق بين فيروسات الأنفلونزا البشرية(الموسمية)،وبينها من جهة أخرى وبين الأنفلونزاH1N1A) التي يطلق عليها خطأ أنفلونزا الخنازير.حيث تسري فيروسات الأنفلونزا الموسمية في البشر وتنتقل من شخص إلى آخر،ويمكن أن يصاب بها أي شخص في فئة عمرية.كما تسبب الأنفلونزا الموسمية أوبئة سنوية تبلغ ذروتها في الشتاء.غير أنها تمثل مشكلة خطيرة من مشكلات الصحة كونها تسبب اعتلالاً وخيماً ويمكنها التسبب بوفيات بين الفئات السكانية المعرضة بشدة لخطر العدوى،كالرضع والمسنين والمصابين بأمراض مزمنة،والتطعيم بدوره أكثر السبل فاعلية للوقاية من عدوى الأنفلونزا الموسمية.بينما فيروس الأنفلونزH1N1A) الجديد كان قد سمي خطأ في السابق(أنفلونزا الخنازير) حين أظهرت الاختبارات الأولية التي أجريت في المختبرات تشابه العديد من جينات الفيروس إلى حدٍ بعيد بجينات فيروسات الأنفلونزا الحيوانية التي تحدث- عادة- في الخنازير في أمريكا الشمالية،ثم ثبت في وقت لاحق وبوضوح أن الفيروس الجديد(H1N1A) يجمع بشكل فريد بين جينات الخنازير والبشر، وهو أمر لم يكن مشهوداً من قبل.[c1]متطلبات المعالجة[/c]استخدام الأدوية المضادة للفيروسات التي ثبت فاعليتها في علاج حالات الإصابة بأنفلونزا (H1N1) يسمح به فقط للمرضى المصابين، ووحدهم الأطباء من يقررون هذا العلاج متى وجدت حاجة إلى وصف الأدوية لمن لديه أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا، ونؤكد هنا على عدم استخدام الادوية خلافا لوصف الطبيب.أما أن يقوم أحد من تلقاء نفسه بشراء أدوية مضادة للفيروسات، لا سيما إذا كانت الأدوية مهربة أو لشركات تصنيع غير معتمدة، فإنه يرتكب خطأ فادحاً ولن يكون شراءه إلا لأدوية رديئة أو مغشوشة أو منتهية الصلاحية قد تعرض صحته - لدى استعمالها - لأخطار جسيمة.ومن المهم للمواطنين معرفة أن الاستعمال العشوائي للأدوية المضادة للفيروسات يمكن أن يعمل على اكتساب الفيروسات مقاومة ضد هذه الأدوية.وفي بلادنا حرصت وزارة الصحة العامة والسكان على تأمين عقاري (تام فلو) و (فلو فلاي) لعلاج الأنفلونزا (H1N1) بكميات مناسبة تحسباً لانتشار المرض، لا سمح الله.وللعلم فإن معظم الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى الأنفلونزا حتى الآن شفوا من مرضهم، في حين أن مستويات حالات المرض التنفسي الوخيم مماثلة سريرياً إلى الآن للمستويات التي شوهدت خلال تفشي العدوى بالأنفلونزا الموسمية، وليس صحيحاً القول بأن زيادة عدد الحالات المؤكدة مخبرياً تقتضي وقف الأنشطة اليومية وتعطيل حركة السفر بيننا وبين البلدان الأخرى، لا سيما وأن بلادنا ممثلة بوزارة الصحة العامة والسكان قد فعلت خططها وإجراءاتها للتصدي للوباء.كما إن معظم حالات الإصابة الخفيفة حول العالم تماثلت للشفاء من دون تناولها لدواء مضاد للفيروسات أو حتى خضوعها لرعاية طيبة من نوع خاص.
