الأصوليون المتشددون في حزبي (المؤتمر) و(الإصلاح) يستخدمون العصي والأيدي واللكمات والأحذية ضد مؤيدي مشروع قانون يمنع تزويج الطفلة الصغيرة ومفاخذة الرضيعة
قالوا أن منع تزويج الأنثى بعد ولادتها مخالف للشريعة بحسب فهمهم لها
بعض ضحايا زواج القاصرات في اليمن
صنعاء/ متابعات / سبأ: أثارت المادة (15) من قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بتحديد سن الزواج أمس مواجهات عنيفة بين مؤيدي مشروع قانون تقدمت به الحكومة بهدف تحديد سن آمنة للزواج ومنع اباحة تزويج الصغيرة ومفاخذة الرضيعة، وبين النواب المتشددين الذين يقدسون وجهات نظر وآراء بعض الفقهاء الاسلاف الذين كانوا يبيحون نكاح الاطفال الإناث والتمتع بهن بعد ولادتهن إذا تم ذلك عن طريق عقد زواج شرعي بين الزوج وولي الطفلة الصغيرة أو الرضيعة.وقد شهدت جلسة مجلس النواب يوم أمس مواجهات أعقبت موجة من الملاسنة الكلامية بين النواب على خلفية طلب رئيس الجلسة (حمير الأحمر) من النائب (عبد الملك الوزير) قراءة تقرير لجنة الشريعة الإسلامية بشأن ما توصلت إليه حول مداولتها للمادة سالفة الذكر. النائب الإصلاحي (شوقي القاضي) وقف أمس في مواجهة النائب المؤتمري (أحمد عبدالرزاق الرقيحي) الذي رأى أن المادة (15) طال الخلاف فيها وعلى المجلس الحسم فيها على ضوء تقرير لجنة تقنين الشريعة الإسلامية في المجلس، موضحا أن اللجنة ليس لها أي غرض من المادة سوى الاقتداء بسنة رسول الله وتطبيق نصوص الدستور التي تشترط أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً لكل التشريعات في البلد، وان القانون المدني لا يجيز تأجيل مادة النص التشريعي فيها صريح ومدعومة بالآيات القرآنية.واعتبر الرقيحي تحديد سن الزواج من الولادة إلى سن الـ18 مخالفة لنصوص الشريعة، مشيرا إلى أن اللجنة استندت إلى الأدلة الشرعية في نصوص الفقهاء الاسلاف، وأن من يأخذون بالرأي الآخر ليس لهم اية مرجعية عدا القوانين الوضعية والاتفاقيات الدولية بحسب تعبيره .. في حين وقف النائب (شوقي القاضي) يتلقى سيلاً من التأنيب من زميله النائب الإصلاحي (عبدالله العديني) الذي كان يشير إلى أن حديث القاضي “حديث جاهل” بحسب العديني.من جانبه طالب النائب شوقي القاضي بمناقشة هذه المسألة الخلافية بعيدا عن التكفير “وألا يعتقد كل طرف بأنه الممثل الوحيد لموضوع الشريعة، وأن الآخرين لا يبالون بأحكام الشريعة” مستشهدا بآراء بعض الفقهاء المعاصرين مثل ابن عثيمين والقرضاوي بشأن تحديد سن الزواج، مطالبا بأن لا يتضمن النقاش اتهاماً للآخرين بالكفر وأن لا يستخدم الإرهاب الفكري”.مخاوف النائبين (سلطان البركاني) ونائب رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية (زيد الشامي) في بداية طرح الموضوع للنقاش من أن تعمل مناقشة المادة على انقسام جديد في البرلمان كانت تعكس التوتر الحاصل بين المؤيدين والمعارضين في القاعة بشأن المادة.فالبركاني رئيس الكثلة البرلمانية في المؤتمر الشعبي العام رفع نقطة نظام على قيام النائب المؤتمري (عبد الملك الوزير) إلى منصة المجلس وبيده تقرير لجنة تقنين الشريعة بشأن سن الزواج، مشيرا إلى أن الوقت غير مناسب لتقسيم المجلس، مطالبا في الوقت ذاته بترحيل القضية إلى الدورة القادمة، ووافقه في ذلك النائب الاصلاحي (زيد الشامي) مع اشتراط الأخير أن ترحل المادة إلى أجل غير مسمى.