مجلس الشورى السعودي طالب بخصخصة الأندية
الرياض/ محمد القناصبدأت السعودية رسمياً في اتخاذ خطوات نحو خصخصة الأندية السعودية بعد مرور ما يزيد على 6 سنوات من إعلان الرئاسة العامة لرعاية الشباب (المؤسسة الرياضية في السعودية) توجهها نحو دخول الأندية في عالم الخصخصة وتحولها من جهات قائمة على تمويل حكومي إلى كيانات تجارية، كما هو الحال في الأندية الأوروبية التي تملك أسهماً في البورصات المحلية في دولها.وتدرّ الأندية العالمية ملايين الدولارات شهرياً من خلال استثمارات تقوم عليها شركات متخصصة تملك أسهماً في الأندية، مقابل تقديم الدعم المادي لهذه الكيانات الرياضية، ما يسهم في عملية تطويرها واستمراريتها، وهذا الحال ينطبق على الأندية الأوروبية التي يملك أسهمها عدد من الشركات والمستثمرين ومشجعي هذه الأندية، ما يدعو الشركات المستثمرة إلى عقد صفقات مع هذه الأندية في مقابل عقود إعلانية واستثمارية طويلة الأجل.وارتفعت أصوات المطالبين بخصخصة الأندية السعودية في السنوات الأخيرة التي شهدت دخول عدد من الشركات (وتحديداً شركات الاتصالات) في عملية الاستثمار الرياضي السعودي، إذ وصلت بعض عقود الشراكة «الجزئية» إلى ما يزيد على 60 مليون ريال سعودي، الأمر الذي يتعارض مع وجود عدد كبير جداً من الشركات العاملة في قطاعات البتروكيماويات والبنوك والتي يهمها الاستثمار في الرياضة على اعتبار أنها تكوّن جزءاً كبيراً من ثقافة الشعب السعودي. وكان مجلس الشورى السعودي طالب بالإسراع في تنفيذ مشروع خصخصة الأندية أكثر من مرة، كان آخرها في اجتماعه بنائب الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل لمناقشة التقرير المالي للجهة الأولى المسؤولة عن الشباب والرياضة في السعودية نهاية العام الماضي.وبحسب ما ذكرت مصادر فقد تم الانتهاء من الدراسات النهائية للمشروع قبل أشهر، وهو الآن موجود لدى المجلس الاقتصادي الأعلى الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين، وذلك لإقراره ووضع خطة العمل به. [c1] هروب رجال الأعمال إلى الخارج[/c]ولوحظ في الفترة الماضية توجّه عدد من رجال الأعمال السعوديين نحو الاستثمار في الأندية الأوروبية، خصوصاً في إنكلترا، وكان آخرهم علي الفرج الذي قرر أخيراً بيع حصته في فريق بورتسموث الإنكليزي لأحد رجال الأعمال من هونغ كونغ، وهو الذي كان قد اشترى 90% من أسهم النادي من رجل الأعمال الإماراتي سليمان الفهيم. ويرى بعض المراقبين أن من ثمار الخصخصة الخروج من عباءة أعضاء الشرف الداعمين الذين لا يقرون في الغالب بمصلحة أخرى تخالف مصالحهم المادية، وهم الذين يتدخلون كثيراً في قرارات إدارات الأندية والتي لا يتم معارضتها على اعتبار أن هؤلاء الداعمين هم مصادر الدخل الكبرى للأندية، فضلاً عن أن الخصخصة ستجعل هناك الكثير من الآراء بدلاً من رأي أحادي يتحكم به أعضاء الشرف الداعمون، الذين دخل معظمهم الوسط الرياضي حباً في الظهور وبحثاً عن الوجاهة الشعبية.كما أن الخصخصة ستسهم في إعطاء الأندية ذات الدخل المحدود فرصة أكبر للصعود، وإعطائها استقلالية أكبر عن مجالس أعضاء الشرف، والأوصياء الذين يقايضون دعمهم بالمواقف التي تتبناها إدارات الأندية.وينشط في الرياضة السعودية 153 نادياً تشكل الحركة الرياضية، في البلد الذي يقطنه 25 مليون نسمة، أكثر من 60% منهم شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة. ويوجد في السعودية أندية مثل الهلال والنصر والاتحاد والأهلي والشباب تمتلك شعبية جماهيرية جارفة تقدر بالملايين ليس في السعودية فقط بل وفي الوطن العربي أيضاً، ما يجعل الاستثمار فيها مربحاً.وكانت هيئة دوري المحترفين علقت الجرس في مجال بيع منتجات الأندية السعودية، وقامت بإنشاء متجر إلكتروني تقدم من خلاله عدداً من المنتجات التي تحمل شعارات الأندية، كما ذكرت في تقرير لها أن هذه المنتجات باتت مطلوبة في أنحاء العالم، إذ تم طلب بعضها في بريطانيا وأمريكا وباكستان. [c1]مصير حتمي[/c]ويرى عدد من الخبراء أن الخصخصة لم تعد خياراً بل هي مصير حتمي ستؤول إليه الرياضة السعودية عاجلا أم آجلا, والأهم أن تكون مستعدة لهذه المرحلة الجديدة ولذا يجب التدرج في العمل للوصول لمرحلة الخصخصة، وطالبوا بأن يتم إعادة إعانات الأندية لوضعها السابق بل وزيادتها في المرحلة الأولى، حتى تتمكن الأندية من العمل على تطوير إمكاناتها، كما شددوا على مضاعفة عائدات النقل التلفزيوني للمباريات فضلاً عن تفعيل الاستثمار في الأندية ودعمه بحفظ الحقوق التجارية لها، وهي الخطوة التي بدأت أخيراً في المجال الرياضي.