قصة قصيرة
منصور نور ما كان لأحلامه أن تنبت أو تزهر،إلا من مستنقعات المياه الآسنة،وهكذا ارتضى لنفسه أن يعيش ويكبر،مستغلاً مظهره واسمه الذي اختارته إحدى صديقات أمه..قادته نظرته السوداوية إلى سؤال نفسه،لماذا لا أكون مثل أولئك الذين يملكون تحقيق ما يريدون من بيت واسع،وسيارة حديثة،وأموال تغنيه عن الاقتراض أو العوز هو وأولاده؟! كان ينتقي ويختار ضحاياه..بهدوء،ويظهر رقته أمامهم،أو انكساره تارة أخرى،لينتزع عطفهم عليه أو الإشفاق على حياته البائسة خاصة من أولئك الذين يطمحون إلى أن تكون أسماؤهم لامعة ولا يهم إن كان بريقها من منشور زجاجي أو بلورة ماسيه.ذات مرة كانت ضحيته من الصنف الذي يريد أن يكون اسماً في محافل الشعر والفنون لامتلاكه (الموهبة) المتواضعة،وعندما تهيأت الفرصة الكبرى له،مد شبكته بمهارة الصياد على ضحيته التي وثقت به وأظهرت الاستسلام له...وفي إحدى المرات طلب منها مبلغاً من المال، لينفقه في علاج أهله واستبدال هاتفه (الحجر) بآخر حديث ولما كانت ضحيته من النوارس المهاجرة،أوكلت وكيل أعمالها تسليم مبلغ عشرة آلاف ريال لصديقها،وجرى التسليم بتكتم شديد. عقب عودة الضحية من رحلة الاغتراب،اكتشفت أن المال الذي أمرت بصرفه لإعانة (صديقها) سلم له بغير العملة المحلية المتداولة في تلك المدينة وتضاعفت قيمته خمسين مرة(10,000×50) ويا(خراب البيوت والجيوب)(قالتها) بإنفعال شديد... لم تنتظر الضحية صباح اليوم التالي،بل أسرعت تقود سيارتها، مصطحبة وكيل أعمالها نحو منزل(صديقها) وهي تقذف حمم الغضب ومفردات السب عليهما التي لم تألف الضحية التفوه بها بتاتاً..لكنها عادت أدراجها بعد مقابلة(صديقها) مغلوبة لا غالبة بعد رفض الأخير أعادة المال الذي فاق ما طلبه من ضحيته التي اشتمت رائحة المكيدة والغدر،ولربما دبرت بذكاء بين (خيانة)،و(خسة) صديقها،عادت الضحية بنفس مقهورة واجتمعت في صدرها براكين عدن السبعة،وهي تفور..كلما تذكرت كلمات (صديقها) وهي تسقط كلمة..كلمة..قطرة..قطرة كماء النار في أذنيها:لست مسؤولاً عن خطأ ارتكبه غيري،وأشكر الله أن المبلغ لم يكن باليورو أو الدولار!وفي اليوم التالي رأته المدينة مع وجه جديد،وقد تحول (الصديق) إلى ضحية في رحلة أخرى،إلى مستنقع أكثر قذارة،لتحقيق نزواته- أحلامه بكبرياء- الإنكسار أمام مرآته- وظل المهانة تحت أقدامه.