[c1]تأمين اللقاح المضاد[/c]لا يتوافر حالياً لقاح مضاد لفيروس أنفلونزا (H1N1) لكن العالم يترقب تصنيع لقاح مضاد لهذا الفيروس، واقترب تحقيق ذلك. فهنالك جهود تبذل من مختلف شركات تصنيع اللقاحات لإنتاج لقاح جديد بكميات كافية لتغطية الاحتياج العالمي.علماً بأن التوصل إلى لقاح جديد للأنفلونزا يستغرق فترة تتراوح بين (5 - 6 أشهر).وأود أن أشير هنا إلى أن اللقاحات تحتوي - عاده - على شكل ميت أو مضعف من الفيروس الساري، واللقاح بدوره يعد الجهاز المناعي للجسم للدفاع من العدوى الحقيقية.وحتى يتسنى للقاح تأمين القدر الأكبر من الحماية ينبغي للفيروس المعد في اللقاح أن يكون متوافقاً وثيقاً قدر الإمكان مع نمط الفيروس الساري.[c1]الإجراءات الوقائية والاحترازية[/c]للوقاية من عدوى الإصابة بفيروس الأنفلونزا (H1N1) ينبغي للناس التقيد بما يلي:- تجنب المخالطة المباشرة للأشخاص الذين يبدون متوعكين ويعانون من حمى وسعال، وعدم مصافحتهم أو عناقهم أو تقبيلهم.- الحرص على تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي لدى سعالهم وعطسهم وأن يتخلصوا من المنديل على نحو سليم فور استعماله برميه في القمامة.- وجوب غسل اليدين جيداً وبانتظام بالماء والصابون.- عدم لمس العينين أو الأنف أو الفم مباشرة قبل غسل اليدين جيداً بالماء والصابون لتلافي انتقال العدوى.- تجنب استعمال المتعلقات الشخصية للمصابين، كالمناديل والمناشف. - عدم الشرب من الكؤوس أو الزجاجات أو الأكواب الخاصة بالآخرين.- اتخاذ المصاب بأعراض الأنفلونزا مسافة فاصلة لا تقل عن متر إلى مترين بينه وبين غير المصابين بالمرض.- ينبغي لمن لديهم أعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا التماس المشورة الطبية فوراً، وألا يتناولوا أدوية لم يصفها طبيب مختص.ويتعين على جميع الأشخاص القادمين من دول ينتشر فيها مرض الأنفلونزا (H1N1) أو من خالطهم من المسافرين من تلك الدول، ثم تبين لديهم أعراضاً شبيهة بأعراض الأنفلونزا، عليهم أن يلتمسوا الرعاية الطبية ويبلغوا على الفور غرفة عمليات الأنفلونزا بوزارة الصحة العامة والسكان على الأرقام التالية: (562659 /01 او 562658/ 01).وبالنسبة لاستخدام الكمامات هناك نوعان رئيسيان من الكمامات أحدهما لاستخدام عموم الناس والآخر خاص بالعاملين الصحيين، وما يهمنا هنا هو إتباع القواعد السليمة لاستخدام الكمامات والتخلص منها بطريقة صحية مخافة أن تصبح مصدراً للعدوى. وما لم تكن مريضاً فلا داعي لارتدائك الكمامة،أما إذا كنت ترعى أحد المرضى فيمكنك ارتداء الكمامة عند مخالطتك له بشكل مباشر،وعليك خلعها والتخلص منها بعد ذلك مباشرة،لأن استعمال الكمامة الواحدة لمرة واحدة فقط،ثم تبدل بأخرى جديدة،وعقب خلع الكمامة يجب غسل اليدين جيداً بالماء والصابون.إذا كنت مريضاً ومضطراً إلى السفر أو الاختلاط بالناس فيجب عليك تغطية فمك وأنفك،وأعلم أنك عندما تضع الكمامة فلا بد أن تتجنب لمسها إلا إذا قررت نزعها أو التخلص منها،ومن ثم لابد من غسل يديك جيداً بالماء والصابون.وفي حال أن وجدت رطوبة على الكمامة يتم تبديلها على الفور بكمامة جديدة ونظيفة.في الختام..إن سلوك الناس يمكن أن يؤثر تأثيراً إيجابياً أو سلبياً على حجم تفشي الأنفلونزا(H1N1) وما يسفر عن انتشارها وتفشيها من نتائج وتداعيات- لا سمح الله- ولابد من التصدي للأنفلونزا(H1N1) والحد من تهديد هذا المرض للصحة،وهو ما نعتبره مسؤولية ملقاة على عاتق كل فرد في المجتمع،والتزود بالمعرفة والإجراءات الوقائية هي الوسيلة الأنجع للحماية وتجنب الإصابة بهذا الداء.* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان