غضون
قدر الشائعة أنها تخمد في النهاية أن يثبت عكسها .. قبل نحو شهرين نشرت وسائل الإعلام الحكومية خبراً مفاده أن رئيس الجمهورية الذي عاد إلى البلاد بعد زيارة عمل إلى اسبانيا وبلجيكا دخل إلى مستشفى في العاصمة لإجراء بعض الفحوصات .. والخبر عادي فكل الزعماء يمرضون ويجرون فحوصات .. والخبر عادي أيضاً لأن رئيس الجمهورية أجرى فحوصات اعتيادية ولو كان يعاني من مرض خطير لكان دخل إلى مستشفى في أسبانيا أو بلجيكا ، ولا يعقل أن يترك المستشفيات المتطورة هناك ويرجع إلى صنعاء ليدخل مستشفى يمنيا أقل تطوراً وكفاءة .. عموماً تلقفت صحف معارضة وأهلية ذلك الخبر الرسمي أو الحكومي وبنت عليه شائعة بل شائعات عن تدهور صحة الرئيس، وتداولت أخباراً تمويهية محملة بأماني أشد كراهة وكأن أصحابها يتعاملون مع عدو وليس مع رئيس دولتهم ، رغم أن مثل هذه الشائعات ذات خطورة على الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي والأنشطة السياسية الاقتصادية ، فشائعات تبنتها صحف مصرية أقل أهمية بشأن سوء الوضع الصحي للرئيس مبارك ، أدت إلى محاكمة تلك الصحف وإدانتها بنشر معلومات غير صحيحة أولاً ثم بإدانتها بارتكاب جريمة جسيمة بحق الأمن القومي .. وبالمناسبة أورد هذا الشاهد من مصر ليس من باب التحريض على الصحف اليمنية التي تروج شائعة أقوى في بلادنا ، بل من باب التنبيه أن الشائعة التي موضوعها رئيس جمهورية ليست شأنا عادياً وعابراً ولعبة مسلية .. الغريب في الأمر أنه منذ اليوم التالي لدخول الرئيس إلى المستشفى في العاصمة وحتى الآن والصحف تروج للشائعة نفسها بطريقة مريبة ، رغم أن رئيس الجمهورية منذ خروجه من المستشفى وحتى أمس يمارس نشاطات رسمية في الداخل والخارج وهو في كامل الصحة والعافية .. فلماذا تصر هذه الصحف على الاستمرار في تسويق الشائعة ذاتها ؟ لا أريد أن أقرأ في قلوب القائمين على تلك الصحف ، ولكن بعد ظهور كل الدلائل التي تؤكد عدم صحة الشائعة، فان استمرار تلك الصحف في تسويقها يعني لي وللقراء شيئاً واحداً هو أن هذه الصحف قليلة المصداقية وغير موثوق بها في كل ماتقوله أو تنشره ، بل إن استمرارها في ترويج واقعة ثبت للجمهور عدم وقوعها يجعلها محل سخرية وازدراء .