التعامل مع الإعلام فن يحتاج إلى ذكاء، وبديهة، وحضور طاغ، مسنود بثقافة واسعة، ودراية شاملة بمضامين كثيرة في الوعي العام، ومشكلات المجتمع، واستشرافات المستقبل، والتحولات الاجتماعية، ومستجدات أنماط حياة العصر والإنسان، وحرص مطلق على تماسك الوطن، ووحدته الجغرافية والسكانية، وصيانة مكتسباته الوطنية والتنموية والفكرية، وتآلف جميع شرائحه وأطيافه في توجّه نحو تكريس الهوية، والانتماء، والولاء. والتضحية من أجل أن يكون التاريخ والجغرافيا، تميّزاً، وتطلعاً، واستشرافاً، محفورين في ذاكرة الأجيال كتاريخ مبهر بالنضالات، وجغرافيا متماسكة تشتغل بهَمّ النمو والتنمية، وإنسان عصيّ على كل أساليب ومحاولات الاختراقات في وحدته، وتماسك نسيجه، واشتغاله بالإنتاج، والدخول في «ورشة» التطوير، والبحث عن مكانة مميزة تحت الشموس الأخرى. التعامل مع الإعلام، وبالذات المرئي يحتاج إلى كل هذا، وأكثر من هذا، وبالذات القدرة على اختيار اللغة، والمفردة، والتميز في الحوار وسرعة البديهة التي تستطيع أن تقوم بعملية «فرز» بين سؤال «ملغوم» وخبيث يراد منه توريط المتحدث إلى الناس في مسائل تثير الانقسامات، والصراعات، وبين أسئلة صادقة وبريئة تدور في محاور ثقافية، أو اجتماعية، أو فقهية. الإعلام، والعدسات، والأضواء، والكاميرات مغرية جداً، وجاذبة للكثير الذين يبحثون عن مساحات وفضاءات من الانتشار. غير أنها - أيضاً - أفخاخ قاتلة إذا نحن لم نعرف التعامل معها، ونتواضع بحيث نتذكّر دائماً علي بن الجهم وهو يقول: «وما كل من قاد الخيول يسوسها [c1] *** [/c] وما كل من أجرى، يقال له مجري» وقول الحسن بن هانئ: «فقل لمن يدّعي في العلم فلسفة [c1] *** [/c] حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء» وأحسب أن لا أحد في المطلق يمكن له الادعاء بامتلاك الحقيقة، والحقيقة ضالّة المؤمن. غير أن الإعلام هو «غواية» العصر الحديث بكل ما يعطيه، أو يوحيه للفرد من شهرة وهنا يكون المقتل ، إذ أن الوقوع في منحدرات وعرة، وشائكة المسالك والدروب بدون أن يتوفر الوعي والذكاء في تجاوزها، والتعامل معها. فذلك ما يمكن أن يكون السقوط المريع. إذن: يجب أن نفكر كثيراً قبل أن نتعامل مع الإعلام، ونطلق آراءنا، وأفكارنا، فما كل من أجرى يقال له مجري. ولا أريد أن أضرب الشواهد والأمثلة..!؟[c1]*عن/ جريدة( الرياض ) السعودية[/c]
|
اتجاهات
حفظتَ شيئاً وغابتْ عنك أشياء..!؟
أخبار متعلقة