الشاعر عبد القادر فدعق
محمد نعمان الشرجبي : عبد القادر فدعق شاعر تقرؤه فتعرف أنه بدأ بداية صحيحة في قول الشعر بما مكنه من مسامرة الهوى والهواء تحت برودة القمر في إنتظار طلوع الفجر الندي، حتى شروق الشمس ولا تعنيه المسافة كما رأيناه في غنائيته ( تطول المسافات بيني وبينك ) لا تشكو للرمل تمشي عليه بأقدام غير دامية النشيج تتكسر تحت قدميها حبات الرمال وآخر التطواف تستريح على محطات أريج الوصال . لنبدأ بما وصل إلى الشاعر من أنباء عشقية عن الشاعر مسرور: مسرور مبروك اجتنا أشاعة أنك في الحب صونت قلبك وأقفلت بأبه من بعد أعوم هام بضياعه وعانى من أحزان وهموم شلت منه صوابه هل هي حقيقه بصدق وقناعه قررت تقنع أم ذا قرارك مجرد سحابه ؟ ألا ترى معي أنه أسقاط جميل على ماضي ذات الآخر وكأنه عائد من سفر قديم بأجابه للحاضر من سؤال وجهه للشاعر مسرور مبروك بإحساس قوي الأثارة ما الحب ؟ فتحس في إجابة مسرور أن الحب بعض من تخيلات الخلائق يهيم فيه اكثرهم إلا أن النظرة الأولى في الحب عند مسرور تختلف ، وكل له عذر لنقرأ : يريد البدع من عندي [c1] *** [/c] يباني بث له وجدي وأنا ماشي جسرت أبدي [c1] *** [/c] خبر ذا الباب بندته ومن الإجابة تحس أن سؤال فدعق لمسرور وقع على نفسه كمن يستعد لهجوم الليل والظلام الذي قضى على ماتبقى من خيوط الشمس الأمر الذي دفع بمسرور إلى كتمان سره وكأنه في نهر وجد الهوى خائف من حفاوة النيران أو مضيع لا ندري . وأحسب أن الشاعر فدعق أدرك تردد وامتناع مسرور عن الإجابة تساؤله ورآه كمن يحاول إخفاء مشاعره الحقيقيه أو أنه من الصعب عليه البوح بأسراره مما دفع بالشاعر عبد القادر إلى اتباع أسلوب آخر في الحديث مع مسرور حديث أقرب إلى المواساة لعل وعسى ، إذ قال له بعد سحابة خفيفة المزن: باتمر وبيعود للحب متاعه [c1] *** [/c] في كل حياتك وبتعود تشرب حالي شرابه وبيعود قلبك ثاني لطباعه [c1] *** [/c] يعشق ويهوى ويسري مساري الليل وصحابه حديث المواساة هذا .. شعر ربما كان يجوس داخل أروقة روح الشاعر مسرور تحركها مرة وفي أخرى تجر وتهز شوقها خارج مدار شكوى الزمان إلى داخل محراب ( واشرح هواك فكلنا عشاق ) فبدأ مسرور يعتدل في الحديث بخطوة أولى في التسليم بالإعتراف بأمر الحب قائلاً: كتمت الحب في قلبي [c1] *** [/c] وخلي دايماً جنبي ولابينت له حبي [c1] *** [/c] بحب مايوم فاتحته وقلبي قال لي قله [c1] *** [/c] وصرح له بحبي له كفاني الصبر ذا كله [c1] *** [/c] صبر صبري تجرعته يستمر فدعق الشاعر مجتهد في استقراء للحالة العشقية لا ستخراج مابقلب مسرور من هوى وجوى مرة يستقرىء وفي أخرى يسأل وكأني به يقول لمسرور دعني أعرف من أنت وكيف حالك ، والهوى أم أنك في حالة من التيه معنى وحدك بسبر غور هواك وتخفيه في آن تنظر للحب كما هو عليه تارة ، وعلى غير ماهو عليه تارة أخرى . ثمه أمر آخر لربما تخيلت أن وميض العشق سيكون سبباً في القضاء عليك وهذا واضح من قولك : وأنا ماشي قدرت أبدي [c1] *** [/c] خبر ذا الباب بندته ولا أظنك إلا معفراً بالعشق متسربلاً داخله ، أليس كذلك؟ وبتقول سمعاً وطاعه لمن قد تولع قلبك بحبه وأن لغيابه هل هذا قرارك خذته بساعهأم هو في ثاني يوم فؤادك ضيع شبابه من حب يشتريه لا حب باعه واصبحت شارد من كل شارد يسحر شهابه وأحسب أن ( فدعق ) يهمس في أذن مسرور الشاعر لا مسرور السياف ( إذا دعني أهزك بلطف لأسمع منك الإجابة ) وعلى قدر درجة حب مسرور تأتي الإجابة هكذا:بما قلبي حكم طعته [c1] *** [/c] ولايمكن مخالفته صدر أمره ونفذته [c1] *** [/c] حبيب القلب صارحته صراحه قلت له حبك [c1] *** [/c] أنا هايم ومغرم بك فهل لي حب في قلبك [c1] *** [/c] وقف لحظه على السكته وعيني كلمت عيناه [c1] *** [/c] تفاهمنا أنا واياه وصارحني بما أخفاه [c1] *** [/c] وعانقني وعانقتهومن الجائز أن رسمت الإجابة على ملامح فدعق الشاعر علامات الرضا والفرحة وربما لاقتناعه بأن ( مسرور ) أصبح يجني من الأحلام عنا قيدها عقب دخوله جنة ورود الأحلام فما كان من لسان حال فدعق الا البوح لمسرور بالتالي : أما فؤادي يأبى امتناعه [c1] *** [/c] عن الحب وأن جف نهره بااتبع حتى سرابه خاتمة المطاف : للقصيدتين أسلوب خلع عليهما جواً شعرياً مميزاً غير متكلف على غير مانراه عند بعض شعراء الغرام في تكلف العواطف شعر فيه من سجية البداوة وبراءتها ولون الحضارة الجديدة.