صباح الخير
محمد علي صالح من أين يبدأ المرء حديثة عن المشهد الراهن للمنطقة ؟! وكيف ينبغي أن تكون الملامسة لوقائع ومجريات الأحداث والتطورات والاعتمالات التي تجرى هنا وهناك وعلى أكثر من صعيد ؟! عندما يجد نفسه محاصراً من جميع الاتجاهات بكم من الأخطار وبحزمة من المخاوف ، ويعيش تحت سقف الأزمات والحروب وفي فوهة الاحتراق ودائرة الاشتعال وبين فكي وأنياب الاحتلال والحصار القاتل والعقوبات الجائرة .. وهدفاً ووقوداً لآلة العنف والدمار الشامل وساحة وأرضية لحروب القرن المتعددة الجنسيات ؟!! وماذا بوسع المرء أن يقول عندما يكون في ذلك التموضع والتقاطع الحاد للتهديدات والمخاطر؟ . هل بمقدوره أن يتحرك أو يذهب بعيداً للبحث عن إجابة على الأسئلة المتعلقة بالمصير وأسماع صوته إلى كافة الإرجاء وإعلامهم بحقائق وخفايا الأمور التي كتب علينا أن نعيشها تحت هذا الزمان العجيب؟ ولا أريد في هذا التناول الذهاب بعيداً في قراءة وتحليل المشهد الراهن الذي تشكلت ملامحه وارتسمت صورته في حياتنا العربية وعلى الأرض بمخالب القوة وأذرع الاحتلال واستخدام أحدث وسائل وأدوات الفتك والدمار الشامل على امتداد الحقب الاستعمارية المتلاحقة !!ولا أريد أن أغوص عميقاً وانكأ جراحات ومتاعب الأزمنة الماضية وتقليب الآهات والتفاصيل المؤرقة والموجعة في حياتنا ، ولا أريد الحديث عن الخلاقات والعداوات المزمنة التي استبدت بنا وشكلت في مجملها إرثاً وعبئاً ثقيلاً على كاهل وذاكرة ووعي الأمة لأنها سوف تمنعنا من الذهاب ‘إلى الامام للبحث عن مدى أفق للحلم .ويهمنا في هذا التناول أن نضع الحقائق في سياقها وبعدها ، والأمساك بمفصل التحدي وجذر الاشتعال للازمات .. الذي نستطيع خلاله فهم وادراك المخاطر المحدقة بحاضر ومستقبل أمتنا العربية ، ويمكننا من خلاله إيقاف التسييل للهوية والاستئثار بثروات وخيرات الأمة ووضع حد للنهب والتدمير لتراثنا وتاريخنا الحضاري والإنساني وحتى يتسنى لنا وقف ذلك التدهور والانحطاط الذي أصاب الأمة .. وإبعاد شبح المخاطر وإعادة الأمل إلى النفوس وإيقاد جذوة الأحلام من جديد وبث الدفء في روح و جسد الأمة ، وزرع الابتسامة والفرحة على شفاه أجيالنا لكي نتمكن من تحظي الأزمات وتجاوز العثرات والانطلاق نحو المستقبل بثقة وعزيمه صلبة . ومن الأهمية بمكان القول إن ذلك المشهد الذي تتشكل وترسم ملامحه في حياتنا ووعينا في كل لحظة يختزل أكثر من بعد ومعنى وتدخل في صناعته وتركيبته كافة محددات وعناصر القوة اللازمة لفرض الهيمنة على مقدرات وحياة الدول والأمم الأخرى .. وهو أيضاً مرادف لأخطار متعددة يراد من خلالها الذهاب بنا إلى حافة الهاوية وإننا الآن نقف على مفترق طرق ونعيش لحظة مفصلية في التاريخ .. وينبغي علينا حسم أمرنا دون تردد وتحديد ماذا نريد ؟! وماذا يتوجب أن يكون بعد الإجابة عن سؤال التحديات والمخاطر المحدقة بالمصير .