ترجمة معيد/ طارق السقافإن جين إير هي عنوان لرائعة أدبية تحكي معاناة طفلة بائسة تدعى جين إير، وكانت طفولتها مليئة بالمعاناة والألم، لقد قست عليها الطبيعة وكذا المجتمع في آن واحد، فقد ولدت يتيمة الأبوين، كما أنها كانت فقيرة، وكانت قد وجدت نفسها وحيدة في عالم الرجال، ومازاد الطين بله أن جين لم تكن جميلة، وكان المجتمع ينظر إليها كشخصية مهمشة لا اعتبار لها لا لشيء إلا لأنها فقيرة ولا تتمتع بالجمال الفتان. ولكن بطلة الرواية ترفض الخضوع لهذا المجتمع القاسي الذي لايقدر إلا المادة والجمال الظاهري، رفضت أن تخضع لجبروت زوجة عمها، وكذا لنعجهية بعض المدرسات في داخلية لوود التي اتجهت إليها لتهرب من جور وبطش زوجة عمها التي لم تف بوعدها لزوجها في رعايتها لابنة أخيه قبل وافته. رفضت جين المكانة البسيطة التي حاول المجتمع أن يعطيها، وطالبت المجتمع بأن يقبلها كما هي دون رتوش أو زخرفة، أن يقبلها كشخصية عادية في مجتمعها ولكنها على الأقل تملك زمام شخصيتها ورفضها الانصياع للظلم، أن يقبلها كامرأة غير فاتنة ولكنها تستحق أن تحب كإنسانه لها كيان مثلها في ذلك مثل جميع فتيات سنها.إن هذه الرواية ما هي إلا صرخة إنسانية ضد المجتمع الذكوري الذي ينظر بدونية المرأة، ضد من يرون أن المرأة لا مكان لها سوى البيت، وأن لا وظيفة لها سوى انتاج أكبر قدر ممكن من الأبناء لسيدها الرجل، إنها ضد من ينظرون للمرأة أنها مخلوق ناقص. لقد برعت شارلوت برونتي مؤلفة الراوية في تصوير معاناة الطفلة جين، ما جعل هذه الراوية تعتبر من أهم وأروع الروايات الكلاسيكية في الأدب الانكليزي في العصر الفيكتوري.ولدت شارلوت ببرونتي عام 1816م وكان ترتبيها الثالثة بين شقيقاتها، أما والدها ريفرند باتريك برونتي فقد كان يعمل (قس) في كنيسة بانكلترا، وكانت عائلتها من الأسر المحافظة جدا، كما كانت حياتها فيها الكثير من الموانع والقيود خصوصا تجاه المرأة، إذا أنها عاصرت التغيرات التي بدأت بمصاحبة الثورة الصناعية التي كان لها الأثر الأكبر في تغيير حياة الناس. كانت كثير من كتابتها تعبر عن معاناة المرأة وطالبت بحقوقها ولكن ليس عبر الأطر السياسية ولكن من خلال أدبها وروايتها التي كان لها صداً عظيماً ليس على مستوى المرأة فحسب ولكن على صعيد الأدب الانساني العالمي.وكانت رواية جين إير هي قمة إبداعها الأدبي التي صورت فيها ببراعة معاناة المرأة في المجتمع الذكوري خصوصاً في العصر الفيكتوري، وأنصحك عزيزي القارئ بقراءة هذه الرواية حتى تدرك وتستمتع بأبعادها الاجتماعية والإنسانية .