ويقترح خبراء أن يتم التدرج في طريق الخصخصة بالبدء ببعض الأندية والألعاب، كما ناشدوا أن تتم الاستفادة من الاتفاقات الثنائية مع الاتحادات الأوروبية. [c1] الجريسي: الخصخصة تخضع لمعايير[/c]ويؤكد رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض عبدالرحمن الجريسي لـ»العربية.نت» أن تطوير الرياضة السعودية سيكون نتيجة حتمية لتطوير استثمارات الأندية، ويضيف «من غير شك أن أنديتنا الرياضية في حاجة إلى فتح قنوات جديدة ومبتكرة وملائمة يرتضيها المجتمع وتتلاءم مع قيمه وتوجهاته من أجل تطوير وتعزيز وتنمية مواردها المالية لتسهم في الارتقاء بالحركة الرياضية السعودية في مختلف أنشطتها وفروعها، وهي بالفعل قادرة على تحقيق ذلك. أما قرار تخصيص الأندية فهو خاضع لكثير من المعايير ذات البعد الاقتصادي، وعادة مثل هذه الأمور تحتاج إلى وقت طويل فهي استثمار استراتيجي وله أبعاد مختلفة تحتاج لوقت ليس بقصير، إضافة إلى الحاجة الماسة إلى أنظمة وتشريعات قانونية واضحة تساند هذا التوجه».ويواصل عضو لجنة تطوير الرياضة السعودية إبان رئاسة الراحل الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز لها، الحديث عن المراحل المنتظرة لخصخصة الأندية، ويقول: «رفع الكفاءة الاستثمارية للأندية الرياضية ودخولها في مشاريع لتحسين مواردها المالية، يتطلب تغييرات هيكلية في الآليات والفكر الإداري لها، لتختلف بشكل جوهري عن الآليات التي يتم بها إدارة الأندية حالياً، فينبغي أن تستقطب الأندية خبراء اقتصاديين ومتخصصين محترفين لدخول النادي في قنوات استثمارية، انطلاقاً من كون الاستثمار لغة اقتصادية متخصصة يتحدث بها متخصصون، وباعتبارها صناعة تتطلب وعياً من أقطابها وصناعها بمفرداتها وحرفياتها وأدبياتها كأي صناعة أخرى»، مضيفاً «قد تكون المشاريع الاستثمارية التي تدخلها الأندية قريبة من الأنشطة الرياضية، وقد تكون بعيدة كل البعد عن النشاط الرياضي، لكن القرار يخضع للدراسة من ذوي الاختصاص، ومن المهم الاطلاع على تجارب الآخرين الذين سبقونا في هذا المجال». [c1] الراشد: الشفافية مطلوبة[/c]ويشدد رئيس الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، عبدالرحمن الراشد، على أهمية وجود الشفافية في الأندية الرياضية حتى يتم نجاح مشروع خصخصتها، ويقول: «إذا لم يكن أمراً واضحاً ومنظماً وفيه شفافية في التعامل سيكون هناك فوضى، ولن ينجح هذا المشروع»، مضيفاً «عملية تحويل الأندية الرياضية إلى كيانات تجارية ليست بالسهولة التي يتوقعها الكثيرون، وهي بحاجة إلى سنوات طويلة ليتم هذا المشروع، فضلاً عن أن ما ينطبق على ناد ليس بالضرورة منطبقاً على الآخر. هناك ثقافة التعامل مع الأندية من ناحية تجارية صرفة، وأن لها الحق في استغلال الامتيازات التي لديها. هذا تطور في أوروبا ليس بين يوم وليلة، وإنما نتيجة تجارب طويلة. هناك مراحل لابد أن تمر بها، وهناك تشريعات لابد من اعتمادها».وأكد الراشد الذي يشغل في الوقت ذاته منصب رئيس هيئة أعضاء الشرف بنادي الاتفاق السعودي أن الاستثمار في الرياضة يعد صناعة واعدة، واصفاً ما تقوم به شركات الاتصالات في الوقت الحالي بأنه «إعلان وليس استثماراً»، وقال: «شركات الاتصالات تستخدم الأندية لنشر رسالتها التسويقية. أصبحت هذه الأندية أشبه بالمنافذ التي توفر لها شريحة أكبر من العملاء الذين يستفيدون من عروضها»، مواصلاً «لو عدنا بالذاكرة إلى الوراء، لوجدنا أن بعض الشركات كانت تقدم تبرعات للأندية مقابل وضع شعارات هذه الشركات على قمصان الأندية. هو ليس إعلاناً بقدر ما هو من باب رد الجميل من النادي للشركة. نحن نريد لهذه الثقافة أن تتغير، وأن تدخل شركات جديدة إلى مجال التسويق خصوصاً تلك التي تمتّ إلى قطاع الشباب بصلة».