لسنا بحال من الأحوال ضد أن يعبر الناس عن ما أمكن من فسح الفرح في حياتنا التي خنقتها كوابيس الهموم الحياتية والمعيشية، لكننا في الوقت نفسه ضد أن تتحول هذه الطقوس الفرائحية إلى كوابيس أخرى تضاف إلى ما يطفح به الواقع من الكوابيس والفجائع.لقد أصبح الناس اليوم لا يضعون لمقدار فرحهم من معيار سوى مدى ما أحدثه هذا الفرح من الفزع والإزعاج للآخرين، فتمادى ـ بالتالي ـ أصحاب الجاه والمال إلى حد إسكات الأفواه والأجهزة المختصة، أو تنويمها، أو تعطيل حواسها من سمع وبصر، وحمل مدن بحالها على رؤوسهم، وفرض أحوال التعطيل على حياتهم في حرائق من الإقلاق للحواس سواء باستعمال الأسلحة والذخائر الحية، أو باستعمال الطماش، والطماش شديد الانفجار كما هو حال المحتفلين ليلة السبت المنصرم.هؤلاء المحتفلون لم يسلكوا الطريق المعروفة لتعطيل حواس المختصين، وأرادوا أن يفرحوا بحمل مدينة التواهي على قرون الشيطان، وبالمجان، دون مراعاة لأحوال الناس، ولا لمراد المختصين، فمنعوا حسب القانون والنظام، وبشدة، ولأن حمران العيون لا يعجزون، و”ما فيش فوضوي أحسن من فوضوي” فقد تواصلت الجهود لإدامة الفرح، وتنفيذه حسب ما هو مقرر له مسبقاً.ولما كان المختصون أيضاً من “حمران العيون” فقد منعوا هذا الفرح من الاستمرار على منواله، وحتى وقت متأخر “الثالثة والنصف فجراً” فما كان من جماعة المحتفلين سوى تفجير ما بقي من “الطماش شديد الانفجار والإزعاج” وفي حينه لتقوم مدينة التواهي مذعورة مقهورة، دون ذنب ولا جناية.فيا أهل الاختصاص، متى يحترم القانون، ويقف الناس أمامه سواسية كأسنان المشط؟ ومتى يعرف الناس حدود الفرح التي تضمن عدم تحوله إلى ترح؟ لقد بلغ السيل الزبى، ومن كثرة ما صبرنا، ضقنا بالصبر.
أخبار متعلقة