البركاني قال إن الأغلبية ستؤيد مشروع القانون، الأمر الذي أدى إلى تغير موافقة الشامي بالتنازل عن مقترحه بإلغاء المادة من أساسها لصالح مقترح النائب (الرقيحي) بسرعة البت فيها على ضوء تقرير لجنة الشريعة، وقد حظي الأخير بتزكية النائب (ناصر عرمان) الذي أشار إلى أن الوسطية تستدعي تجنب الخلاف . النائب المؤتمري علي العمراني قال إن المجلس ليس بحاجة للاختلاف من جديد مبديا تأييده لسن الـ(18). ووسط التلاسن حمل بعض النواب المتشددين عصيهم وأحذيتهم ووجهوا لكماتهم إلى وجوه معارضيهم من انصار مشروع القانون الذي يحدد سن الزواج ويمنع اباحة تزويج الطفلة الصغيرة ومفاخذة الرضيعة. وفيما كان النواب يتدخلون لفض النزاع، هرع من منتصف القاعة النائب الاصلاحي محمد الحزمي ، ووجه لكمة للبركاني صدها النائب الزهيري مما اضطر رئيس الجلسة إلى رفع الجلسة لعشر دقائق أعقبها مناقشة مشروع قانون المناجم والمحاجر بانتظار تهيئة أجواء مرنة لمناقشة المادة رغم مطالبة البركاني بإنزال المادة للتصويت عليها (اليوم).الى ذلك أكدت وزيرة حقوق الإنسان الدكتورة هدى البان أن الشرع الإسلامي صريح في مسألة تحديد سن الزواج الآمنة لما يترتب عنه من مشاكل صحية للأم والطفل .جاء ذلك في اللقاء البرلماني لمناقشة تحديد سن الزواج الآمنة الذي نظمته أمس بصنعاء الشبكة اليمنية لمناهضة العنف ضد المرأة (شيماء) ممثلة باللجنة الوطنية للمرأة عضو الشبكة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بمشاركة عدد من المهتمين من المنظمات المدنية والمؤسسات ذات العلاقة.وقالت الوزيرة البان:» إن الزواج المبكر يعرض الفتاة الصغيرة للخطر خاصة عندما تكون غير مستعدة بيولوجيا ونفسيا لتحمل مسؤولية الأمومة».وأضافت :» من المحتمل أن تلد الفتاة طفلها قبل الأوان وينتهي بها الأمر إلى أن تكون أماً غير متعلمة أو تنال قسطا بسيطا من التعليم، لتكون غير مستعدة لمتابعة حملها في عيادة طبية» .وأشارت إلى أن هناك عدداً من الدراسات بينت أن الأمهات اللائي أعمارهن أقل من 18 سنة أكثر عرضة للوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة .وقالت :» هناك رأي يطالب بعدم تحديد سن الزواج ونحن نحترم هذا الرأي لكننا لا نؤيده باعتباره رأيا اجتهاديا لا يستند إلى مرجعية دينية «.من جانبها أكدت نائب رئيس اللجنة الوطنية للمرأة حورية مشهور الحرص على تحديد السن للزواج ، ما تعود فائدته على المجتمع وتستطيع الفتاة إكمال تعليمها ونضجها وبنيتها الجسدية .ودعت مشهور مجلس النواب إلى استكمال مناقشة قانون تحديد سن الزواج وإخراجه على أرض الواقع بما يكفل للفتاة حقوقها صحيا ونفسيا وتربويا وتعليميا وثقافيا واجتماعيا .وشددت على ضرورة التنسيق بين اللجنة الوطنية للمرأة والمنظمات المدنية خاصة الشبكة اليمنية لمناهضة العنف ضد المرأة (شيماء) لتوعية المجتمع بحقوق الإنسان عموما وحقوق المرأة على وجه الخصوص.عقب ذلك قُدمت خلال اللقاء ثلاث أوراق عمل تضمنت الورقة الأولى التي قدمها الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين، (تحديد سن الزواج دراسة فقهية قانونية مقارنة) .وتناول شجاع الدين في ورقته تعريف الزواج في اللغة والفقه والقانون والحكمة من الزواج في الفقه الإسلامي والقانون اليمني وحقوق الزوجين وواجباتهما ومضار الزواج المبكر وتحديد سن الزواج في الفقه والقانون.فيما استعرض الدكتور نجيب سعيد غانم في ورقته المخاطر الصحية المحتملة الناشئة من الحمل المبكر في أوساط الفتيات صغيرات السن في اليمن وما تشكله من خطورة على الأم والجنين ومخاطر الوفاة عند الأمهات الصغيرات .وقال :» إن ظاهرة الحمل المبكر للفتيات صغيرات السن لابد أن تعامل بقلق بالغ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار عواقب الظاهرة على صحة الأمهات والمواليد ناقصي الوزن وانعكاساتها على أوضاع الأم الاجتماعية والنفسية».وتناولت الورقة الثالثة التي قدمها محمود الصلوي الزواج المبكر في اليمن وأثره على تسرب الفتيات من التعليم وأهمية تعليم الفتاة لتكون أم المستقبل وعماد الأسرة الصالحة .وتطرق الصلوي إلى أسباب ودوافع الزواج المبكر والآثار المترتبة عنه وانتشار الأمية واتساع رقعة الفقر والتسرب من التعليم وغياب التعليم والعنف ضد المرأة القاصر الذي تعاني منه المرأة في كل دول العالم.